صدى الارز

مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

من التوقيتين … مسيحيو لبنان انتفضوا و وجهوا رسائلهم … لبنان من دوننا يموت !!

شهدت الأيام القليلة الماضية اشكالية جديدة بين اللبنانيين تبدو في الظاهر لمن ينظر اليها بسطحية مشكلة سخيفة و لا تستحق كل ما جرى فما حقيقة ما حصل و لما كل تلك الضجة التي أثيرت حول موضوع كهذا ؟

ينقسم موضوع القرار الذي اتخذه فجأة الرئيسين بري و ميقاتي حول تعديل التوقيت في لبنان الى شقين ، تقني و طائفي :

أولاً – سنبدأ بالحديث و بإيجاز عن الشق التقني :

من المتعارف عليه أن التوقيت في العالم يرتبط بشكل مباشر بخوادم ( سيرفرات) ، تلك الخوادم التي تدور حولها و من خلالها كل عجلة العمل الدولي ( اقتصاد – تربية – صحة ، الخ ..) خاصة بعد تحول الكرة الأرضية في العقود الثلاث المنصرمة بشكل كلي نحو النظم الرقمية و ربط كل شيء بها ..

ما حصل أن قراراً كهذا يتطلب تطبيقه إن اتخذ شهوراً من العمل و التبليغات حتى تستطيع الشركات تفعيله تقنيا ، تلك الخطوات التي تبدأ أولاً بتبيلغ المؤسسات الدولية المعنية ، صاحبة الخوادم الأساسية بهذا التبديل لتتمكن من خلق نطاق جديد خاص بلبنان و تعميمه و هذا امر معقد و ليس بالسهولة السير به بسرعة كما يعتقد البعض ..

كي لا نغوص اكثر بالتفاصيل التقنية و باختصار ، فإن اي قرار عشوائي من هذا النوع كما حصل عندنا سيؤدي عملياً حتى لو لم يقصد اصحابه الى إخراجنا من المنظومة الدولية المرتبطة مباشرة بتلك الخوادم و توقيتها العالمي و سيُحدث بالتالي تداعيات كارثية على قطاعات أساسية كالطيران و المصارف و الاتصالات و غيرها و التي يستحيل عليها تغيير توقيتها في هذه الفترة الزمنية القصيرة و التأقلم مع هكذا قرار .

ثانياً في الموضوع الطائفي اللبناني :

من المتعارف عليه تاريخياً في لبنان اننا نعيش في نظام تشارك بين الطوائف اللبنانية كافة و أن أ ي قرار يجب ان يتخذ فعليا بالتشاور بين مختلف الأطراف لا بالفرض ، فحتى في مرحلة الوصاية السورية و ضرب الوجود المسيحي في لبنان حافظت تلك الوصاية على شكل صوري للمشاركة المسيحية من خلال “نفخ أحجام” توابعها المسيحيين و تسليمهم مراكز طائفتهم في الدولة ليكونوا غطاءً مقبولاً لكل ما جرى ، فما الذي تغير ليُقْدِم الرئيس نبيه بري عبر الرئيس ميقاتي على خطوة مستهجنة كهذه و يحاول فرضها بالقوة على مسيحيي لبنان ؟؟

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

مما لا شك فيه أن الرئيس بري اراد من وراء هذه الخطوة الاستعراضية و التي ترافقت مع تسريب مقطع الفيديو الاستفزازي توجيه عدة وسائل :

أولاً – اراد تصفية حساباته مع التيار الوطني الحر شريكه السابق في السلطة و القول له انه أصبح خارج اللعبة اليوم و أنه هو أي بري أصبح المتحكم الفعلي بكل شيء .

ثانياً اراد توجيه رسالة للسياديبن المسيحيبن و القول لهم أنهم هم ( الثنائي الشيعي )الحاكمين الفعليين للبنان  و أن ما يقررانه سيطبق على الجميع و لا يمكن لأحد الاعتراض عليه ..

الرسالة الثالثة و هي الأهم : اراد من خلال ذلك الاستعراض المسرحي القول أن الطائفة السنية أصبحت في مكان آخر و انه هو من يتخذ القرارات بالنيابة عن ممثليها و بالتالي على الجميع التحدث معه فيما يخص الشؤون الاسلامية في لبنان ، و الا كيف نفسر الفيديو المسرب و الذي يظهر رئيس الحكومة ( ممثل السنة في لبنان ) بموقع المتلقي للتعليمات و المنفذ لها لا أكثر و لا أقل …

المفاجأة كانت بردة الفعل المسيحية العنيفة و الشاملة التي حصلت و التي ربما اراد من خلالها المسيحيون و على رأسهم الكنيسة المارونية توجيه الرسائل المباشرة لمن يعنيهم الأمر و قول مجموعة من الأمور :

أهم تلك الأمور اراد المسيحيون القول للجميع انهم لم يموتوا في لبنان و انهم ما زالوا يمسكون حتى اليوم بالعصب الأساسي للكيان اللبناني من خلال مؤسساتهم الضخمة المنتشرة في كل لبنان .

فعلى سبيل المثال لا الحصر الكل يعرف حجم و تأثير المؤسسات التربوية المسيحية على المجتمع اللبناني و الكل يدرك أن اغلب الطلاب اللبنانيبن يتلقون التعليم في تلك المؤسسات و حين تلتزم تلك الصروح التربوية بقرار تغيير التوقيت ستلزم معها أغلب الباقين به ، نفس الأمر بمكن تطبيقه على القطاع الصحي و الإعلامي و غيرهم الكثير .

اراد المسيحيون بعد كل ما حصل و من خلال موضوع التوقيت استعراض قوتهم و القول للجميع انهم ما زالوا العصب الأساسي للجمهورية اللبنانية و بإمكانهم ان قرروا شلَّ البلد عندما يعترضون على قرار ما و يرفضون تطبيقه .

تخيلوا لو قرر مسيحيو لبنان مثلاً تعميم ما حصل في موضوع التوقيت على أمور أخرى كالضرائب ، ماذا سيحصل للدولة المنهارة عندنا و ماذا سيفعل الرئيس بري و حلفائه وقتها ؟؟

كل التقارير المعنية تُجمع أن المناطق المسيحية تدفع وحدها حوالي ال ٧٠٪؜ من الفاتورة الضريبية في لبنان فماذا ستفعل الدولة آن اعطت الكنائس توجيهاتها لرعاياها بالقيام بالعصيان و الامتناع عن الدفع و من سيعوض تلك الخسائر لدولتنا المنهارة ؟؟

المسيحيون في لبنان  اعترضوا اليوم ووجهوا رسالة أولية للجميع عسى ان يلتقطوها … هم يقولون و بشكل مباشر و دون مواربة ، نحن عصب الجمهورية اللبنانية التي و من دونننا و دون مؤسساتنا و مجتمعنا تنهار و بالتالي لا يمكن لأحد مهما علا شأنه ان يعزلنا أو يتخذ قرارات فوقية و يحاول فرضها بالقوة علينا ، فخياراتنا كثيرة تبدأ من العصيان الذي سيتسبب بتدمير كل ما تبقى و لا تنتهي بالفدرالية و ربما ما أبعد منها أيضاً …

ربما سيتراجع الثنائي بري-ميقاتي في الأيام المقبلة عن قرارهم العشوائي و حتما سيجدون التخريجة المناسبة على طريقة لا يموت الديب و لا يفنى الغنم و لكن ما حصل قد حصل و انتفاضة المسيحيين على واقع فُرِض عليهم منذ ما بعد انتهاء الحرب حتى اليوم بدأت و هي لن تتوقف ، فهل من عاقل في لبنان يستدرك كل ذلك و يعمل على تطبيق الدستور بالمشاركة الفعلية ام سننتهي بالانفصال و ذهاب كل منا في طريقه مع ما لذلك من تداعيات خطرة على الجميع ؟؟؟ وحدها الأيام كفيلة بالإجابة عن كل شيء .

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading