خشى الأوساط الإعلامية في لبنان من تشريع قانون جديد للإعلام من شأنه أن يحدّ بشدّة من حرية التعبير والصحافة في لبنان وأن يقوض ضمانات أساسية لحقوق الإنسان، إذا تم إثراره من قبل الهيئة العامة للمجلس النيابي في صيغته الحالية.
وقال “تحالف حرية الرأي والتعبير في لبنان” إنّ لجنة الإدارة والعدل في مجلس النوّاب اللبناني على وشك اختتام مناقشاتها خلف الأبواب المغلقة حول القانون.
وتتضمّن المسوّدة الأخيرة لاقتراح القانون العديد من الأحكام المثيرة للقلق، حيث يؤيّد القانون العقوبات الجزائية، وفي بعض الحالات يزيد من عقوبات السجن والغرامات على القدح والذم.
وفي السنوات الأخيرة، استخدمت السلطات اللبنانية قوانين القدح والذم بشكل متزايد لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وغيرهم من المنتقدين السلميين. كما يُبقي مشروع القانون على عقوبات بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات بتهمة تحقير “الأديان المعترف بها”. ورفض رئيس لجنة الإدارة والعدل طلبات أعضاء التحالف لحضور الجلسات المغلقة والمشاركة في المناقشات حول مشروع القانون.
وأفاد التحالف “إنه لأمر مقلق للغاية أن تتم مناقشة مشروع القانون وراء الأبواب وأن يتمّ إخفاؤه عن التمحيص العام، في وقت اتّجهت فيه الأضواء نحو الهجوم الإسرائيلي المستمر في جنوب لبنان منذ 7 أكتوبر والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 14 مدنيًا، من بينهم 3 صحافيين”.
وأضاف أنه“إذا أقرّه المجلس النيابي في شكله الحالي، سيكون القانون المقترح نكسةً خطيرةً لحرية التعبير في لبنان في ظلّ بيئة تُستخدم فيها قوانين القدح والذم فعليًا لمضايقة وترهيب الصحافيين وغيرهم من الأفراد الذين ينتقدون السلطات”.
ويرى صحافيون أن يشكّل عدم إشراك المجتمع المدني اللبناني في المناقشات حول القانون خطرا حقيقيا، إذ قد يمنح السلطات حرية تامة لمضايقة المنتقدين السلميين وترهيبهم وإسكاتهم، ويكرّس بيئة الرقابة.
ومن المقرر أن يحلّ التشريع الوشيك محلّ قانون المطبوعات الحالي لعام 1962 وقانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 1994. وقالت لجنة الإدارة والعدل، المسؤولة عن التداول بشأن مشروع القانون، إنّها تراجعه في ضوء التعليقات التي اقترحتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالشراكة مع وزارة الإعلام في عام 2023.
ووفقًا لمعلومات موثوقة تمت مشاركتها مع التحالف، رفضت اللجنة التعديلات التي أوصت بها اليونسكو على المواد التي صوّتت عليها. ومن المقرر أن تناقش اللجنة المواد المتبقية من مشروع القانون في الأسابيع المقبلة وتصوّت عليها، بما في ذلك التعديلات المقترحة من قبل اليونسكو والتي من شأنها إلغاء عقوبات السجن بتهم القدح والذم والتحقير.
وسجّل “التحالف من أجل حرية التعبير” زيادة في الملاحقات القضائية التي تستهدف الصحافيين والنشطاء وغيرهم من منتقدي الحكومة في السنوات الأخيرة. وقد استُخدمت قوانين القدح والذم مرارًا وتكرارًا كتكتيك لترهيب الأفراد الذين ينتقدون السلطات والحدّ من قدرتهم على العمل بشكل مستقلّ والإبلاغ بحرية عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من القضايا الحقوقية.
ومؤخرًا مثلًا، حكمت محكمة في يوليو على الصحافية ديما صادق بالسجن لمدة عام وتغريمها 110 ملايين ليرة لبنانية (أي ما يعادل حوالي 1.200 دولار أميركي بسعر السوق) بتهم إثارة النعرات الطائفية والقدح والذم بعد أن انتقدت أعضاء حزب سياسي على إكس.
ويحافظ القانون المقترح على تجريم القدح والذم والتحقير بحق رؤساء الدول ويفرض عقوبات جديدة على التشهير ضدّ السفراء والبعثات الدبلوماسية في لبنان. ويمكن أن يؤدي القدح والذم والتحقير بحق الرئيس اللبناني أو رئيس أجنبي إلى السجن بين ستة أشهر وسنتين و/أو غرامة تتراوح بين 10 إلى 20 ضعف الحد الأدنى للأجور، في رفعٍ لعقوبة الحد الأدنى للسجن التي يحدّدها قانون المطبوعات الحالي بشهرَيْن. ويحتفظ النائب العام بسلطة الادّعاء ضدّ الأفراد المشتبه فيهم بالتحقير أو بالتشهير بالرئيس، حتى من دون شكوى شخصية منه. ولا تعتبر الحقيقة دفاعًا فاصلًا في جرائم القدح والذم ضدّ رؤساء الدول.