نفذت الولايات المتحدة، ليلة الأحد- الإثنين، جولة جديدة من الغارات الجوية على مقار تستخدمها إيران ووكلاؤها في شرقي سوريا وذلك رداً على سلسلة الهجمات الأخيرة التي استهدفت القوات الأميركية بحسب ما أعلنه مسؤولون في البنتاغون قبل نحو أسبوع.
كما أعلن المسؤولون بأن الغارات قتلت أو جرحت عدداً غير معروف من الأشخاص الذين كانوا في تلك المواقع على أغلب الظن.
تعتبر هذه الغارات الجوية بمنزلة تصعيد من إدارة بايدن التي سبق أن نفذت سلسلتين من الغارات التي تهدف لردع الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في سوريا والعراق بحسب ما ذكره المسؤولون، وأضافوا بأن هذه الغارات تسببت بعدد غير معروف من الإصابات.
مساء يوم الأحد، أغارت طائرة حربية من نوع إف-15 إي تابعة لسلاح الجو الأميركي على عدة مبان في مدينة البوكمال، وهذه الأبنية تستخدم للتدريب وللأمور اللوجستية ولتخزين الذخيرة، بالإضافة إلى إغارتها على بيت آمن في مدينة الميادين كان يستخدم كمقر للقيادة بحسب ما ذكره المسؤولون الأميركيون.
وقد أتت تلك الغارات بعد أربعة أيام فقط على استهداف طائرات حربية أميركية لمستودع للذخيرة في شرقي سوريا، كما نفذت سلسلة أخرى من الغارات الانتقامية الأميركية يوم 27 تشرين الأول الماضي.
تخوف من قيام حرب إقليمية
ولكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، رفض الرئيس الأميركي بايدن اللجوء إلى مزيد من خيارات القصف الأعنف التي اقترحها البنتاغون بدافع الخوف من إثارة نزاع أكبر مع إيران.
بيد أن معارضيه من الحزب الجمهوري في الكونغرس ومعهم لفيف من المناصرين لاستخدام القوة الجوية تحدثوا عن ردة الفعل المحدودة التي أبداها البيت الأبيض والتي وجدوا بأنها تسببت بتكرر الهجمات الخطيرة على القوات الأميركية في المنطقة إلى حد كبير.
رفض مسؤولون في البنتاغون وإدارة بايدن الانتقادات الموجهة لهم يوم الأحد، وقالوا بأن الهدف من آخر سلسلة من الغارات الأميركية هو قطع أنشطة الميليشيات وتعريض عساكرهم للخطر، وليس فقط استهداف أسلحتهم أو مقارهم.
وفي بيان أصدره خلال جولته في آسيا، ذكر وزير الدفاع، لويد ج. أوستن، بأنه: “ليس لدى الرئيس أولوية أهم من أمن الجنود الأميركيين، ولهذا استعان بالإجراء الذي اتخذه اليوم ليوضح بأن الولايات المتحدة سوف تدافع عن نفسها وعن جنودها ومصالحها”. وفي مؤتمر صحفي عُقد في سيؤول يوم الإثنين الماضي، كرر وزير الدفاع الأميركي ما قاله بالنسبة لرغبة الولايات المتحدة بمواصلة فعل ما يلزم لحماية جنودها.
من جانبهم، أعلن مسؤولون في البنتاغون بأن أقل من عشرة أشخاص من الميليشيا المدعومة إيرانياً كانوا موجودين في المقار التي قصفتها الولايات المتحدة يوم الأحد، ومن المرجح أن عدداً محدوداً منهم قد قتل أو أصيب خلال الهجوم. ولم يتمكن المحللون الأميركيون من تقديم تقديرات أكثر دقة حول الضحايا.
كما أعلن البنتاغون يوم الأحد الماضي عن تعرض القوات الأميركية في سوريا والعراق لما لا يقل عن 48 هجمة منذ 17 تشرين الأول، تسببت بإصابة 56 جندياً أميركياً على أقل تقدير، ونصف هذا العدد من الجنود أصيبوا بأذية دماغية نتيجة الصدمة، كما اضطرت القيادة الأميركية لنقل اثنين منهم بالطائرة إلى مشفى لنداشتول العسكري بألمانيا ليتلقوا المعالجة هناك.
ذكر أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ2500 جندي في العراق و900 في سوريا، وذلك ليساعدوا القوات في كلا البلدين على محاربة فلول تنظيم الدولة، بيد أن الولايات المتحدة وجهت أصولها العسكرية إلى الشرق الأوسط منذ الهجوم المباغت الذي نفذته حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول، وذلك لتحاول منع قيام حرب إقليمية بوسعها أن تجر القوات الأميركية لنزاع مع وكلاء إيران في لبنان واليمن والعراق وسوريا.
منذ ذلك الحين نشرت الولايات المتحدة حاملة طائرة شرقي البحر المتوسط بالقرب من إسرائيل، وقد غادرت حاملة طائرات أخرى منذ فترة قريبة البحر الأحمر ومتوجهة نحو بحر العرب. كما أرسل البنتاغون العشرات من الطائرات الحربية إلى منطقة الخليج، فضلاً عن نشره بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ وغيرها من الدفاعات الجوية وذلك في دول الخليج، بهدف حماية القوات والقواعد الأميركية في المنطقة.
نجحت الدفاعات الجوية الأميركية حتى الآن في القضاء على التهديدات التي يتعرض لها الجنود الأميركيون، بيد أن المسؤولين العسكريين الأميركيين يرون بأن الحظ كان حليفاً للجنود بما أن أحداً منهم لم يقتل منذ أن زادت وتيرة الهجمات التي تستهدفهم.
وعن ذلك تحدثت دانا سترول أمام لجنة مجلس النواب خلال الأسبوع الماضي، وهي أرفع مسؤولة في البنتاغون معنية بالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، فقالت: “من الواضح تماماً بأن إيران والجماعات التابعة لها يصعدون ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا، ولدينا تحت تصرفنا مجموعة من الخيارات لندافع عن أنفسنا”.