لا نخال أن ذهاب رئيس الحكومة والوزراء إلى الصرح الصيفي للبطريركية المارونية، قد أقنع سيّد الصرح بالتخفيف من إنتقاداته الساخنة في عظات الأحد، سيّما وأننا على أعتاب ذكرى إنتقال السيدة العذراء، بكل ما تعنيه هذه المناسبة من نقاوة في الإيمان، وتضحية من أجل الحق والإنسان.
لقد بقي صوت البطريرك عالياً في خضم الأزمات والإنهيارات التي يتخبط فيها لبنان منذ أكثر من خمس سنوات، وخاصة في الفترة الأخيرة من عهد العماد عون، وإنفجار مرفأ بيروت الزلزالي، وما تلاها من شغور في رئاسة الجمهورية.
ومواقف بكركي معروفة من السلطة المستهترة بتطبيق الدستور، والتي لا تُعير القوانين المرعية الإلتزام اللازم، والعاجزة عن وقف التدهور المرعب، والمشاركة في عمليات النهب والهدر والمحاصصة التي أفلست البلد، وأفقرت الشعب، وراحت تتفرج على مآسي الناس، وكأنها ليست هي المسؤولة عن تخفيف المعاناة، وإيجاد الحلول، وإتخاذ الإجراءات الكفيلة لوضع الدولة على مسار الإصلاح.
غبطة البطريرك يدرك أكثر من غيره أنه لا يستطيع أن يؤمن الغطاء المسيحي اللازم للحكومة الميقاتية، في ظل المقاطعة المسيحية الواسعة لها، وغياب الكتل والأحزاب المسيحية الأساسية عن المشاركة فيها، بعد تمسك التيار العوني بغياب وزرائه عن إجتماعات السراي، سواء جلسات مجلس الوزراء، أم اللقاءات الدورية التي يعقدها ميقاتي مع الوزراء، فضلاً عن إستمرار معارضة القوات والكتائب.
كما أن وجود نصف الحكومة في بهو الديمان الكبير لن يُغيّر نظرة مجلس المطارنة للسلطة الفاسدة، والتي تتجدد إدانتها في كل بيان يصدر عن اللقاءات الدورية لأعلى مرجعية كنسية في لبنان.
يبدو واضحاً على ضوء تلك المعطيات الواقعية، أن رئيس الحكومة والوزراء عادوا خاليي الوفاض من الديمان..، على طريقة المثل الشعبي المعروف: «تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي».