لائحة جديدة من المصروفين انضمت إلى سوق البطالة في لبنان، بعد الأزمتين النقدية والاقتصادية غير المسبوقتين في تاريخ البلاد، واللتين خرجتا إلى العلن بعد احتجاجات أكتوبر 2019.
«ترند الصرف» عاد من جديد إلى القطاع المصرفي، مع لجوء ادارتين عامتين لمصرفين كبيرين إلى صرف كبير في المرحلة الأخيرة، تخطى الـ 200 موظف من كافة الفئات في أحد المصرفين، والـ 100 موظف في المصرف الآخر.
المصرفان أقفلا فروعا عدة كانت منتشرة في أحياء المناطق اللبنانية كافة. وتتشابه حكاية المصروفين الذين أنهت الإدارة العامة في المصرفين عقودهم وحصلت على براءة ذمة منهم، بعد المبادرة إلى دفع تعويضات تتخطى تلك التي قد يحصل عليها الموظف في حال لجوئه إلى المحاكم ومجالس العمل.
بمعدل 18 شهرا، راوحت التعويضات وفقا لسنين الخدمة لكل موظف. الا ان الأوضاع الحالية في البلاد، وتدني قيمة الرواتب، تجعل قيمة التعويضات زهيدة، وتدفع أصحابها إلى عدم أخذ قسط من الراحة، والمبادرة في كل الاتجاهات للحصول على وظيفة، اما «على قد الحال» في البلاد، او «ميسورة» في الخارج، في بلدان الخليج تحديدا.
تحدث مدير أحد الفروع الكبرى في أحد المصرفين المعنيين لـ «الأنباء» عن تجربته الجديدة مع البطالة، وقال: «أعيد أمامكم ما قلته للرئيس المؤسس للمصرف الذي عملت فيه، في مقر الفرع الرئيسي ببيروت، حيث توجهت للتوقيع على استقالتي والموافقة على تعويض نهاية الخدمة، تعويض الصرف. قلت له: بعد 31 سنة أمضيتها في العمل في مصرفكم، أجد نفسي للمرة الأولى مضطرا إلى إعداد سيرة ذاتية وظيفية، لأتمكن عبرها من طلب وظيفة في مرافق أخرى».
وتابع المدير السابق (59 سنة): «بعد إقفال الفرع الذي كنت أديره وكان يلقب بالخزان للمصرف الأم، تم نقلي إلى فرع إقليمي. هناك عملت في وظيفة تحت رتبة المدير، وأبلغت لاحقا باستحالة استمراري، على رغم قبولي العمل تحت أي مسمى وظيفي. وقيل لي: انت مدير ولا تستطيع القيام بعمل برتبة أقل، في المحصلة تلقيت تبليغا شفهيا من المدير الإقليمي بصعوبة استمراري في عملي، ثم وردني اتصال هاتفي من إدارة الموارد البشرية، تبلغت فيه بضرورة توجهي إلى بيروت حيث مقر الفرع الرئيسي للمصرف، للتوقيع على ورقة إنهاء خدماتي. وسبقت موجة الصرف الكبيرة هذه، واحدة في 2020. وتخلل الفترة الفاصلة من 2020 إلى الآن إقفال نصف الفروع المنتشرة في المناطق. علما ان المصارف عادت إلى تحصيل أرباح وعائدات، صحيح انها ليست كالسابق، الا انها بدأت تتفادى الخسائر. وأعطي مثلا عن مصرف كبير لم يصرف أيا من موظفيه ولم يقفل أي فرع له. وقد بادر الآن إلى منح تسليفات لعاملين في شركات كبرى، من قروض خاصة بشراء السيارات وأخرى شخصية، إلى قروض سكنية (…)».
من جهة ثانية، تحدثت سيدة (44 سنة) تعرضت للصرف من مصرف كبير كانت قد انتقلت اليه من مصرف آخر، وقالت لـ «الأنباء»: «ربما أخطأت وأدفع ثمن تركي لمصرف كبير موثوق، وقبولي عرضا وظيفيا أكثر سخاء. في أي حال، تلقيت قرار صرفي في اتصال هاتفي تبلغت فيه اني أمضي يومي الأخير في العمل. قررت أخذ فترة نقاهة لترتيب أموري، ولا أخفي تلقي عروضا عدة للعمل سواء في مصارف أخرى او مستشارة مالية في شركات كبرى. وأدرس توسيع العمل الخاص بزوجي».
تبقى الإشارة إلى ان معدل العمر يلعب دورا سلبيا في الغالب، وقليل الإيجابية مع أصحابه.
أحوال موظفي المصارف تتشابه مع موظفي القطاعات العامة وبعض الشركات الخاصة في لبنان. ويتكرر السؤال: ما العمل؟ فيما يأمل كثيرون ان تكون الأزمة مرحلية، وان يتمكنوا من عبورها بأقل الخسائر.