يُعتبر لودريان من الخبراء الديبلوماسيين في الشؤون اللبنانية، ويتمتع بعلاقات معروفة مع معظم الفرقاء السياسيين، وكان أول من وضع أصبعه على البداية الصحيحة لخريطة الإنقاذ، عندما كان وزيراً للخارجية الفرنسية، حين رفع الصوت عالياً: ساعدوا أنفسكم يا لبنانيين حتى نستطيع مساعدتكم.
ومن الطبيعي أن لا يغيب عن بال الموفد الرئاسي الفرنسي، أن رئيسه جاء إلى لبنان مرتين خلال شهر واحد، بعد كارثة مرفأ بيروت، وحدد للقيادات السياسية والحزبية التي التقاها في قصر الصنوبر مسار الإنقاذ والخروج السريع من دوامة الأزمة قبل أن تتفاقم، وتصل إلى ما وصلت إليه من إنهيارات، ولكنه لم يلقَ غير الوعود الخادعة، ولم يحصد سوى الصدمات وخيبات الأمل، من أداء الساسة الذين يعملون لمصالحهم الفئوية والأنانية، ويدوسون على مصالح بلدهم وشعبهم، غير مبالين بحجم معاناة هذا الشعب المنكوب.
كما أنه من البديهي أن يكون لودريان قد درس أسباب الفشل الذريع، الذي أصاب جهود زملائه في الأليزية المنوط بهم ملف الأزمة اللبنانية، ليتجنب الوقوع في المطبات التي قذفتهم خارج المسرح اللبناني، وفتحت له الطريق ليكون موفداً شخصياً للرئيس، علّه يستطيع مسح أخطاء الفريق الثلاثي، الذي ورّط بلاده في أكثر من إشكالية في معارج الأزمة اللبنانية.
ولكن يبدو أن أكثر من عقبة خارجية تعترض نجاح الموفد الفرنسي، إلى الصعوبات الداخلية، ظهرت طلائعها في «النيران الصديقة» التي أطلقتها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيّا في خطابها الوداعي في حفل عيد الإستقلال الأميركي، حيث أعادت التذكير بمواصفات الرئيس العتيد للبنان وفق مواصفات البيان الثلاثي الأميركي ــ السعودي ـ الفرنسي، والذي خرجت عنه مبادرة باريس، مما يوحي بأن «عدوى» الخلافات وصلت إلى إجتماعات اللقاء الخماسي.
ألا تجعل تلك المعطيات إمكانية نجاح لودريان مهمة مستحيلة؟