قال مسؤولون في المخابرات الأميركية، الثلاثاء، إن لديهم الآن “ثقة عالية” في أن الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي العربي “المعمداني” في غزة الأسبوع الماضي كان نتيجة صاروخ فلسطيني، ولم يكن هناك استخدام لأي سلاح إسرائيلي، وفق تقريرين لصحيفتي “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”.
وقال ثلاثة مسؤولين إن مجتمع الاستخبارات توصل إلى استنتاجه بعد فحص مقاطع فيديو متعددة واستخدام تقنيات تحديد الموقع الجغرافي لتتبع انفجار 17 أكتوبر، حسبما ذكرت “واشنطن بوست”.
ويعكس التقييم درجة أعلى من اليقين لدى مسؤولي المخابرات الأميركية بأن إسرائيل لم تكن مسؤولة عن الانفجار، وفق “نيويورك تايمز”.
ماذا حدث؟
جاء الانفجار بسبب إطلاق صاروخ داخل غزة، وقد تعرض لعطل ميكانيكي في منتصف الرحلة قبل أن يصطدم بالمستشفى، حسبما نقلت الصحيفة عن المسؤولين الذين تحدثوا إلى بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وتمكن المحللون من تتبع مسار الصاروخ بناءً على مقاطع فيديو تم تصويرها من أربعة مواقع.
وقال المسؤول إن كاميرتين التقطتا رحلة الصاروخ الذي يعتقد المحللون أنه تم إطلاقه داخل قطاع غزة.
وأوضح أن الصاروخ انتقل بعد ذلك إلى الشمال الشرقي، وبعد حوالي 10 ثوان من إطلاقه، أصبح محركه غير مستقر وأصيب بعطل.
وأشار إلى أن الصاروخ انشطر واصطدم المحرك بالأرض، ثم سقط الرأس الحربي في المستشفى وتسبب في انفجار كبير.
من أطلق الصاروخ؟
قال المسؤولون إن المحللين غير قادرين على التأكد من هوية من أطلق الصاروخ، بسبب نقص المعلومات التي تشير بشكل قاطع إلى الجاني.
وقال مسؤول أميركي إنهم فحصوا الاتصالات التي تم اعتراضها لمقاتلين تابعين لحماس، والذين يمكن سماعهم وهم يتكهنون بأن “مقاتلين فلسطينيين مسؤولون عن الهجوم الصاروخي”.
وأكد أحد المسؤولين أنه باستخدام الاتصالات التي تم اعتراضها، قاموا بفحص التصريحات والأنماط اللغوية للمتحدثين وقرروا أنهم “تابعون لحماس”.
وفي التسجيلات، بدا أن هؤلاء الأفراد متفقون على أن الصاروخ هو الذي أطلق من قبل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ولكن بدون مزيد من المعلومات القاطعة، لم يتمكن المحللون من تجاوز تقييم “ثقة منخفضة”.
وقال المسؤول: “نحن نعتبرها موثوقة وحقيقية”، لكن اعتراض الاتصالات في حد ذاته لم يكن كافيا لنسب إطلاق الصاروخ إلى الجهاد الإسلامي بشكل أكثر حزما.
وأشار المسؤول إلى أن الرسالة، التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة، تختلف عن التسجيل الذي نشره الجيش الإسرائيلي علنا.
ماذا عن عدد الضحايا؟
تباينت أعداد الضحايا المبلغ عنها جراء الغارة بشكل كبير، وقال المسؤولون إنهم لم يتمكنوا من تقديم رقم محدد، لكنهم لم يتجاوزوا التقدير السابق بأن الغارة قتلت ما بين 100 و300 شخص.
والثلاثاء، قال مسؤولون أميركيون إنه من المستحيل الحصول على إحصاء دقيق للأشخاص الذين توفوا في المستشفى بسبب عدم وجود مصادر مستقلة.
والأسبوع الماضي، قدر مسؤولون أميركيون أن ما بين 100 و300 شخص قتلوا، لكنهم قالوا إن عدد القتلى من المرجح أن يكون عند الحد الأدنى من هذا النطاق.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن عدد القتلى بلغ 471، وهو رقم تم تعديله انخفاضا من تقديراتها السابقة البالغة 500.
وبعد أيام من اتهام حماس لإسرائيل بقصف مستشفى في مدينة غزة وقتل مئات الأشخاص، لم تقدم الجماعة الفلسطينية المسلحة بعد أو تصف أي دليل يربط إسرائيل بالانفجار، وتقول إنها لا تستطيع العثور على الذخيرة التي ضربت الموقع وامتنعت عن الكشف عن هويتها، حسبما تشير “نيويورك تايمز”.
كما رفضت وزارة الصحة في غزة الكشف عن مزيد من التفاصيل حول الضحايا الـ 471، ويبدو أن جميع آثار الذخيرة اختفت من موقع الانفجار، مما يزيد من صعوبة تقييم مصدرها.
وقال مسؤولون أميركيون إن أضرارا طفيفة فقط لحقت بالموقع، وهو ما يتوافق مع فرضية أن صاروخا من صنع غزة انفجر أثناء الطيران، وليس ذخيرة إسرائيلية ضربت المستشفى.
ولا يقدم التقييم الذي رفعت عنه السرية أي معلومات محددة حول المكان الذي يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أن الصاروخ الذي تسبب في الانفجار انطلق من داخل غزة.
لكن المسؤول قال إن “وكالات الاستخبارات تواصل التحقيق، وإذا حصلت الولايات المتحدة على معلومات إضافية من شأنها أن تشير إلى اتجاه مختلف، فإن وكالات الاستخبارات ستنشرها”.
وكان المستشفى قد تعرض لضربة يوم 16 أكتوبر أسفرت بحسب المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، عن مقتل 471 شخصا وإصابة أكثر من 314 آخرين، وفق وكالة “رويترز”.
وتبادلت إسرائيل وفصائل فلسطينية الاتهام بشأن الضربة التي طالت المستشفى، وذكر الجيش الإسرائيلي أن مصدر الضربة التي أصابت المستشفى كان صاروخا أطلقته حركة الجهاد الإسلامي متجها من الغرب إلى الشرق.
ونفت الجهاد الإسلامي الاتهام الإسرائيلي، فيما قالت حركة حماس والسلطة الفلسطينية إن الضربة ناجمة عن “غارة إسرائيلية.
ونقلت تقارير إعلامية عن عاملين في مستشفى المعمداني قولهم إنهم “تلقوا طلبا بالإخلاء من قبل السلطات الإسرائيلية” قبل يوم من الضربة.
وشنت حماس في السابع من أكتوبر هجوما مباغتا على إسرائيل، أسفر عن سقوط أكثر من 1400 قتيل معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ووفق آخر الأرقام الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، الإثنين، اقتادت حماس معها 222 شخصا “رهائن بينهم أجانب في هجمات السابع من أكتوبر”، وفق “فرانس برس.
وبالمقابل، أسفر القصف الإسرائيلي على غزة، وفقا لوزارة الصحة في القطاع، عن مقتل 5791 فلسطينيا، غالبيتهم من المدنيين وبينهم أطفال ونساء.