ساعات الحسم تقترب، فإما الذهاب إلى تسوية باتجاه اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ينسحب تاليا على «جبهة الإسناد» في جنوب لبنان، أو وضع المنطقة على شفا الاشتعال في أي لحظة.
واجتماع 15 أغسطس بشأن الوضع في غزة يشكل محطة مفصلية. وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «في الوقت الذي يؤكد فيه المعنيون في لبنان أن الرد على اغتيال المسؤول العسكري الأول لحزب الله فؤاد شكر، غير مرتبط بمحطات أو تسويات أو مواعيد، وأنه حتمي يفرضه الميدان لجهة تحديد الهدف مع الحرص على عدم الذهاب إلى توسيع الحرب، غير أنه لا يمكن لأي طرف أن يتجاهل المساعي الجارية لوقف إطلاق النار في غزة، على اعتبار أن هذا الهدف هو جوهر الأزمة، وأي خطوة يجب ان تراعي هذا المسار وتتكامل معه، ولا تتعارض مع النهج المعتمد في هذا المجال».
وأضاف المصدر: «التنسيق اللبناني في مواجهة التحرك الإقليمي والدولي في أعلى مستوياته. وتتصدى الحكومة للاتصالات بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية، مع الحرص على عدم الانجرار إلى الاستفزازات الإسرائيلية اليومية، حيث يلجأ عدد من العسكريين ووزراء حكومة بنيامين نتنياهو إلى إطلاق التهديدات من على مقربة من الحدود اللبنانية، في محاولة لزيادة حالة القلق، وخرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت في الأجواء اللبنانية». وفي هذا الإطار، قال مصدر مقرب من «حزب الله» لـ «الأنباء»: «الرد حتمي للحفاظ على توازن الردع القائم منذ أكثر من عقدين من الزمن، والتساهل وغض الطرف عن التجاوزات الإسرائيلية لهذه القواعد ولمنظومة الردع القائمة منذ حرب عام 2006، يدفع حكومة نتنياهو إلى المزيد من التجاوزات والعدوان مستفيدة من الحرص على عدم الذهاب إلى حرب واسعة».
وأضاف المصدر: «على الرغم من ضبط النفس الذي التزم به الجانب اللبناني بمواجهة استهداف الكثير من القيادات والمدنيين، وما جرى تقديمه من تضحيات كبيرة، انما يرى أنها تعوض بنتائج ستفرضها نهاية المعركة التي بدأت منذ أكثر من 10 أشهر والأمور دائما في خواتيمها».
في المواقف، تحدث حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال اجتماعات مكثفة عقدها في السرايا أمس مع وزراء ومحافظين ومدراء عامين، عن «استمرار الوزارات والإدارات اللبنانية كافة، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية وهيئات المجتمع المدني في اتخاذ كل الإجراءات والخطوات المطلوبة في إطار خطة الطوارئ الحكومية، لمواجهة الظروف الصعبة التي نمر بها وكل الاحتمالات التي قد تحصل».
وشدد على أن «الاتصالات الديبلوماسية ناشطة في أكثر من اتجاه لوقف التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، وعلى خط آخر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة».
وضمن التحضيرات لعد تنازلي قد تفرضه التطورات ويتعلق بحرب موسعة، علمت «الأنباء» أن قيادات «حزب الله» تفضل عدم نزوح أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت إلى القسم الغربي من العاصمة، كما حصل في حرب يوليو 2006. بل ترى عدم حصر هذه المجموعات الكبيرة من سكان الضاحية في بقعة جغرافية واحدة، وتوزعهم في مناطق بعيدة يتحدرون منها أساسا، أو حيث لديهم أقارب نزحوا بدورهم إلى الضاحية خلال الحرب الأهلية.
ورأى فادي المقيم في «حي الأميركان» قرب مدينة الحدت، وفي الجانب الآخر لما كان يعرف خلال الحرب الأهلية بـ«الخط الآخر»، انه «لا مفر من المغادرة عندما تستهدف إسرائيل الجسور والطرق، وسأغادر عندها مباشرة، علما انني أعددت خططا في هذا المجال لجهة تحديد وجهتي المقبلة لدى أصدقاء يتوزعون في مناطق بعيدة تمتد بين جبيل والكورة (شمالا)».
وكشف أن مسؤولي «الحزب» أعطوا إشارات بالمغادرة لمن يستطيع عبر إجلاء عائلاتهم، «وسيتطور الأمر إلى توجيهات مباشرة وقت اللزوم». وذكر أن بعض الذين غادروا من أصحاب المحلات والمؤسسات يحضرون بشكل فردي يوميا لفتح محلاتهم، على رغم معرفتهم أن الحركة أقل بكثير مما كانت عليه في الأيام العادية.. باختصار ليست هذه الضاحية الجنوبية التي تشهد اختناقا في حركة السير يمتد إلى الساعات الأولى مساء. والبعض اختار تمضية هذه الفترة من فصل الصيف في القرى الجبلية».
في حركة مطار بيروت، أعلنت مجموعة «لوفتهانزا» الألمانية في بيان نقلته وكالة «فرانس برس»، تمديد تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وطهران وبيروت وعمان وأربيل حتى 21 أغسطس.
في حين عمدت بعض العائلات المقيمة في عدد من دول الخليج إلى «سحب» أولادها الذين كانوا يمضون إجازة الصيف، بعد تأمين مقاعد عبر شركة الطيران الوطنية «طيران الشرق الأوسط». وأمكن رؤية أطفال أشقاء لم تتعد أعمارهم الـ 14 سنة يسافرون بمفردهم في رحلة العودة. في حين استمرت حركة الوصول على حالها، ولم تسجل حالات تذكر لجهة ارتفاع أرقام عدد الذين ألغوا رحلات مقررة إلى بلدهم الأم. واقتصر الأمر لدى البعض على تأجيل فترة العطلة من أغسطس إلى القسم الثاني من سبتمبر.