توجّه المسيحيون إلى الكنائس، أمس الأحد، بعد أسبوع على إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وألقى يوحنا العاشر عظةً بطريرك الروم الأرثوذكس في قداس الأحد في كنيسة الصليب المقدس، قال فيها: «نحن على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ نتلمّس منها فجر وطنٍ نحبه جميعاً ونعشقه. نحن على أعتابِ جِدّةٍ نريدها مشرقةً بالأمل ونرجوها متوجةً بالنور. نحن ههنا في دمشق، من الطريق المستقيم من المريمية جارة جامع بني أمية، نقول للدنيا نحن كمسيحيين من تراب الشام ومن أرز لبنان، من شموخ قاسيون ومن رحابة حمص وأصالة حلب، من نواعير حماه وهدير ينابيع إدلب، من بحر اللاذقية ومن فرات دير الزور».
وزاد: لسنا ضيوفاً في هذه الأرض، ولسنا أبناء اليوم ولا الأمس. نحن من عتاقة سوريا ومن ياسمين الشام. نحن من أنطاكية الرسولية، من هذه الديار التي صبغت المسكونة باسم يسوع المسيح. نقول هذا ونرسمه عهداً».
أضاف: «نحن في سوريا بلد الشراكة الوطنية التي كانت وستبقى بإذنه تعالى واحدةً موحدةً بوحدة ترابها».
وزاد: سوريا التي نريدها هي: سوريا الدولة المدنية: التي يتساوى الجميع فيها بالحقوق والواجبات، بما في ذلك الحفاظ على قوانين الأحوال الشخصية لكل مكوِّنٍ من مكوناتها. سوريا دولة المواطنة: فنحن لا نستجدي مواطنيتنا من أحد. نحن مكوّنٌ من هذا النسيج الوطني الذي يأبى أن يتعاطى بمنطق الأكثرية والأقلية ويتجاوزه ويتخطاه ليتعاطى بمنطق الدور والرسالة».
وزاد : «سوريا التي نريدها، دولة العيش المشترك والسِّلم الأهلي، سوريا دولة القانون واحترام الأديان: كيف لا وجميع مكوناتها ركاب قاربٍ واحدٍ يأبى منطق الحماية والذمّية؟ نقول هذا وعيننا على وطنٍ يكرس دولة القانون واحترام الأديان والكرامة الإنسانية التي على أساسها تبنى كرامته».
وشدد على أن «سوريا يجب أن تكون دولة احترام الحريات الجماعية منها والفردية، هذه الحرية المسؤولة المبنيّة على دولة مؤسساتٍ مدنيةٍ تضمن المساواة بين الجميع والدعوة إلى إشراك النساء والشباب لإعادة بناء سوريا. كما تضمن أن جميع السوريين متساوون أمام القانون، ولهم كلهم الحق بالمشاركة في الحياة السياسية وتولي المناصب العامة على أساس الكفاءة من دون أي تمييز».
كما أكد أن ضرورة أن تكون «سوريا دولة الديموقراطية: حيث السيادة للشعب، والقانون هو الحَكَم، ويتم تداول السلطة فيها بطرق سلمية، سوريا دولة احترام حقوق الإنسان، من خلال ضمان استقلالية القضاء وتكافؤ الفرص بين جميع أبنائها، مع التشديد على أهمية التزام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ورفض جميع أشكال العنف وخطابات الكراهية والتمييز».
وختم أن «الضامن الأول والأخير لتحقيق كل ما ذُكر هو الدستور، ولذلك يجب أن تكون عملية صياغة الدستور عمليةً وطنيةً شاملةً وجامعة».
وأقيم قداس في كاتدرائية سيدة النياح (المعروفة أيضاً باسم كنيسة الزيتون) في دمشق.
وامتلأت شوارع حي باب توما الذي يشكل المسيحيون معظم سكانه في دمشق بالمصلين العائدين من الكنيسة صباح اليوم، لكن بعضهم لا يزال قلقاً.
قالت مها برسة، وهي من سكان الحي، بعد حضور القداس في كاتدرائية (مار الياس للروم الملكيين الكاثوليك) «نحنا عندنا مخاوف وعندنا قلق».
عبّر مسيحيون، حضروا قداس الأحد بكاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس بمدينة اللاذقية الساحلية في شمال غرب سوريا، عن أملهم في أن يحظى دينهم باحترام القيادة الجديدة في البلاد التي يتألف معظمها من مسلمين سنة.
ورأَس مطران اللاذقية وتوابعها أثناسيوس فهد قداس وسط حضور كثيف من المصلين في أجواء صباحية معتدلة. وقال المطران لـ«رويترز» «الأحد الماضي تفاجأنا مثل ما تفاجأ الشعب السوري كله بالتغير الذي حصل. وأكيد صارت تخوفات كتيرة، وخاصة عند اللي بيسمون أقليات. إحنا مانا أقليات لأنو إحنا من أهل البلد».
وأضاف «ولكن أكيد كتير من الهواجس والتساؤلات والتخوفات لأن صار شي طبيعي فوضى في الشارع. ما في دولة. سقطت دولة وانهارت كل مؤسسات الدولة والأمنية والعسكرية والبوليسية والرسمية والمدنية».
وتابع قائلا إنه بينما نزح كثير من المسيحيين إلى مناطق أخرى تحت حكم الأسد، فإن المناطق الساحلية مثل المناطق المحيطة باللاذقية لم تتأثر. وكانت اللاذقية معقلاً لحكم الأسد.
وقالت لينا أخرس سكرتيرة مجلس الرعية في (كاتدرائية القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس) الأحد «نحن قبل سقوط النظام كنا ما عندنا مشكلة أبداً».
وقالت لـ«رويترز» «بموجب التطمينات اللي عم يعطونا إياها انشالله بنرجع بنمارس مثل اللي كنا عايشينه وما بيتغير علينا شي. لأن كلياتنا سوريين، ديني إلي، دينك إلك، بس وطننا لكلياتنا».
وأوضحت الأخرس أن حرية الاعتقاد كانت مكفولة للمسيحيين في ظل حكم الأسد.
وأضافت أن الأحداث المفاجئة قبل أسبوع دفعت مسؤولي الكنيسة لمطالبة أتباعها بالابتعاد عن دور العبادة حتى تستقر الأوضاع.
وقالت «شي فجأة هيك صار. ما متوقعتيه ما بتعرفي شو بده بيصير. عرفتي كيف بقى مشعان هيكي ما عليه شي حماية لكل العالم ولا أي شي وقفوا عنها (دور العبادة) لنشوف الوضع».
وأردفت أن المسيحيين تلقوا الكثير من التطمينات وأن أعضاء في هيئة تحرير الشام تواصلوا مع المطران، معبرة عن الأمل في عودة حياة المسيحيين في سوريا إلى سابق عهدها.
وقالت لرويترز «نشكر الله إن كان فيه كتير تطمينات وشوفنا إن كذا مرة طلعوا أعضاء الهيئة عند سيدنا وكان فيه تطمينات وكان فيه هيك. وإن شاء الله بتكون كل الأمور على خير يا رب. وإن شاء الله بنرجع على حياتنا مثل ما كانت من قبل وأحسن بكتير ونعيش بقى في سوريتنا الحلوة».
وقالت لرويترز «ديني إلي، دينك إلك، بس الوطن لكلياتنا».