صدى الارز

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

«ميني انتفاضة» تستدرج تفاهماً قبل تشكيل الحكومة

بمقاطعتهما الاستشاراتِ النيابية غير المُلْزِمة التي بدأها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام، أمس، ولكن من دون أن «يَقْطعا» معه ولا مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، لم يعبّر رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» عن استياءٍ أبْدياه «بالفم الملآن» وخلْف الأبواب المغلَقة على ما اعتبراه «كميناً» و«خديعة»أفضتْ الى الارتداد على ما قالا إنه تَفاهُم كان قائماً على عودة نجيب ميقاتي الى رئاسة الوزراء، بقدر ما أنهما يسعيان إلى استدراجِ اتفاقٍ على ما يشبه«كتابِ ضماناتٍ»بنفس المواصفاتِ التي يؤكدان أنها رافقتْ انضمامهما إلى مؤيّدي انتخاب قائد الجيش على رأس الدولة في جلسة 9 يناير وإكمالهما النصاب العددي لوصوله.

«ميني انتفاضة»

وبمعزلٍ عن اعتبار البعض أن قيادةَ بري حركة الاعتراض على ما وصفه الثنائي الشيعي بأنه أقرب إلى انقلابٍ سياسي على مسارٍ كاملٍ طَمْأنه إلى«القفز» مع موجة الضغط الخارجي الكبيرة في اتجاه انتخاب العماد جوزف عون، هي بهدف احتواءِ غضبة «حزب الله» وتَفادي أي تعبيراتٍ عنها قد ترتدّ على مجمل المرحلة الجديدة التي يصعب فرملة اندفاعتها، وتالياً أن رئيس البرلمان سيعمد في نهاية المطاف وبعد «عض أصابع» إلى «التقاط اللحظة» قبل أن «يفوتَ القطارُ»، فإن أوساطاً مطلعة ترى أن الـ «ميني انتفاضة» من الثنائي تعبّر في عمقها عن مأزق وَجَدَ نفسه فيه محاصَراً بحجم هائلٍ من التحولاتِ الإقليمية التي سرعان ما صارت لها إسقاطات محلية وبات معها غير قادر على التقدّم بخطواتٍ من زمن الفرْض بوهج فائض القوة ولا على التراجع بما قد يشجّع على المزيد من قضم نفوذه المتآكل.

«القفل والمفتاح»

وفي حين تتوقف الأوساط عند ثاني مشهدية في أقل من 48 ساعة يَظْهر فيه بري و«حزب الله» وحيديْن بلا أي «ظهير» داخلي، حيث تفرّق حلفاؤه المفترضون عنه يوم تسمية سلام، ترى أنه ليس سهلاً على زعيمَ حركة «أمل» (بري) الذي تحوّل منذ 1992«القفل والمفتاح» في المشهد اللبناني والذي كان حتى الأمس القريب يفاوض واشنطن وعواصم القرار حول ملفاتٍ إستراتيجية أن يعايش مرحلةً تُطبخ فيها خياراتٌ بلعبةٍ داخلية لم تخلُ من مناوراتٍ من دون أن تكون له القدرة على الشَبْك معها مسبقاً وضمان «مكانة» له فيها، في الوقت الذي يتطلّب الأمر وقتاً للحزب لاستيعاب التحولات المذهلة التي أصبح معها يجاهر بأنه صار في موقع من تُنصب له كمائن ويكتفي برفضها «بهدوء».

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وتشير الأوساط نفسها إلى أن الثنائي الشيعي الذي كان شريكاً في انتخاب رئيس الجمهورية واعتبر أن «شَرْكاً» وُضع له في رئاسة الحكومة، يحاول من خلال مقاطعة استشارات التكليف وحتى عدم حضور بري أمس إلى البرلمان للقاء سلام ثنائياً على ما درجت العادة عند انطلاق مسار التأليف، جرّ الآخرين، ولا سيما عون وسلام، إلى تَفاوضٍ حول المرحلة المقبلة يتناول مجموعة عناوين يقول إنه سبق أن تم التفاهم عليها قبيل انتخاب رئيس الجمهورية وكممرّ لذلك و«طارت» منها عودت ميقاتي الى رئاسة الحكومة.

وتتمحور هذه العناوين المطلوب معاودة «ضمانها» تركيبة الحكومة ووزارة المال (يصر الثنائي على أن تبقى مع المكون الشيعي باعتبارها توفّر له التوقيع الميثاقي في السلطة التنفيذية) وآليات التعيينات وقيادة الجيش، وحدود تطبيق القرار 1701 وحصره بجنوب الليطاني وفق تفسير الثنائي لاتفاق وقف النار، وإعادة الإعمار وعدم ربْطها بهذا الاتفاق وبـ«بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية، كما جاء حرفياً ونص عليه اتفاق الطائف»وفق ما قال الرئيس المكلف في أول الكلام بعد تسميته.

استشارات التأليف

وتلفت هذه الأوساط إلى أن مقاطعةَ الثنائي استشارات التأليف، والتي لن تَمْنَعَ لقاءَ بري مع سلام يوم غد كما أكد رئيس البرلمان أمس، لا تعني أن المقاطعة ستمتدّ حُكْماً إلى الحكومة، وهو ما يبقى رهناً بمآلات الاتصالات الداخلية المستمرّة والتي يدير الجوانب الرئيسية منها رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف، إضافة إلى دخول خارجي على خط منع انزلاق الأمور نحو أزمة سياسية من شأنها تنفيس الزخم الاستثنائي الذي انطلق به العهد الجديد وزادتْه دفعاً تسمية سلام.

على أن الأوساط تعتبر أن الضمانات التي يطلبها الثنائي، ليس بالضرورة أن يكون سلام قادراً على إعطائها أو حتى موافقاً عليها أو بعضها، باعتبار أن ذلك سيعني اختزالاً مسبقاً لمجلس الوزراء وتركيبته وتوازناته، وأن أي تكبيل مبكّر للحكومة ورئيسها بالتزاماتٍ لا يمنحها شخص أو رئيس ستجعله يعبّر عن مرحلةٍ جاء باسم تغييرها، وهو ما يطرح السؤالَ حول المَخْرج الذي من شأنه حفظ ماء وجه الثنائي وطمأنته من دون تهشيم صورة وانطلاقة عهد جديد يتطلّع إليه اللبنانيون والعالم لبدء مساعدة لبنان على الخروج من أزماته.

وتبدي الأوساط اقتناعاً موازياً بأن أي إفراطٍ من الثنائي في الاعتراض سيجعله يساهم في عزل نفسه ومسؤولاً عن إحباط مسار متكامل، مذكّرة بأن البلاد كما المنطقة ليسا اليوم في مرحلة 2006 وما تلاها، وأن الوضع الإقليمي الذي يستند عليه «حزب الله» خصوصاً انقلب رأساً على عقب، وأن إعادة الإعمار تشكل أولويةً لبيئة حاضنة أنهكتْها حربٌ تختبر مآلَ هدنة تنتهي بعد 11 يوماً.

«ضمانات ممكنة»

وتدعو هذه الأوساط لانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة على صعيد الاتصالات، وهل يعود الثنائي للانضمام، بعد أن يأخذ ما يكفي من ضمانات «ممكنة» الى الحكومة وفق التصوّر الذي سيبلوره سلام بالتفاهم مع عون على شكلها وتركيبتها، وهل يمكن تصوُر سيناريو أن تشارك «أمل» في الحكومة وينكفئ «حزب الله»، أم يبقى الفريقان خارجها ويعلنان أنها غير دستورية – ولو سُمّي فيها وزراء شيعة غير معادين أو مستفزّين لهما – ومشوبة بعيب الميثاقية ما يفتح الباب تالياً أمام عدم منحها الثقة في البرلمان وتكرار تجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 2006 وكل القرارات التي صدرت عنها، ولا سيما أن بري يملك مفاتيح التشريع.

وإذ تلفت هذه الأوساط إلى أن السيناريو الثالث تلفحه مخاطر من شأنها أن تصيب حتى الثنائي بوضع نفسه خارج معادلة جديدة في لبنان والمنطقة ناهيك عن الاصطدام بإجماعٍ لبناني عريضٍ، برز كلام الرئيس بري نفسه والذي لم يقطع «الخيط» مع إمكان الربط مع المرحلة الجديدة والإيجابيات المحتملة، إذ قال رداً على سؤال لتلفزيون «ال بي سي آي» حول اذا كانت مقاطعة جلسة الاستشارات هي رسائل للداخل والخارج «لبنان بدّو يمشي»، مؤكداً في الوقت نفسه «لم يحصل الاتصال بيني وبين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كان مقرراً»، علماً أن الأخير يزور بيروت غداً ومن شأن هذه المحطة أن تعطي دفعاً لمسار تبريد الأجواء مع الثنائي الشيعي.

وفي حين أكد بري رداً على إذا سيكون هناك لقاء يجمع سلام بكتلتي أمل والحزب «هيدي فيها إنّ»، قال النائب في كتلته قاسم هاشم «لن نشارك في الاستشارات انطلاقاً من موقف سياسي نتخذه بناء على كل التطورات والمجريات التي حصلت في الاستحقاقات السابقة وهذه استشارات نيابية بروتوكولية وغير ملزمة»لا بتقدم ولا بتأخر، من دون أن يعني ذلك مقاطعة الحكومة والرئيس المكلف، وفموقف الكتلتين هو مبدئي سياسي لتسجيل اعتراض حول خلل ما تم التوافق عليه في شأن التكليف إلا أن الكتلتين ستعملان مع الافرقاء على إخراج لبنان من أزماته والوقوف الى جانب تطلعات وآمال اللبنانيين».

في موازاة ذلك، عبّر اليوم الأول من الاستشارات التي أجراها سلام عن رغبة غالبية الأطراف بتسهيل استيلاد الحكومة، مع تقاطُع وازن على حكومة اختصاصيين أو تقنيين أو أكفاء من غير الحزبيين أو النواب، ويبقى أن تُراعي كيفية المواءمة بين إبعادها عن المحاصصة وعن تحكُّم الكتل أو الأحزاب بالتسميات وبين أن تنال ثقة البرلمان، وسط تأكيدٍ بالصوت العالي لقوى المعارضة على وجوب اعتماد خطاب القسَم للرئيس كبيان وزاري ورفْض أي تكرار لمعادلة جيش وشعب ومقاومة وضرورة تعهد الحكومة حصر السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها بقواها الشرعية على كل الأراضي اللبنانية.

وفي واشنطن، قال الرئيس جو بايدن، إن «لبنان أخيراً أصبح له رئيس جديد غير تابع لحزب الله».

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading