يشعر كهنة ومطارنة، بحسب مصادرهم، بالقهر لسببين: أوّلاً، لأنهم ظنّوا أن الدعوة التي تلقّوها من الشيخ محمد يزبك هي استكمال للحوار الذي بدأوه في آذار الماضي في بعلبك مع رجال دين يتبعون “حزب الله”، وليست دعوة إعلامية الهدف منها إبراز صورة غير حقيقية. إعتبروا أنهم سيزورون الجنوب وسيستكملون حواراً يتمنّونه على مستوى كلّ لبنان. ثانياً، جرى اجتزاء للكلمات التي قالها من استُصرحوا، فهم تحدّثوا عن وادي قاديشا، وادي الشهداء، وعن المقاومة، ولكلٍ مقاومته، لكن ما حدث أن التسجيلات التي وزعها “حزب الله” أخذت جزءاً من الكلمات، والجزء لا يعبّر عن الكلّ والمعنى. إستخدم “حزب الله” الكلام وفق مصلحته وهذا غشّ برأي أحد الكهنة. فالمسيحيون سيقفون على الحدود ويدافعون عن وطنهم – وهذا ما سبق وفعلوه – وهذا ما قاله رجال الدين لكن الدفاع عن الحدود ليس معناه الدخول في متاهات سوريا وخدمة أهداف “حزب الله”.
تمّ تصوير رجال الدين المسيحيين، من خلال تقنية زوم وكأنهم يرفعون بأنفسهم أعلام “حزب الله” لحظة وصولهم الى الساحة الداخلية. هم أنفسهم تفاجأوا بعدد المدعوين من الكهنة بعدما اعتقدوا في البداية أن الدعوة ستقتصر على خمسة أو ستة سبق وشاركوا في جلسة الحوار الأولى. هم ظنّوا – عن حسن نية – أنهم سيكونون “شيوخ صلح” لا أسماكاً في مصيدة، يراد استغلالهم في تشويه صورة الكنيسة وجعلها تبدو راضية تماماً عمّا يقوم به “حزب الله”. ونحن لا نعرف حتى الآن هل كان الشيخ محمد يزبك مدركاً لكل ما حصل وهل حصل كل شيء برضاه؟
أخطأ الكهنة والمطارنة في تلبية الدعوة؟ تجيب مصادرهم: “جاء في آية متى 44:5: وأما أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا الى مبغضيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم. وبالتالي نحن لا ولم نندم على محاولة حوار. نحن علينا أن نذهب في الأرض كلّها ونبشر. نحن رجال سلام. والفاتيكان طلب منا الإنفتاح على الجوار. التعايش واجبنا. لكنّ ما أذانا هو تصوير رجال الدين المسيحيين أنهم يمجّدون “حزب الله”. هي لعبة مارسوها علينا وقد نكون وقعنا في الفخّ. نحن أردنا الحوار. نحن أردنا الإنفتاح. نحن نحترم الشهداء ولنا منهم الكثير الكثير. لكن لا، لم نقسم يوماً باسم “حزب الله” ولن نفعل اليوم.
تبقى المفارقة أن كثيراً من رجال الدين قصدوا مليتا وهم يظنّون أن اسمها “مليخ”. هم استجابوا لمبدأ الحوار وأخطأوا، على حدّ قولهم، في كثير من التفاصيل.