صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

منصة لمكافحة تحول لبنان إلى واحة لتبييض الأموال

بقلم : طوني بولس - تعتمد على نظام مقاصة محلي غير مرتبط بالبنوك المراسلة ومراقبون: ستحرمنا من رقابة النظام المصرفي العالمي

مع اتساع نطاق الاقتصاد النقدي في لبنان، وتجاوزه نسبة 70 إلى 75 في المئة من التعاملات، وتماشياً مع الفرصة الأخيرة لمدة سنة التي أعطيت للبنان من قبل مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) قبل إدراجه على اللائحة الرمادية في شأن مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الناجمة عن اتساع اقتصاد “الكاش” غير القابل للضبط، أصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً يحاول من خلاله توجيه التعاملات النقدية إلى مصرفية، لكبح شبهات تبييض الأموال التي باتت تهدد سمعة البلاد.

دخل التعميم رقم 165 الصادر عن المصرف المركزي حيز التنفيذ، ويتضمن إجراءات لضبط الاقتصاد النقدي عبر إنشاء منصة جديدة تتيح فتح حسابات نقدية بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي في البنوك، على أن تحصّل لاحقاً على شيكات مصرفية مدموغة بكلمة Fresh باللون الأخضر، وتكون محصورة لإجراء العمليات المتعلقة بمقاصة الشيكات والتحويلات الإلكترونية الخاصة بالأموال النقدية.

يحظى إجراء المصرف المركزي بتغطية مسبقة من قبل الحكومة، من خلال قرار سابق قضى بالطلب من مصرف لبنان اتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لإلزام البنوك بمنح عملائها حرية التصرف بالأموال الجديدة والالتزام بسقف السحوبات المتاحة للمودعين سحباً أو تحويلاً.

معايير دولية

في الوقت الذي لقي القرار ترحيباً واسعاً من أوساط اقتصادية مؤسسات مالية دولية، كونه يخفف من التداول النقدي ويعيد الرقابة من خلال المصارف على التحويلات وبالتالي يلجم عمليات تبييض الأموال، فإنه في المقابل أثار انتقادات واسعة في أوساط المودعين المحتجزة أموالهم منذ عام 2019، إذ برأيهم أن هذا التعميم يميز بين الأموال القديمة والأموال الحديثة، وكأنه يحمل في مضمونه إلغاء وشطباً لتلك الأموال.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وفق المعلومات فإن جميع البنوك انضمت إلى المنصة الجديدة، وأبدت كل إيجابية في التعامل من خلالها. وأكدت أنها ستراعي القوانين والمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال، ولن تسمح للمودعين بإيداع أموالهم النقدية من دون تبرير مصدرها، وكذلك لن يستطيع الأشخاص المدرجة أسماؤهم على لوائح العقوبات الدولية الولوج للنظام المصرفي الدولي عبر البنوك اللبنانية.

وفق المتخصص في الامتثال ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بشير النقيب، فإن الإجراء الجديد وتشدد البنوك بالمعاير يشكل لجماً لحركة تبييض الأموال التي نشطت نتيجة اتساع الاقتصاد النقدي، مشيراً أنه في عام 2021 تلقت الهيئة، التي تعتبر الأساس في نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان، 404 حالات متعلقة بهذه الجرائم، 130 منها من مصادر أجنبية و274 من مصادر محلية، مما يعكس مخاطر اختراق النظام المالي العالمي انطلاقاً من لبنان.

شيكات وبطاقات ائتمان

في هذا الإطار، أوضح كبير الاقتصاديين في مجموعة “بنك بيبلوس” نسيب غبريل، أن التعميم 165 يعكس توجه الاقتصاد اللبناني باتجاه التعاملات غير النقدية، سواء على المستوى الفردي أو بين الشركات، حيث كان يتم تداول مبالغ كبيرة جداً بالليرة اللبنانية وحملها بالحقائب والصناديق، وبالتالي فإنه يؤسس لمقاصة “شيكات” بالدولار والليرة اللبنانية لتجنب حمل الدولارات في كل معاملة.

وتوقع أن يقلص التعميم التداولات التجارية بين الشركات بالكاش ويتيح خيارات بديلة، إذ تستطيع الشركات إيداع دولاراتها كحساب في المصرف، وتحولها من خلال المصارف المراسلة إلى حساب آخر في لبنان، كما يؤسس لاستخدام وسائل دفع كالشيكات في البداية، ومن ثم عودة بطاقات الائتمان.

وحول التمييز بين الأموال القديمة والجديدة، أكد غبريل أن معالجة الأموال القديمة، أي الودائع التي يبلغ حجمها 95 مليار دولار في المصارف التجارية، تأتي ضمن برنامج إصلاحي للحكومة، موضحاً أن ما يروج عن تصفير الأموال السابقة غير صحيح، والدليل أن رئاسة مجلس الوزراء أقدمت على الطلب من لجنة المال والموازنة تفاصيل مشروع قانون إعادة التوازن للقطاع المالي بالأرقام المفصلة، وتفاصيل حول كيفية معالجة الودائع في المصارف.

أوهام جديدة

جمعية “صرخة المودعين” انتقدت تعميم المصرف المركزي 165، الذي يسمح بتسوية الشيكات والمعاملات النقدية عبر مصرف لبنان والبنوك المحلية من دون المرور بالبنوك الأجنبية المراسلة، إذ برأيها يسهل التعميم عملية تبييض الأموال، حيث تصبح مراقبة حركة الأموال مقتصرة على المصارف المحلية فقط ليبتعد لبنان بذلك عن رقابة النظام المصرفي العالمي، مشيرة إلى غياب آلية لمراقبة مصادر هذه الأموال.

وأوضحت الجمعية في بيان أن التعميم يعرض الأموال الجديدة بالدولار للخطر عبر احتسابها باحتياطي مصرف لبنان، وبالتالي لا شيء يمنع المصرف من صرف هذه الأموال مجدداً كما فعل في السابق مع أموال المودعين والاحتياطي الموجود لديه، كما أنها ترى أن “المنصة الجديدة تبعد لبنان عن النظام المصرفي العالمي في محاولة لتعويم المصارف المتعثرة بدل إعادة هيكلة المصارف وإجراء إصلاحات في القطاع لتأمين سير العمل بشكل سليم”، معتبرة أن القرار هدفه بيع المودعين وهماً جديداً بأن الأموال النقدية مضمونة، مع العلم أن لا شيء مضموناً.

رقمنة التداول

في المقابل، أوضح الرئيس السابق لهيئة الرقابة على المصارف سمير حمود، أن المشكلة الأساسية في النظام المالي هي بسبب الخلل القائم في النظام المصرفي، معتبراً أن إعادة استخدام “الشيك” في التداولات المالية وفق التعميم 165 يخفف من اعتماد لبنان على الاقتصاد النقدي، الذي يفتح المجال واسعاً أمام عمليات تبييض الأموال.

وشدد على أن توسع الاقتصاد النقدي في البلاد يضر بسمعة لبنان في الخارج، ويؤدي إلى حرمانه من شريانه الحيوي المتمثل بالتحويلات إلى الخارج والاستيراد، إضافة إلى إمكانية خروج بنوك المراسلة في أميركا وأوروبا من السوق اللبنانية، لافتاً إلى ضرورة التشدد في إجراءات الرقابة من جانب البنوك اللبنانية، ومؤكداً أن إقفال بنوك المراسلة للحسابات اللبنانية ستكون له تداعيات سلبية، وسيزيد من التعاملات الورقية في وقت يتجه العالم إلى “رقمنة” التداولات.

تمويل الإرهاب

يرى عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ بول مرقص، أن هناك ضرورة قصوى لضبط الاقتصاد النقدي في البلاد والعودة إلى الانتظام المصرفي لمنع تحول البلاد إلى واحة لتبييض الأموال، مشيراً إلى أن “تفلت العمل المصرفي والتعامل النقدي وعدم تبني إجراءات إصلاحية للسياسة المالية والنقدية المطلوبة يعيد البلاد إلى الوراء، وسيؤثر سلباً على سمعة لبنان وتصنيفه في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

ولفت إلى أن لبنان كان على اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة بمجال مكافحة غسل الأموال حتى عام 2000، لكن إصداره قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عام 2001 وانضمامه إلى “منظمة أغمونت” جعلاه ريادياً في مكافحة غسل الأموال إلى فترة قريبة حين تدهورت الأمور بشكل كبير، معتبراً أن تحول الاقتصاد بشكل شبه كامل إلى نقدي يلحق مخاطر بالشأن المالي أو المصرفي تضاف إلى المخاطر المتعلقة بقوانين مكافحة تمويل “حزب الله” ومنظمات مصنفة إرهابية.

وأوضح مرقص أن زيادة المخاطر قد تحث المصارف المراسلة على اعتماد سياسة أكثر تشدداً مع لبنان، وأكثر حذراً في التعامل مع المصارف اللبنانية، والحد من التعامل مع بعض البنوك مما يؤدي إلى انسحابها تدريجياً من التعاملات.

القصور الاستراتيجي

أما المتخصصة في الجرائم المالية هالة أبو علوان، فتربط بين الإجراءات المتخذة من قبل مصرف لبنان، وبين تلويح مجموعة العمل المالي الدولية بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، الأمر الذي يعكس القصور الاستراتيجي في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، موضحة أنه “عندما تضع تلك المجموعة بلداً تحت المراقبة المتزايدة فهذا يعني أن هذا البلد التزم بإيجاد حل سريع لأوجه القصور ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها”.

وأشارت إلى أنه عندما تصنف الدول التي تعاني أوجه قصور استراتيجية خطيرة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح على القائمة السوداء، فإنها تعد من الدول عالية المخاطر”.

الخبر من المصدر

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading