أكدت أوساط سياسية لبنانية أن قطر أبدت استعدادها للعب دور متقدم في مساعي حل أزمة رئاسة الجمهورية، بعد عجز فرنسا وانكفاء المملكة العربية السعودية، التي لا يبدو أن الملف اللبناني من ضمن أولوياتها رغم كل ما يروج لبنانيا عن عكس ذلك.
وأشارت الأوساط نفسها إلى أن قطر تراهن على العلاقات الجيدة التي تربطها بالفرقاء اللبنانيين، وأيضا عدم ممانعة القوى الإقليمية والدولية المتدخلة في الشأن اللبناني.
ولا تستبعد الأوساط أن تكون الدوحة هي من تقف خلف إقناع حزب الله بفتح قنوات تواصل مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، لبحث فرص توليه منصب الرئاسة.
وتعتزم الدوحة إيفاد وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي، مبعوثا لها إلى بيروت في الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل، للقيام بجولة على القوى السياسية لإقناعها بجدوى التوافق على رئيس للبلاد.
وقد بدأت قطر في جس نبض القوى الإقليمية والدولية بشأن ضمان أكبر قدر من الدعم لتحركاتها، مستغلة في ذلك انعقاد اللجنة الخماسية بشأن لبنان الثلاثاء في نيويروك.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خصص حيزا مهما للبنان في كلمته أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال فيها إنه “من المؤسف أن يطول أمد معاناة الشعب اللبناني بسبب الحسابات السياسية”، مشددا على أن “الخطر أصبح محدقا بمؤسسات الدولة في لبنان”.
وأكد أمير قطر على “ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي في لبنان وإيجاد الآليات لعدم تكراره، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من أزماته الاقتصادية والتنموية”.
ويرى متابعون أن قطر تجد في الملف اللبناني ورقة إضافية لاستخدامها في التسويق لأنها وسيط يمكن الرهان عليه وطرف فاعل لحل الخلافات الإقليمية.
وتبدو قطر في هذه الأيام مهووسة بتدارك وضعها المتراجع على الساحة الإقليمية، من خلال محاولة تسجيل بعض النقاط الدبلوماسية، وترى الدوحة أن لديها القدرة نظريا على تحقيق ما عجز عنه الآخرون في لبنان، لكن الأمر يبقى رهين إرادة الداخل اللبناني في التوصل إلى توافق حول خيار ثالث بشأن منصب الرئاسة.
ويرى متابعون أن معالم الخيار الثالث بدأت تتضح في ظل حديث عن مفاوضات متقدمة بين حزب الله وقائد الجيش اللبناني، لافتين إلى أن تحركات الدوحة متجهة حاليا للدفع باتجاه إنضاج حظوظ هذا الخيار، والذي كان لوقت قريب غير مطروح بالمرة لاسيما من قبل الثنائي الشيعي.
وسجلت تحركات لافتة في الأيام الأخيرة للسفير القطري سعود بن عبدالرحمن آل ثاني، آخرها لقاؤه الخميس مع زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقبلها بيوم كان السفير التقى بقائد الجيش اللبناني.
وقال رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب القريب من حزب الله إن “القطري سيدفع المال والمهم أن لا تتحول الحصة القطرية إلى رشاوى تتوزع على السياسيين، والمشكلة أن الكل قابل لأن يقبض أموالا”.
وكشف وهاب في تصريحات صحفية أن “قائد الجيش جوزيف عون متقدم رئاسيا، والمفاوضات جدية بينه وحزب الله”.
وأضاف “لقد وصلنا إلى نتيجة متقدمة مع النائب جبران باسيل وقد نصل إلى انتخاب رئيس من الآن حتى رأس السنة”، موضحا أنه “إذا لم يكن هناك خيار ثالث نحن مع سليمان فرنجية”.
وكان باسيل متحفظا بشدة على تولي العماد عون رئاسة الجمهورية، لكن هذا الوضع يبدو أنه تغير حيث إن رئيس التيار الوطني الحر يرى أنه سواء كان وصل قائد الجيش إلى بعبدا أو غيره فالأمر سيان، شريطة حصوله على ضمانات بشأن المطالب التي طرحها على حزب الله والتي تفرضه كطرف فاعل في المعادلة القائمة.
ويقول متابعون إن حزب الله أيضا كان ضد تولي قائد الجيش للمنصب، لكنه عدل من موقفه، وقد تكون للأمر علاقة بحصوله على تعهدات خلف الكواليس بأنه لن يجري تجاوز أي من الخطوط الحمراء التي رسمها.
ويشير المتابعون إلى أن الإشكال حاليا يكمن في الإحراج الذي يعاني منه حزب الله حيال مرشحه الأصلي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، الذي كان وجه رسالة حادة للحزب مؤخرا قال فيها إنه “ليس مجرد ورقة يتفاوض بها الحزب”، متوعدا بالانسحاب من السباق الرئاسي.
وجاءت هذه الرسالة على خلفية لقاء جمع بين قائد الجيش ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد، ويقول المتابعون إن رد فعل فرنجية الحاد، ما كان ليحصل لولا بلوغه معلومات عن تقدم في المفاوضات بين الحزب والعماد عون عن ساكن بعبدا الجديد.