دمرت الأزمة الاقتصادية نظام الرعاية الصحية اللبناني. لكن وزير الصحة فراس الأبيض أكد أن هذا القطاع يستعد الآن لاحتمال نشوب صراع مع إسرائيل أوسع ومدمر.
وتبادل الجيش الإسرائيلي وجماعة حزب الله اللبنانية القوية الضربات منذ اندلاع حرب غزة الحالية. لكن التوترات تصاعدت منذ أن اغتالت إسرائيل قائدا كبيرا في حزب الله الشهر الماضي بغارة في إحدى ضواحي بيروت، وبعد أن تعهد حزب الله بالرد.
وقال كريم شهيب في تقرير لوكالة أسوشيتد برس إن حكومة تصريف الأعمال اللبنانية تحاول من جهتها الاستعداد للأسوأ بموازنة هشة وبرلمان منقسم انقساما شديدا ودون رئيس، وذلك عبر مناورات دبلوماسية لخفض التصعيد.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال “كان على النظام الصحي اللبناني التكيف مع أزمات متعددة”. وأكد أن مرافق الرعاية الصحية تخفض التكاليف عن طريق الحفاظ على المخزون عند الحد الأدنى بما يترك بعض الدعم لحالات الطوارئ.
وتكفي المستلزمات الطبية وكميات الأدوية لما يصل إلى أربعة أشهر. ويأمل الأبيض ألا تندلع حرب أوسع في نهاية المطاف. وتابع أن “أفضل ما نريده هو أن يتضح أن كل هذا غير ضروري”.
ودُمّر نظام غزة الصحي الداخلي. وقال الأبيض إن السلطات الصحية اللبنانية تأخذ احتمال استهداف المستشفيات في صراع أوسع “على محمل الجد”. وأكّد مقتل حوالي عشرين مسعفا وعاملا في مجال الرعاية الصحية في جنوب لبنان بالفعل نتيجة للغارات الإسرائيلية.
وكان من بين هؤلاء مسعفون من مجموعات طبية تابعة لحزب الله والجماعات المتحالفة معه التي سدّت الثغرات في المناطق ذات الخدمات الحكومية المحدودة. واستهدفت الضربات الإسرائيلية عمق لبنان خلال الأسابيع الأخيرة. وهزت الانفجارات الصوتية التي خلقتها الطائرات الحربية بكسر حاجز الصوت بيروت. وأصبح جزء كبير من المنطقة الحدودية تحت الأنقاض.
واشتهر القطاع الصحي في الدولة المتوسطية ذات يوم بكونه من الأفضل في المنطقة. لكن لبنان واجه أزمات متزايدة منذ 2019، بما في ذلك الأزمة المالية الناتجة عن عقود من الفساد وسوء الإدارة.
وتشمل التحديات الأخرى التي واجهها لبنان جائحة كوفيد – 19 وانفجار مرفأ بيروت في 2020 الذي قوّض أو دمر البنية التحتية الرئيسية للرعاية الصحية وتراجع المساعدات الدولية المخصصة لمساعدة البلاد على استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري.
وكانت المستشفيات اللبنانية في 2021 على حافة الانهيار. وكافحت لإبقاء الإنارة ومجابهة النقص في الأدوية. وقال الأبيض إن القطاع الصحي أظهر مرونة من قبل، ويأمل أن يتكرر ذلك.
وذكّر بأن النظام الصحي تمكن من استيعاب ما يزيد عن 6 آلاف ضحية في غضون 12 ساعة إثر انفجار المرفأ. وأكد تصميم هذا القطاع على توفير الرعاية اللازمة لكل من يحتاجها. لكن المرونة قد لا تكون كافية لتلبية حاجيات البلد المضطرب وسكانه البالغ عددهم 6 ملايين نسمة. وتركت الأزمة المالية المؤسسات الحكومية تدين بالفضل للمنظمات الإنسانية التي دعمتها ماليا وبالإمدادات التي احتاجتها.
وتلقت وزارة الصحة خلال الأسبوع الماضي 32 طنا من المساعدات الطبية الطارئة من منظمة الصحة العالمية. لكن وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية اضطرت إلى إعادة تخصيص الأموال من الجهد الحالي لدعم حوالي 100 ألف شخص فروا من جنوب لبنان منذ اندلاع الحرب الحالية في غزة.
وقال الأبيض إن بعض القضايا تبقى خارجة عن سيطرة الوزارة، ويشمل ذلك تأمين الوقود للكهرباء والبنزين لسيارات الإسعاف، ودعم حوالي 800 ألف لاجئ سوري مسجل لدى الأمم المتحدة في البلاد.