كشفت مصادر مطلعة لـ”الشرق”، أن الوسيطين المصري والقطري يجريان اتصالات مكثفة مع وفدي حركة “حماس” وإسرائيل، بهدف سد الفجوة بين مواقفهما تجاه المقترح المصري بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مشيرة إلى أن هذه الاتصالات سجلت بعض التقدم.
وتوقعت المصادر أن توجه مصر دعوة إلى الوفدين لزيارة القاهرة قريباً، لإجراء مزيد من المباحثات بشأن بعض القضايا العالقة في المقترح، معربة عن تفاؤلها بالتوصل إلى اتفاق.
وقالت حركة “حماس” في بيان، الخميس، إن وفداً من الحركة سيزور مصر قريباً لإجراء مزيد من المحادثات. ووفق البيان، فقد أكد رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” خلال اتصال هاتفي مع مدير المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، على “الروح الإيجابية عند الحركة في دراسة المقترح المصري”.
ويتضمن المقترح المصري 3 مراحل، مدة الأولى 40 يوماً، والثانية 42 يوماً، والثالثة 42 يوماً.
تفاصيل المقترح المصري
وتشمل المرحلة الأولى، الوقف المؤقت للعمليات العسكرية بين الطرفين، وانسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً وبعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان إلى منطقة قريبة من الحدود في جميع مناطق قطاع غزة، ما عدا وادي غزة.
وبشأن تبادل الأسرى في المرحلة الأولى، فإن المقترح المصري ينص على أن تطلق “حماس” سراح 33 محتجزاً بما يشمل جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة من نساء مدنيات ومجندات، وأطفال دون سن 19، وكبار السن فوق سن 50، والمرضى والجرحى.
في المقابل تطلق إسرائيل سراح 20 من الأطفال والنساء الفلسطينيين مقابل كل محتجز إسرائيلي، بناء على قوائم تقدمها “حماس” حسب الأقدم اعتقالاً، و20 أسيراً من كبار السن بشرط ألا يزيد المتبقي من عقوباتهم عن 10 سنوات.
كما ينص المقترح كذلك على أن تطلق “حماس” سراح جميع المجندات الإسرائيليات اللواتي على قيد الحياة، واللواتي كن في خدمة عسكرية فعلية في 7 أكتوبر، على أن تفرج إسرائيل عن 40 أسيراً فلسطينيا مقابل كل مجندة، بينهم 20 منذ أحكام بالسجن المؤبد، و20 لا يزيد المتبقي من عقوباتهم عن 10 سنوات، بناءً على قوائم تقدمها “حماس”، مع حق إسرائيل في رفض ما لا يزيد عن 200 اسم، وحقها في أن تبعد الأسرى المحكوم عليهم بالسجن المؤبد إلى خارج البلاد أو إلى قطاع غزة وليس الضفة الغربية.
واعترضت “حماس” بشدة على هذه النقطة التي تمنح إسرائيل، حق الرفض والإبعاد، لكن المصادر قالت لـ”الشرق”، إن تقدماً حدث في الساعات الأخيرة بشأن هذه النقطة.
عودة النازحين
وبشأن عودة النازحين المدنيين إلى مناطق سكنهم، فقد نص الاقتراح المصري على أن تتم تلك العودة في اليوم السابع من سريان الاتفاق، وعقب إطلاق سراح جميع النساء الإسرائيليات، بعد أن تنسحب القوات الإسرائيلية من شارع الرشيد شرقاً بمحاذاة شارع صلاح الدين، بشكل يسهل دخول المساعدات الإنسانية، ويسمح بالبدء في عودة النازحين المدنيين غير المسلحين إلى مناطق سكنهم، وحرية السكان المدنيين في الحركة في جميع مناطق القطاع.
ويقضي المقترح بوقف الطيران العسكري والاستطلاع الاسرائيلي في قطاع غزة لمدة 8 ساعات يومياً، ولمدة 10 ساعات في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
وينص مشروع الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من وسط قطاع غزة، في اليوم الـ 22 وبعد إطلاق سراح ثلثي المحتجزين، خاصة من محور الشهداء، ومحور دوار الكويت شرق طريق صلاح الدين إلى منطقة قريبة من الحدود حيث يسمح بعودة النازحين المدنيين إلى أماكن سكنهم شمال القطاع.
ويقضي المقترح بتسهيل إدخال “كميات مكثفة ومناسبة” من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود (500 شاحنة بينها 50 شاحنة وقود، منها 250 إلى الشمال) بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، والمعدات اللازمة لإزالة الرّكام، وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في كل مناطق قطاع غزة واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق.
خلافات حول وقف إطلاق النار
وبحسب مشروع الاتفاق، فإن مباحثات غير مباشرة ستبدأ بما لا يتجاوز اليوم الـ 16 من المرحلة الأولى من بدء سريان الهدنة، وبعد إطلاق سراح نصف المُحتجزين، للاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء المستدام.
وتطالب “حماس” بتحويل هذه الفقرة إلى نص ملزم بالهدوء الدائم، أي وقف إطلاق النار، وليس بدء المباحثات بشأنه.
وقال مسؤول في الحركة لـ”الشرق”: “لدينا خشية كبيرة من أن تستأنف إسرائيل الحرب من جديد فور انتهاء المرحلة الأولى متذرعة بعدم التوصل إلى اتفاق بشأن شروط الهدوء الدائم”.
وأضاف أن اتصالات مكثفة تتتم بين الوسطاء والجانبين بهدف تغيير هذا النص.
المساعدات الإنسانية
وينص مشروع الاتفاق على استمرار الأمم المتحدة ووكالاتها المعنية والمنظمات الدولية الأخرى في تقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاقية.
ويقضي المقترح بالبدء في إعادة تأهيل البنية التحتية (الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق) في جميع مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة للدفاع المدني، لإزالة الركام والأنقاض، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق، وتسهيل إدخال المستلزمات والمتطلبات اللازمة لإنشاء مخيمات الإيواء لاستيعاب النازحين الذين فقدوا بيوتهم خلال الحرب.
وبدءاً من اليوم الـ 14، يُسمح لعدد متفق عليه من العناصر العسكريين الجرحى من حركة “حماس” بالسفر عن طريق معبر رفح لتلقي العلاج.
وفي المرحلة الثانية من مشروع الاتفاق الذي اقترحته مصر، سيتم الانتهاء من الاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء الدائم، والإعلان عن بدء سريانه قبل البدء في تبادل الأسرى بين الطرفين، وهم جميع من تبقى من الرجال الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى في السجون الإسرائيلية، والمعتقلين في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية التي أقيمت اثناء الحرب، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خارج قطاع غزة.
وقال المسؤول في “حماس” لـ”الشرق”، إن الحركة تخشى تملص إسرائيل من الاتفاق على هذه المرحلة لذلك فإنها تطالب بنص ملزم بشأن وقف النار.
وينص المقترح كذلك على أن تتم في هذه المرحلة الترتيبات اللازمة لعملية إعادة الإعمار الشامل للبيوت والمُنشآت المدنية والبنية التحتية المدنية التي دمرتها الحرب.
إعادة الإعمار
أما في المرحلة الثالثة من مشروع الاتفاق، فسيتم فيها تبادل جميع جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول والتعرف عليها.
وتستمر خطة إعادة إعمار غزة لمدة 5 سنوات، وفق مشروع الاتفاق، بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنى التحتية.
ويمتنع الجانب الفلسطيني عن إعادة إعمار البنى التحتية والمنشآت العسكرية، ولا يستورد أي معدات أو مواد أولية أو مكونات أخرى تستخدم لأغراض عسكرية.
وتطالب “حماس” بإيضاح هذه النقطة حتى لا تمنع إسرائيل استيراد مواد لإعادة الإعمار بحجة أنها تستخدم لأغراض ثنائية مدنية وعسكرية.
وينص المقترح على ضمان التنفيذ من قبل الولايات المتحدة، ومصر، وقطر، فيما طالبت “حماس” بإضافة روسيا وتركيا إلى القائمة.