يتقاطع الأفرقاء في بيروت على العمل لإخراج لبنان من تداعيات الحرب في غزة، والتي أدخل «حزب الله» لبنان فيها سريعا بعد بدئها بيوم واحد، في 8 أكتوبر الماضي بفتح جبهة الجنوب، وامتداد الضربات الجوية الإسرائيلية تاليا إلى العمق اللبناني وصولا إلى البقاع الشمالي ومرورا بالضاحية الجنوبية نفسها، مع اغتيال القيادي في «حماس» الشيخ صالح العاروري.
ويجهد الفرقاء المختلفون في ملفات سياسية داخلية عدة، على العمل وفق سياسة الحد من الخسائر، معولين على تحركات عربية ودولية مساندة، مع إدراكهم ان ارتباط فريق محلي (حزب الله) بمحور إقليمي تقوده إيران قد يحول دون نجاح جهودهم، ويؤدي بالبلاد إلى مزيد من الانزلاق والتدهور في أصعدة عدة.
وتنصب الجهود على العمل للإفادة من هدنة وجيزة في غزة، تتزامن مع وقف للنار في لبنان طالب به بكل وضوح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في حديثه إلى «الأنباء»، على أن يتزامن ذلك مع فتح كوة في الملف الرئاسي، وإنجاز الاستحقاق في فترة أقصاها يونيو المقبل.
ويسود الترقب عودة سفراء المجموعة الخماسية «السعودية وقطر ومصر والولايات المتحدة وفرنسا» إلى التحرك بعد عطلة عيد الفطر، ثم توقع زيارة المبعوث الدولي الأميركي آموس هوكشتاين والمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان، كل على حدة، لإحداث الخرق المنشود في الملف الرئاسي، وربطه تاليا بإخراج لبنان من دائرة الحرب، على رغم اقتناع كثيرين بأن الأمور قد لا تتقاطع مع بوصلة «حزب الله» الإقليمية.
وتتجه الأنظار إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يمسك العصا من منتصفها في كل الملفات التي يعالجها، مع التعويل على نجاحه في تأمين مخرج يؤدي إلى وقف الحرب على الجبهة الجنوبية، فيما جهد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لتفادي أزمة مع قبرص جراء شكوى الأخيرة من الهجرة غير الشرعية بحرا من السواحل اللبنانية اليها. وفي هذا السياق، يزور الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس على رأس وفد وزاري بيروت غدا الاثنين، ضمن مساعي ميقاتي لاحتواء الأزمة.
وتزامنا مع حبس الأنفاس تحسبا لرد إيراني على القصف الاسرائيلي لقنصليتها في دمشق، قد يفتح ردودا متبادلة ويؤدي إلى توسيع الحرب التي لن تكون في مصلحة أحد في الداخل اللبناني، ثمة مساع لوضع قواعد اشتباك جديدة تبعد شبح «الحرب الواسعة».
وبحسب مصادر مطلعة لـ «الأنباء»، فإن إيران المأزومة من استمرار تلقي الضربات الإسرائيلية دون رد، يقابلها استنفار عام في إسرائيل لمواجهة أي رد يجعلها تحت وطأة «مطرقة» الضغوط الدولية.
كما أشارت المصادر إلى مطالبة مجلس الأمن بوقف المجازر وتجويع المدنيين في غزة. ورأت انه بين «سندان» الرد الإيراني بتوسعة الحرب المرفوضة أميركيا، والتحفز الإسرائيلي، «لابد من التهدئة وتجنيب الداخل اللبناني مزيدا من دفع الأثمان المرتفعة».
وتقول مصادر نيابية إن جهات إقليمية ودولية تنشط لإعادة وضع قواعد اشتباك جديدة، تجنب المنطقة حربا لا أحد يعرف مدها.
وتضيف انه «لابد من إعادة ترتيب قواعد الاشتباك على أسس جديدة لتجنيب المنطقة أي احتمال لحرب واسعة».
وتشير إلى «ارتياح إسرائيلي بالتفلت تدريجيا من قواعد الاشتباك التي وضعت بعد 7 أكتوبر، من خلال توسيع دائرة الغارات من منطقة العمليات بعمق بضعة كيلومترات على جانبي الحدود، لتشمل كل الجنوب اللبناني وصولا إلى العاصمة بيروت، وأخيرا أقصى شمال لبنان، إضافة إلى الغارات شبه اليومية على سورية.
وحتى تبيان إمكانية الوصول إلى قواعد اشتباك جديدة، تستمر العمليات العسكرية اليومية على جانبي الحدود، بقصف وغارات إسرائيلية، وردود من قبل «حزب الله»، وإن بدا واضحا أن المبادرة انتقلت إلى الجانب الإسرائيلي لجهة التحكم بالمجريات، في ضوء تشدد «المقاومة» الالتزام بقواعد الاشتباك السابقة، والتي تخطتها إسرائيل.
في هذا الوقت، وخلافا لمجريات الحرب في مناطق واسعة من البلاد، شهدت قاعة الوصول في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت حركة واسعة من اللبنانيين في بلدان الانتشار ودول الخليج تحديدا، لتمضية عطلة عيد الفطر السعيد في البلاد مع الأهل. ويأتي ذلك ليرفع من وتيرة الحركة السياحة الداخلية، وتأمين انتعاش للمرافق ولو في مناطق معينة على حساب مناطق أخرى في الجنوب والبقاع.