وأضاف مهدداً “سنقوم بتنفيذ الاتفاق بأقصى قدر من الاستجابة وعدم التسامح مطلقاً، وإذا كنا قد ميّزنا حتى الآن بين لبنان وحزب الله، فلن يكون الأمر كذلك بعد ذلك”.
رسالة كاتس جاءت بعد تبني حزب الله، الاثنين، قصف موقع رويسات العلم التابع للجيش الإسرائيلي في تلال كفرشوبا، واصفاً العملية في بيان بأنها “ردّ دفاعي أولي تحذيري”، وختم بيانه مهددا “وقد أُعذِر من أَنذر.”
هذا القصف جاء في أعقاب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ في السابع والعشرين من الشهر الجاري، بعد شهور من مواجهات عسكرية إثر فتح الحزب جبهة جنوب لبنان دعماً لجبهة غزة.
إذ رغم الهدنة، سجلت عشرات الخروقات الإسرائيلية للقرار، ليأتي رد حزب الله للمرة الأولى منذ وقف العمليات العسكرية، مستهدفاً الموقع الإسرائيلي العسكري. هذا التصعيد سلط الضوء على هشاشة الاتفاق واحتمالية انهياره في ظل التوترات المتصاعدة.
تهديدات ومخاوف
تؤكد عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائبة غادة أيوب، على أن ما يهم اللبنانيين “ليس ما يقوله هذا الفريق أو ذاك، بل نص قرار وقف إطلاق النار والإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لتطبيقه وتنفيذ مندرجاته”.
وتشدد أيوب في حديث لموقع “الحرة” على أهمية بسط سلطة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني على كامل الحدود “تدريجياً”، وضمن المهلة المحددة بستين يوماً، وكذلك على كامل الأراضي اللبنانية، وتقول “المطلوب اليوم بشكل واضح من حزب الله التخلي عن سلاحه، والاقتناع بأن السلاح الشرعي الوحيد الذي يحمي لبنان هو سلاح الجيش اللبناني فقط، خصوصاً بعد سقوط كل سردياته”.
وتشير إلى أن وزراء حزب الله “كانوا قد وافقوا بالإجماع على مندرجات قرار وقف إطلاق النار والترتيبات المرافقة له في الحكومة اللبنانية”.
من جانبه، يشدد النائب “التغييري” إبراهيم منيمنة على ضرورة “التعامل بجدية” مع “التهديدات الإسرائيلية”، محذراً من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد يسعى إلى استغلال أي فرصة لإسقاط اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك “إما لصرف أنظار الشارع الإسرائيلي عن مشاكله الداخلية نحو مشاكله الأمنية، أو لأنه يرى أنه حقق مكسباً في الاتفاق الحالي ويسعى لتحقيق مكاسب إضافية من خلال إسقاطه وفرض شروط جديدة في أي اتفاق مستقبلي”.
ومن أجل تفادي منح إسرائيل “ذرائع للتصعيد”، يتعين على حزب الله، كما يقول منيمنة لموقع “الحرة”، “الالتزام السريع بتنفيذ القرار 1701 كما ورد في الاتفاق الأخير، والتعاون الكامل مع الجيش اللبناني لتجاوز هذه المرحلة الصعبة”.
كما أنه يتعين على الحكومة اللبنانية كما يقول “منح الجيش اللبناني الصلاحيات الكاملة للقيام بدوره”، ويحذر قائلاً “في حال عدم تعاون الحزب مع الجيش، فإن البلاد ستكون أمام مخاطر جسيمة”.
وكان كاتس قد شدد على ضرورة اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارا يسمح للجيش اللبناني بفرض دوره، وإبعاد حزب الله عن الليطاني، وتفكيك كل البنى التحتية، التي تُقصد بها البنية التحتية الإرهابية والأسلحة، وقال إن الجيش اللبناني “يجب أن يكون مفوّضاً بفعل ذلك تحت إشراف أميركي”.
حرب مفتوحة
“ما شهدناه في الأيام الماضية هو لزوم ما لا يلزم، ولعب بالنار من كلا الجانبين في الوقت الضائع”، كما يصف رئيس جهاز الإعلام في حزب الكتائب اللبنانية، باتريك ريشا، وذلك “بانتظار تشكيل وتفعيل اللجنة الأمنية التي من شأنها أن تكون المرجع المتفق عليه لحل مثل هذه النازعات”.
ويؤكد ريشا في حديث لموقع “الحرة” ضرورة التزام الطرفين “بوضوح” باتفاق وقف إطلاق النار ومندرجاته، مشدداً على أن “أي تصعيد سواء كان كلامياً أو ميدانياً من أي جانب سيؤدي إلى تصعيد لا يخدم مصلحة أي طرف”.
وكانت كتل ونواب قوى المعارضة، عقدوا اجتماعهم الدوري يوم الثلاثاء في معراب، بحضور رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إلى جانب أعضاء من تكتل الجمهورية القوية، وكتلة لكتائب، وكتلة تجدد، وكتلة تحالف التغيير.
وصدر عن الاجتماع بيان شدد على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وذلك من خلال الإسراع في تطبيق الآليات والخطوات العملية التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية في جلستها المنعقدة بتاريخ 27 نوفمبر الماضي، خصوصاً لجهة تطبيق القرارات الدولية 1559، 1680، و1701، إلى جانب البنود ذات الصلة في اتفاق الطائف.
كما دعا البيان إلى “التعامل بحزم مع الخروقات”، وضبط السلاح وحصره بيد الجيش اللبناني، ونشر الجيش على كافة الحدود والأراضي اللبنانية، وذلك سعياً للوصول إلى “دولة فعلية” يبسط الجيش اللبناني سيادة الدولة على كافة أراضيها وحماية حدودها وضبط كل معابرها، تمهيدا لـ”الانطلاق بمرحلة جديدة من تاريخ لبنان تكون نقيض المرحلة السابقة التي لم تأت على اللبنانيين إلا بالمآسي والانهيارات والنكبات والحروب”.
وفي الختام طالب البيان بحسم الملف الرئاسي، مشدداً على أن تكون جلسة 9 يناير “محطة نهائية” لانتخاب رئيس ملتزم بتطبيق الدستور وتنفيذ البنود الواردة في اتفاق وقف إطلاق النار، وقيادة الإصلاحات المطلوبة للخروج من الأزمة المؤسساتية، المالية والاقتصادية والشروع في بناء دولة القانون والمؤسسات واستعادة سيادتها على كامل أراضيها.
وفي ظل هذه التطورات، يعيش اللبنانيون حالة من القلق من أن تتحول الساحة اللبنانية مجدداً إلى ساحة صراع مفتوح على كافة الاحتمالات، لا سيما بعد تصريح كاتس الذي حذر خلاله قائلاً “لن يكون هناك المزيد من الإعفاء لدولة لبنان. فإذا فصلنا الآن دولة لبنان عن حزب الله وبين بيروت والضاحية التي تلقت ضربات قاسية جداً، فلن يكون الأمر كذلك”.