تحولت المواجهات الجارية مع إسرائيل في الجنوب اللبناني إلى عبء ثقيل على قيادة حزب الله، بالنظر لحجم الخسائر التي تكبدها الحزب على مدار الأشهر التسعة الماضية، وفي ظل مخاوف من إمكانية اتساع نطاق المواجهات وتحولها إلى حرب شاملة ستكتب إن وقعت نهاية الحزب اللبناني الموالي لإيران.
وتجد قيادة حزب الله نفسها في مأزق حيث أنها لا تستطيع وقف التصعيد طالما ليست هناك تهدئة في قطاع غزة، كما أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى وقوع المحظور، وتعتبر القيادة أن الحل الواقعي هو مضي حركة حماس في صفقة حتى وإن كانت منقوصة وتتضمن تنازلات لإسرائيل.
وأكد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأربعاء دعم موقف حركة حماس في المفاوضات الجارية مع إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مكرراً أن التوصل الى اتفاق سينهي فوراً هجمات حزبه من جنوب لبنان.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر في قطاع غزة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود بشكل شبه يومي. وتزداد حدته تبعاً للمواقف أو عند استهداف إسرائيل لقياديين ميدانيين.
وقال نصرالله خلال حفل تأبين لقيادي بارز قتل الأسبوع الماضي بضربة إسرائيلية في جنوب لبنان “تفاوض حماس عن نفسها وبالنيابة عن الفصائل الفلسطينية وأيضا بالنيابة عن كل محور المقاومة. وما تقبل به حماس نقبل به جميعا ونرضى به جميعا”.
وأضاف “لا نطلب أن ينسقوا معنا لأن المعركة بالدرجة الأولى هي معركتهم”، وذلك بعد أيام من استقباله وفداً من حماس برئاسة خليل الحية جرى خلاله التباحث في “آخر مستجدات المفاوضات”، وفق بيان للحزب الجمعة.
ومنذ الأحد، سجّل تغيير في موقف حماس من المفاوضات، بعيد إعلان أحد مسؤوليها أن الحركة لم تعد تشترط أن تقبل إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار لبدء التفاوض على هدنة وإطلاق سراح الرهائن، في حين تصرّ إسرائيل على أنها لن تقبل بأي اتفاق لا يمكّنها من مواصلة القتال وتحقيق هدفها المتمثل بالقضاء على حماس.
وجاءت مواقف نصرالله في وقت يتوجّه مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ديفيد برنيع الأربعاء إلى الدوحة للبحث في سبل التوصل الى هدنة، وفق مصدر مطلع على المفاوضات.
وكرر نصرالله التأكيد أنه “إذا حصل اتفاق على وقف إطلاق النار وكلنا يأمل ذلك (…) ستوقف جبهتنا إطلاق النار بلا نقاش، بمعزل عن أي اتفاق أو آليات أو مفاوضات”.
ومنذ بدء التصعيد، يعلن حزب الله قصف مواقع عسكرية وتجمعات جنود وأجهزة تجسس في الجانب الإسرائيلي “دعماً” لغزة و”إسناداً لمقاومتها”، بينما تردّ اسرائيل باستهداف ما تصفه بأنه “بنى تحتية” تابعة لحزب الله وتحركات مقاتليه.
ورداً على تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن الجيش سيواصل القتال في جبهة الشمال حتى لو تم التوصل الى وقف لإطلاق نار في غزة، أكد نصرالله “اننا لن نتسامح أبداً مع أي اعتداء يمكن أن يقدم عليه العدو الاسرائيلي تجاه لبنان إذا حصل وقف اطلاق نار في غزة”، وإن كان الأمر “مستبعداً جداً” بحسب تعبيره.
وأوضح نصرالله أن مطالبة مسؤولين اسرائيليين بإبعاد مقاتلي حزبه الله لعشرة كيلومترات من الحدود “لا تحل” مشكلة الإسرائيلي لأنه “في مأزق” و”لا خيارات” لديه في الجبهة اللبنانية.
وشدّد على أن “المقاومة التي تطلق مئات الصواريخ وعشرات المسيّرات في يوم واحد على أهداف حساسة في الشمال وفي عمق 30 و35 كيلومترا وفي الجولان، رسالتها أنها لا تخشى الحرب وليس لديها أي قلق من الذهاب الى أي خيار”.
ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، قتل 499 شخصاً على الأقل في لبنان، بينهم 95 مدنياً و329 مقاتلاً من حزب الله، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 29 شخصاً.