ما بين عامي 1980و1988، تابع العالم عن كثب وقائع الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت بعد أشهر عن حصول صدام حسين على مقاليد الحكم المطلق بالعراق ونجاح الثورة الإيرانية التي أطاحت بنظام محمد رضا بهلوي، وأسفرت عن تربع الخميني على عرش السلطة بإيران.
وفي خضم هذه الحرب العراقية الإيرانية، آوت إيران العديد من الجمعيات العراقية الشيعية المتطرفة كحزب الدعوة الإسلامية الذي فرّ قادته نحو إيران بعد تضييق صدام حسين الخناق عليهم. ومستغلا حالة الانفلات الأمني الذي عاش على وقعه لبنان أثناء الحرب الأهلية، لم يتردد حزب الدعوة، بدعم من إيران، في استهداف السفارة العراقية ببيروت عام 1981 متسببا في سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
حزب الدعوة
مستغلا نجاح الثورة الإيرانية وصعود الخميني، لم يتردد حزب الدعوة الإسلامية، المناهض لحزب البعث العراقي، في اعتماد العنف ضد المسؤولين العراقيين الموالين لصدام حسين. ومنذ العام 1979، قاد حزب الدعوة العديد من الهجمات الدامية ضد بعض المسؤولين بحزب البعث العراقي. وخلال شهر نيسان/أبريل 1980، قاد حزب الدعوة محاولة اغتيال فاشلة ضد نائب رئيس الوزراء، المقرب من صدام حسين، طارق عزيز. وكرد على ذلك، شنت السلطات العراقية حملة أمنية واسعة ضد مسؤولي حزب الدعوة. وخلال شهر نيسان/أبريل 1980، أدت العمليات الأمنية التي قادتها القوات العراقية لإعدام محمد باقر الصدر الذي صنف كأهم مؤسسي حزب الدعوة.
وأمام هذا الوضع، فرّ عدد كبير من قادة حزب الدعوة نحو إيران. وبالحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت خلال شهر أيلول/سبتمبر 1980، قاد حزب الدعوة، بدعم من إيران، العديد من العمليات ضد المصالح العراقية داخل وخارج العراق.
تفجير السفارة
إلى ذلك، تحول الدبلوماسيون العراقيون لهدف لقوات حزب الدعوة في خضم الحرب الأهلية اللبنانية. فخلال شهر شباط/فبراير 1981، اغتيل الدبلوماسي العراقي محمد علي خضير عباس ومرافقه غرب العاصمة بيروت. وبسبب حالة الانفلات الأمني، لم تتمكن السلطات اللبنانية من تحديد الفاعل بشكل واضح.
وبعدها بعشرة أشهر فقط، اهتزت العاصمة اللبنانية بيروت يوم 15 كانون الأول/ديسمبر 1981 على وقع حادثة تفجير السفارة العراقية. فاعتمادا على شاحنة مفخخة، هاجم انتحاري لقّب بأبو مريم، تابع لحزب الدعوة، السفارة العراقية بشاحنة مفخخة قيل إنها جهّزت بنحو 100 كلغ من المتفجرات. وقد أسفر هذا التفجير عن نسف السفارة وأدى لمقتل 61 شخصا وإصابة أكثر من 100 آخرين. وحسب التقارير، تواجد ضمن القتلى السفير العراقي ببيروت عبد الرزاق لفتة.
وضمن قائمة الضحايا، تواجدت بلقيس الراوي زوجة الشاعر العراقي نزار قبّاني حيث عملت الأخيرة بتلك الفترة بالملحقية الثقافية بالسفارة العراقية ببيروت. وعقب هذه الواقعة، أصيب قبّاني بالاكتئاب واتجه لتأليف إحدى أطول قصائده في رثاء زوجته العراقية بلقيس.
وعلى الرغم من عدم تحديد مسؤولين مباشرين عن تدبير عملية التفجير، ظهرت خلال السنوات الأخيرة بعض التقارير التي تحدثت عن وجود دور لرئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي في التخطيط لتفجير سفارة العراق ببيروت عام 1981.