وقد تفاقم التوتر والانقسام، بعد الإعلان عن الاصطفافات التي سيدخل بموجبها النواب الى جلسة 14 يونيو لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ينهي الفراغ في الموقع الذي بدأ منذ ما يقارب 8 أشهر. وبينما ظهر الثنائي الشيعي أنه يتحصن وراء قوة نيابية وميثاقية تؤيد ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، ولا يستهان بها، فإن القوى المعارضة والسيادية ضاعفت من حضورها العددي والسياسي، من جراء تأييد اللقاء الديموقراطي النيابي برئاسة تيمور جنبلاط لمرشحها المستقل الوزير السابق جهاد أزعور.
بعض أعلام قوى الممانعة يساعد المعارضة على التحشيد الشعبي والنيابي من دون أن يقصد، من خلال التهديدات والتحذيرات التي يطلقها ضد معارضيه، ويستخدم فيها مفردات غير مألوفة، وهو ما يستفز المشاعر العامة، لأن بعض التعليقات توحي بأن من يعارض مرشح قوى الممانعة مرتبط «بالعدو الإسرائيلي» ويتآمر على «المقاومة» بينما غالبية القوى المعارضة لاسيما المسيحية منها، لا تعترف بالمقاومة، وتعتبرها حالة استقواء داخلية مسلحة، لا تقل خطورتها على مستقبل البلاد عن الخطر الإسرائيلي، او أنها تتقاسم الأدوار مع هذا العدو لتغيير وجه لبنان، وتدمير مستقبله المنافس الواعد من دون أن تدري (ودائما حسب أقوال هؤلاء المعارضين).
وتركزت الحملات الإعلامية من قوى الممانعة على الموقف الذي أعلنه اللقاء الديموقراطي في تأييد المرشح جهاد أزعور، ويفترض بعض هؤلاء أن موقف النائب تيمور جنبلاط مرتهن للرئيس نبيه بري، بينما الصداقة في هذا السياق شيء، والموقف السياسي الذي تفرضه المصلحة العليا للبلاد شيء آخر. ولو كانت فرضية هذه القوى صحيحة، فعندها يمكن اعتبار اللقاء الديموقراطي جزءا من الحلف الممانع، وهذا بعيد عن الواقع كليا، علما أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عرض أسماء مرشحين منذ البداية للتحاور عليها بهدف التوافق على اسم يرضي الجميع – ومنهم جهاد أزعور – ولكنه لم يتلق أي جواب على العرض حتى الآن. وهناك عتب منه على حزب الله لأن أي إشارة لإطلاق عملية حوار حول مرشح توفيقي لم تصدر من الأخير بعد، لأن صدور مثل هذه الإشارة كفيل بحل كل العقد، ومنها عقدتا التسمية وتقديم الضمانات، وبالفعل، فإن إقناع مرشح المعارضة النائب ميشال معوض بالانسحاب جاء لأهداف توفيقية، لأن الثنائي الشيعي اعتبر معوض مرشح استفزاز.
تتصرف قوى الممانعة على أنها منتصرة، وهي قادرة على فرض مرشحها الرئاسي، على اعتبار أنها تملك قدرة على الصبر والتحمل ولو لسنوات كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وفي الوقت ذاته، فإن هذا الموقف وغيره، أكد مخاوف القوى السيادية وغالبية النواب التغيريين والوسطيين من نية الثنائي فرض رئيس بالقوة على اللبنانيين، ولعب أوراق أمنية من قبل حزب الله احتمال وارد لفرض رأيه على الآخرين، بما يشبه ما حصل من اغتيالات وحروب داخلية عام 2005 و2006 و2008.
رجحان كفة المرشح جهاد أزعور المتوقعة في جلسة الأربعاء، قد تكون سببا إضافيا لممارسة سياسة التعطيل وإبراز مظاهر فائض القوة وربما التهديد بالفوضى.