أبرمت الولايات المتحدة الأميركية مع إيران صفقة تبادل للسجناء، بعد مفاوضات سرية استمرت أشهرًا بوساطة قطرية، وكُشف الشهر الماضي عن بوادرها.
ففي أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الجمهورية الإسلامية عن إخلاء سبيل عدد من السجناء الإيرانيين الذين يحملون الجنسية الأميركية، ووضعتهم في الإقامة الجبرية، ما فُسر حينها أنه بداية لصفقة محتملة.
وتضمن الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ بداية الأسبوع الحالي، الإفراج عن 5 أميركيين هم بالحقيقة من أصول إيرانية، مقابل 5 إيرانيين كانوا في سجون الولايات المتحدة.
من هم الأميركيون الخمسة؟
أفرجت إيران بموجب الصفقة عن رجل الأعمال سيامك نمازي الذي يبلغ من العمر 51 عامًا، والذي احتجز في طهران عام 2016، وأدين بتهم تتعلق بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.
كما أخلي سبيل رجل الأعمال عماد شرقي البالغ 58 عامًا، والذي أدين أيضًا بتهمة التجسس عام 2020، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.
وخرج من السجون الإيرانية أيضًا الناشط البيئي مراد طهباز البالغ من العمر 67 عامًا، والذي يحمل أيضًا الجنسية البريطانية، حيث اعتقل عام 2018، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة الحشد والتآمر ضد الأمن القومي الإيراني، والتجسس لصالح الولايات المتحدة.
وإضافة لهؤلاء، أخلي سبيل سجينين آخرين لم تُعلن أسماؤهما.
سجناء إيرانيون في الولايات المتحدة
في 18 من الشهر الحالي دخل الاتفاق حيز التنفيذ، وتم الإفراج عن السجناء الخمسة الذين غادروا طهران إلى الدوحة على متن طائرة قطرية رفقة السفير القطري في إيران.
مقابل ذلك أيضًا تم الإفراج عن خمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة كانوا يواجهون عقوبات أو اتهامات بسيطة مقارنة بتلك التي طالت الأميركيين في طهران.
لكن ثمرة الاتفاق الحقيقية بالنسبة لإيران كانت بالإفراج عن 6 مليارات دولار من أصول طهران المجمدة في بنوك كوريا الجنوبية.
وهذه الأموال والتي كانت بالعملة الكورية الجنوبية، حولت إلى اليورو، وسيتم الاحتفاظ بها داخل حسابات في قطر على أن تستخدم في الإنفاق على الأغراض الإنسانية، وهذا يشمل الطعام والدواء وهي بالأصل أمور مسموحة في ظل العقوبات الأميركية.
وهذه الصفقة ليست الأولى بين واشنطن وطهران، إذ جرى تبادل السجناء بين البلدين عام 2016 في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وفي عام 2019 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، أي بعد عام واحد فقط من خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
علاقة طهران وواشنطن بعد صفقة تبادل السجناء
وفتحت هذه الخطوة مجال التساؤل حول علاقة طهران وواشنطن بعد هذا الاتفاق.
وفي الإجابة عن ذلك، ظهرت تحليلات رأت في الصراع الأميركي الإيراني عقدة من الصعب أن تحل بين يوم وآخر، إذ إن تاريخ البلدين الحافل بالصراعات والخلافات يكمن في تسجيل الثغرات والمناوشات حتى اليوم، ولا سيما بعد الموقف الإيراني من الحرب الأوكرانية والدعم الذي تقدمه لروسيا في هذا الصراع.
وفي محاولة الإجابة على التكهنات، رأى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الإفراج عن الأموال الإيرانية استثناء يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، وهو بحسب قوله لا يعد تغيرًا في الموقف تجاه طهران أو ملفها النووي.
كلام بلينكن يقابله كلام جمهوري من الداخل الأميركي، رأى في الصفقة الأخيرة فدية لمواطنين أميركيين يمكن أن تستخدمها إيران في تمويل برنامجها النووي أو دعم الفصائل المسلحة في دول مثل العراق ولبنان واليمن.
وعليه، يمكن توصيف الصفقة الأخيرة بين طهران وواشنطن بالاستراحة البسيطة في خضم الحرب الطويلة.
وقد لا تبدو للبعض استراحة، إذ تتزامن مع عقوبات دولية جديدة على طهران، خصوصًا من جانب الخزانة الأميركية التي فرضت عقوبات على 29 فردًا وكيانًا على صلة بالاحتجاجات في إيران في أعقاب مقتل مهسا أميني.
وبالتالي، فإن ما يجري من تطورات على صعيد علاقات واشنطن وطهران ما هو إلا حجز لأموال مقابل الإفراج عن أخرى، واستكمال لسلسلة الصراعات الأميركية الإيرانية، بحسب كثيرين.