شكل إعلان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان عن زيارة قام بها إلى الفاتيكان وقوله انه ناقش موضوع لبنان مع أمين سر الدولة الكاردينال بييترو بارولين ووزير الخارجية المونسنيور بول ريتشارد غلاغير مفاجأة للداخل اللبناني وللخارج المشتغل على ملف الرئاسة.
ولعل السؤال المطروح: لماذا اعتبر الإعلان عن زيارة لودريان إلى الكرسي البابوي مفاجأة؟ والجواب، بحسب مصدر ديبلوماسي معني تحدث إلى «الأنباء»، أن الزيارة «جاءت قبل احتفالات قادة دول الحلفاء بالذكرى الـ 80 لعملية إنزال النورماندي، والتي تلتها زيارة دولة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا وعقده قمة مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، حيث حضر لبنان بأزماته لاسيما في بعديها الرئاسي والجبهة الجنوبية في البيان الختامي للقمة، وكون زيارة لودريان استبقت الزيارة المرتقبة للكاردينال بارولين إلى لبنان في 23 يونيو الجاري للمشاركة في قداس احتفالي لمنظمة فرسان مالطا».
وأوضح المصدر لـ«الأنباء»: «صحيح إن زيارة الكاردينال بارولين المرتقبة إلى لبنان لها طابع خاص، انما المسؤول الثاني في الفاتيكان بعد البابا، وبما يمثل سيلتقي مع القيادات اللبنانية، وبالتالي هل يحمل معه مبادرة ما؟ قطعا لا يحمل أي مبادرة، لأن الفاتيكان لا يتدخل في الأزمة الرئاسية وفق الطرق التي اعتاد عليها اللبنانيون، وهو العارف بأدق التفاصيل عن الوضع اللبناني بكل أبعاده ومستوياته. لكن زيارته (بارولين) إلى لبنان هي بكل بساطة تأكيد على أن هذا البلد يمثل الكثير بالنسبة إلى لكرسي البابوي ويجب الحفاظ عليه. وطريقة بارولين في تناول المواضيع التي تطرح في اللقاءات هادئة، وعادة لا يكون قاسيا في الكلام الذي يقوله بالمباشر، إنما يجب أن يتركز الانتباه على العظة التي سيلقيها في القداس الاحتفالي».
وأشار المصدر إلى أن «عظة بارولين ستكون شبيهة من حيث الطريقة والأسلوب بتلك التي كان يلقيها الكاردينال ليوناردو ساندري إبان رئاسته دائرة الكنائس الشرقية الفاتيكانية، إذ كان يتعمد في القداديس التي يحضرها كبار المسؤولين من لبنان ان يضمن عظته كل ما يتجنب المسؤولين في الفاتيكان الإفصاح عنه علنا في خلال اللقاءات التي يعقدونها معهم، ودائما تحمل العظة معاني قاسية جدا، وهذا الأمر هو المتوقع في عظة الكاردينال بارولين المنتظرة».
وكشف المصدر عن«أن زيارة لودريان إلى روما تمت ليس في التوقيت الذي أعلن عنه في تغريدته على منصة إكس، أي الزيارة جاءت قبل هذا التاريخ بأيام. ولم يكن اللقاء الأول بينه وبين بارولين، إذ إن لقاءات متعددة جمعت بارولين مع لودريان في الفاتيكان منذ تكليف الأخير من قبل الرئيس ماكرون البحث عن حل للأزمة الرئاسية في لبنان، وقد باءت محاولاته في زياراته الست إلى لبنان بالفشل، لاعتبارات داخلية وخارجية على حد سواء، فكان يلجأ إلى طلب المشورة وحتى المساعدة من الكرسي البابوي، الذي يعتمد الديبلوماسية الصامتة، إلا أنه يحجم عن التورط في الملف اللبناني، لأن الفشل في هكذا مهمات ممنوع وغير موجود في قاموس الفاتيكان».