على وقع التطورات الأمنية على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، تغادر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا لبنان خلال أيام، للمشاركة في الجلسة المغلقة لمجلس الأمن المقررة في 20 يوليو (تموز) الجاري، والمخصصة للبحث بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة في شأن تنفيذ القرار 1701 والوضع في لبنان. وقد جرت العادة أن يوزع التقرير على الأعضاء في مجلس الأمن قبل أيام قليلة من موعد الجلسة.
ويتوقع أن ترخي الأحداث والتطورات الأخيرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بظلالها على تقرير الأمين العام، بما فيها المشكلة المستجدة في قرية الغجر، والخيمة التي نصبها “حزب الله” في المنطقة الحدودية المتنازع عليها داخل مزارع شبعا، والاعتداء الأخير على الكتيبة الإيرلندية، الذي أدى إلى سقوط عنصر إيرلندي.
ومن المقرر أن يكون للمنسقة الخاصة كلمة في الجلسة، اعتادت كما دائماً منذ توليها المنصب في لبنان التطرق فيها إلى واقع الحال السياسي والأمني وصعوبته، وهي ستتناول في كلمتها وفق ما كشفت مصادر مقربة منها لـ”اندبندنت عربية” الاستحقاق الرئاسي المعطل وموضوع السلاح غير الشرعي إضافة إلى محاولات الشعب اللبناني تخطي أزماته رغم الصعاب الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهه.
وفي أواخر أغسطس (آب) المقبل يعقد مجلس الأمن أيضاً الاجتماع السنوي المخصص للتجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، ويتجه إلى اعتماد لهجة متشددة في القرار الجديد وفق ما كشف مصدر أممي لـ”اندبندنت عربية”، مع الحفاظ على نص عام 2022 لجهة التذكير بحق عناصر “اليونيفل” في التنقل وممارسة مهامهم في مراقبة تنفيذ القرار الدولي 1701 من دون الحاجة إلى التنسيق مع الجيش اللبناني. والبيان الذي صدر، أمس الأربعاء، عن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي شكل نموذجاً مصغراً لما يمكن أن يكون عليه قرار مجلس الأمن، بحيث أعرب الاتحاد الأوروبي عن “دعمه عمل اليونيفل على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية ودان بشدة الهجمات التي تعرضت لها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ودعا إلى محاسبة المسؤولين بأسرع وقت”.
خيمة “حزب الله”
كثرت التساؤلات حول توقيت وأسباب نصب “حزب الله” خيمة في مزارع شبعا، خصوصاً أن الخط الأزرق الذي وضع عام 2000 لم تدخل عليه تعديلات جديدة، والنزاع على مزارع شبعا لا يزال على حاله. وفسر البعض خطوة الحزب بأنها خطوة مدروسة يراد منها تحريك ملف الحدود البرية واستدراج الأميركي إلى مفاوضات ظاهرها الحدود وباطنها الرئاسة وتفرعاتها في لبنان.
وكشف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في إطلالته التلفزيونية في مناسبة مرور 17 عاماً على “حرب تموز”، أن وساطات أميركية وأوروبية بدأت مع الدولة اللبنانية لضبط التطورات في الجنوب، معتبراً أن خيمة “حزب الله” أضاءت من جديد على كل الوضع على الحدود، مشدداً على أن نصب الخيمة أتى رداً على السياج الذي رفعته إسرائيل في القسم الشمالي لبلدة الغجر المعترف به دولياً بأنه أرض لبنانية.
وفي السياق لم يستبعد مصدر أممي لـ”اندبندنت عربية” أن يزور بيروت الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الموجود في إسرائيل لمتابعة النقاط المتعلقة ببدء التنقيب عن الغاز بين لبنان وإسرائيل، وأن يحرك ملف الحدود البرية، لكنه استبعد أي زيارة لوسيط أو موفد من الأمم المتحدة حالياً.
وأكد المصدر الأممي أن لبنان حقق في ترسيم حدوده البحرية هدفاً جيو ــــ سياسياً يمكن البناء عليه لمعالجة المشكلات العالقة في شأن الحدود البرية والخط الأزرق، فإذا كانت الإرادة موجودة لدى الطرفين يتابع المصدر يمكن إنهاء الخلافات العالقة، خصوصاً أن الترسيم البري قد أنجز، في إشارة إلى المفاوضات التي حصلت في الناقورة عقب حرب يوليو (تموز) 2006 برعاية الأمم المتحدة، والقسم الأكبر قد تم وأن المشكلة تبقى في بعض النقاط غير المتفق عليها بين البلدين.
وعلى رغم التطورات الحاصلة في الجنوب استبعد المصدر نفسه أي تصعيد من قبل الطرفين، وهو ما أشار إليه أيضاً نصر الله عندما لمح إلى إمكانية معالجة ملف الحدود البرية كما حصل في ترسيم الحدود البحرية، وقال “أرض الغجر لن تبقى لإسرائيل، وكل ما يخدم استعادة بلدة الغجر سنمشي به”.
هل يعدل الخط الأزرق؟
لفتت عودة قضية بلدة الغجر السورية ـــــ اللبنانية المحتلة من قبل إسرائيل، إلى الواجهة مجدداً، بعد مرور 12 عاماً على آخر مفاوضات حصلت في الناقورة برعاية الأمم المتحدة.
وفي حديث خاص لـ”اندبندنت عربية” يؤكد اللواء الدكتور عبدالرحمن شحيتلي الذي ترأس الوفد اللبناني في مفاوضات الخط الأزرق في الناقورة، أن التطورات الجنوبية الحالية قد تساعد في إعادة تحريك الملف البري مجدداً على قاعدة إعادة البحث بالمطلبين المتناقضين، حيث يطالب لبنان بتعديل الخط الأزرق ليتطابق مع الحدود الدولية المسجلة في الأمم المتحدة، فيما مطلب إسرائيل هو تعديل الحدود لتتطابق مع الخط الأزرق.
ويكشف شحيتلي أن النقاط المختلف عليها بالخط الأزرق، التي تشكل خروقات للأراضي اللبنانية، يبلغ عددها 13 ويستبعد اللواء المتقاعد وجود أي رابط بين الخيمة التي نصبها “حزب الله” في مزارع شبعا وقضية بلدة الغجر، ويشرح أن إسرائيل عادت واحتلتها بعد عام 2006 بعد أن انسحبت منها عام 2000، واحتلت الجزء اللبناني الذي يضم أكثر من 800 ألف متر مقسمة بين 200ألف متر مأهول و600 ألف أراض زراعية.
ويشرح شحيتلي أن المفاوضات التي حصلت في الناقورة عام 2011، انتهت إلى اقتراح يقضي بانسحاب إسرائيل من الغجر وأن تتولى الأمم المتحدة المنطقة، لكن لبنان أصر على سيادته على أراضيه وطلب أن تنسحب إسرائيل وأن يصار إلى الاتفاق مع الأمم المتحدة على كيفية إدارة أراضيه في الغجر، ورفضت إسرائيل المطلب اللبناني خصوصاً بعد تهديد سكان الغجر الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية برفع شكوى أمام المحكمة العليا إذا تخلت الدولة الإسرائيلية عنهم.
واعتبر اللواء شحيتلي أن المستجد اليوم هو لجوء إسرائيل إلى تنفيذ التدابير التي سبق واقترحتها في المفاوضات عام 2011 ورفضها لبنان، مثل بناء السياج تمهيداً لخلق أمر واقع، “ولا أعرف لأي هدف الآن” يقول اللواء المتقاعد.