قال مصدر ديبلوماسي عربي لـ«الأنباء» ان «خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون يمثل وثيقة سياسية شاملة ترتكز على أسس إصلاحية ومعالجة التحديات الوطنية الراهنة، في ظل أزمة حكم متعددة الأوجه تعصف بلبنان».
وتابع: «يعكس هذا الخطاب نهجا يرتكز على استعادة هيبة الدولة وتعزيز العدالة وتحقيق التنمية الشاملة، وهذا ما يشكل خارطة طريق طموحة لمرحلة جديدة من تاريخ لبنان».
وقال المصدر: «افتتح الرئيس عون عهده بالتأكيد على حجم المسؤولية التي حملها، مشيرا إلى اللحظة التاريخية التي تسلم فيها الرئاسة وسط تحولات إقليمية كبرى. واستعرض بوضوح التحديات التي تواجه لبنان، من أزمات الحوكمة إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية. وجاء هذا الإطار ليؤكد أن المهمة لا تقتصر على إدارة الأزمات، بل تتطلب تغييرا جذريا في أسلوب الحكم».
وأضاف المصدر: «في رسالته إلى الشعب اللبناني، شدد الرئيس عون على الهوية الجامعة للبنانيين على رغم تنوعهم. واستعرض خصائص الشعب اللبناني كالابتكار، والشجاعة، والقدرة على التأقلم، باعتبارها أساسيات يمكن البناء عليها لتحقيق نهضة وطنية. كما دعا إلى التلاحم الوطني لمواجهة الأزمات بروح تضامنية تعكس الهوية اللبنانية».
وتابع المصدر: «وضع الرئيس عون في صلب رؤيته الإصلاحية تحقيق العدالة واستقلالية القضاء. وتعهد إقرار قانون يضمن استقلالية القضاء، وتفعيل الهيئات الرقابية، ومكافحة الفساد. وأشار إلى أن العدل هو الحصانة الوحيدة لكل مواطن، وهي رسالة ضمنية إلى محاربة المحسوبية التي أضعفت الدولة لسنوات».
ولفت المصدر الى «تأكيد الرئيس عون على ضرورة تعزيز دور الجيش كحامل وحيد للسلاح الشرعي، مع العمل على استراتيجية دفاعية وطنية متكاملة. كما شدد على منع التدخلات الخارجية واحترام السيادة اللبنانية، ما يعكس رغبة في استعادة الثقة الدولية والعربية والمحلية بمؤسسات الدولة».
ولفت المصدر الى ان «الاقتصاد جاء في قلب الخطاب، اذ أشار الرئيس عون إلى ضرورة إصلاح الإدارة العامة، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتحقيق تنمية متوازنة. ودعا أيضا إلى تطوير قوانين الانتخابات وتطبيق اللامركزية الإدارية، بما يخفف من معاناة المواطنين ويحقق العدالة في توزيع الموارد. كما ركز الرئيس عون على أهمية تعزيز العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، معتبرا أن الحياد الإيجابي هو السبيل لضمان استقرار لبنان. ودعا أيضا إلى حوار جاد مع سورية لحل الملفات العالقة، لا سيما مسألة النازحين».
وتوقف المصدر عند «التحذير الضمني للطبقة السياسية، اذ دعا الرئيس عون إلى التركيز على بناء دولة قوية بدلا من التفكير في الانتخابات المقبلة. كما خاطب المغتربين مؤكدا على دورهم المحوري في دعم الاقتصاد اللبناني، وعلى حقهم المقدس في المشاركة بصنع القرار الوطني».
واعتبر انه «بإعلانه عن هذه العهود والإصلاحات، وضع الرئيس عون تحديا أمام نفسه وأمام المؤسسات اللبنانية». وقال: رؤيته تمثل مشروعا وطنيا شاملا، لكنه يتطلب إرادة سياسية قوية ودعما من القوى المختلفة لتحقيقه.
ورأى المصدر ان خطاب القسم للرئيس يبعث برسالة واضحة: المرحلة المقبلة تتطلب الشفافية والمساءلة والتعاون لبناء لبنان الجديد. ويبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس يعيد ثقة اللبنانيين بدولتهم، ويثبت للعالم أن لبنان قادر على النهوض رغم كل التحديات.