«الغيوم السوداء» التي وصفها رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط تعبر عن الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد، عسكريا من خلال الوضع على الحدود الذي يكتنفه الغموض في ظل استمرار حرب غزة، وسياسيا عبر الشغور الرئاسي الذي يقترب من طي سنته الثانية من دون ظهور أي إشارة إيجابية، في ظل الانقسام الذي يؤدي إلى زحف هذا الشغور على مختلف أركان الدولة من الجيش إلى مصرف لبنان ومعظم الإدارات.
إلا ان جنبلاط وبعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث أصبحت هذه الزيارة أشبه بتقليد في نهاية الأسبوع من وقت إلى آخر لعرض الهواجس والشجون، أكد انه «مهما كانت الغيوم السوداء فلن نفقد الأمل في الاستمرار بأي مسعى أو جهد من أجل وقف الحرب في الجنوب والوصول إلى الاستحقاق الرئاسي».
وقال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «ان تساقط المبادرات الواحدة تلو الأخرى، يغلق الأبواب أمام انتخاب رئيس يخرج البلاد من الأزمة التي تتخبط بها. وإذا كان لبنان قد عاش تجربة مماثلة في العام 2014، استمرت سنتين و7 أشهر، فلا بد من الإشارة إلى ان الواقع السياسي كان مختلفا، كذلك لم يكن الانقسام السياسي بهذه الحدة، فالحكومة كانت منسجمة وتجتمع بكامل أعضائها، وتقارب الملفات بتوقيع الوزراء جميعهم. كما ان التشريع لم يمنعه الشغور الرئاسي ولو بالحد الأدنى».
وأضاف المصدر: «تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بالملف الرئاسي، مرده إلى ترقب تداعيات حرب غزة التي بدأت تأخذ منحى أكثر حدة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريبا، وذلك بعد رفع سقف المشاركة الحوثية في العمليات العسكرية».
وأشار المصدر إلى ان «التحرك الأميركي – الفرنسي المشترك عبر الموفدين الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لودريان بالتوجه إلى المنطقة في محاولة لإحداث خرق، غير مضمون النتائج لأن مفاتيح الاستحقاق الرئاسي موزعة في اتجاهات عدة، ولا يمكن الجمع بينها في هذه المرحلة في ظل الحرب في غزة وعدم التوصل إلى اتفاق بشأنها».
في المقابل، اتهم مصدر فاعل في «القوات اللبنانية» في تصريح لـ «الأنباء» فريق الممانعة «بوضع الاستحقاق الرئاسي في خانة انتظار نهاية الحرب لسبيين: الأول جعل الرئيس نبيه بري المفاوض باسم لبنان في اليوم التالي لانتهاء الحرب، كون هذا الفريق لا يثق برئيس للجمهورية أولوياته تطبيق الدستور وقيام جمهورية حقيقية فعلية. اما السبب الثاني، فهو رغبة هذا الفريق في استخدام الرئاسة كورقة مقايضة، لتحصيل مكاسب لقاء التخلي عن مرشحه (رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية) والقبول بمرشح من الخيار الثالث. مكاسب مثل تمويل إعادة إعمار القرى والبلدات المنكوبة في الجنوب».
واتهم المصدر «القواتي» فريق الممانعة بمحاولة «وضع (عتبة) تسبق انتخابات الرئاسة في لبنان. عتبة غير موجودة ويريدون تكريسها بقوة الأمر الواقع، وهذا ما لن نرضى به».
وعرض لموقف «القوات» المسهل للانتخابات الرئاسية، عبر المشاركة بدورات الاقتراع الـ 12 كلها، ترشيحا واقتراعا ثم اللجوء إلى التقاطع على مرشح من «الخيار الثالث»، مستبقين بذلك اللجنة الخماسية. كما عرضنا 3 اقتراحات على المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان من أجل الوصول إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وجاء التبديل في مشهد السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض الأميركي، ليقلل من فرص التفاؤل بإتمام الاستحقاق اللبناني، من طريق انشغال أحد المكونات الأساسية للجنة الخماسية، أي السفيرة الأميركية بتطورات الوضع في بلادها، واستمرار الإدارة بقيادة الحزب الديموقراطي في الحكم من عدمه. وكذلك باتت الأنظار شاخصة أكثر إلى نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، وإمكانية ان «يأخذ راحته» أكثر في الحرب على جبهتي غزة و«الإسناد» اللبنانية، لتحصيل مكاسب في الداخل الإسرائيلي، والإفادة من الانشغال الأميركي، وتاليا تخفيف الضغط عنه، ما يمكنه من المضي في الحرب وفق توقيته وإيقاعه.
كذلك لا بد من أن يسود الترقب لدى أهل السياسة في الداخل اللبناني، وأخذ البعض منهم مزيدا من الوقت لتبيان نتائج الحرب، وتاليا آفاق التسوية وما ستنعكس عليه في الشأن الداخلي.
ميدانيا، وفي الجنوب تعرض مركز للجيش اللبناني لاعتداء إسرائيلي أدى إلى إصابة عسكريين بجروح. وأصدرت قيادة الجيش بيانا أعلنت فيه إصابة «برج مراقبة للجيش في خراج بلدة علما الشعب، ما أدى إلى تعرض عسكريين لجروح متوسطة، وجرى نقلهما إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة». وفي وقت لاحق، أعلن «حزب الله» انه شن هجوما صاروخيا على ثكنة زرعيت الإسرائيلية ردا على قصف موقع الجيش اللبناني. وتحدث عن قيامه بسلسلة هجمات ردا على الغارة المدمرة في بلدة عدلون الساحلية قبل يومين وكذلك الغارات على البلدات الحدودية وأعنفها في بلدة حولا، حيث أعلن «الحزب» سقوط 3 من عناصره في حولا وغارة عدلون.