فيما تكاد القرى والبلدات اللبنانية المتاخمة لإسرائيل، وتحديداً في القطاع الغربي تفرغ من سكانها، خيم الهدوء الحذر على الحدود الجنوبية أمس، من الناقورة حتى محور مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، في ظل تحليق مكثف للطيران الحربي والتجسسي الاسرائيلي فوق المناطق المحتلة في الجليل الأعلى، وصولا حتى أجواء المناطق المحررة في العرقوب وحاصبيا، وسَيّر الجيش اللبناني بالتنسيق مع قوات “اليونيفيل” دوريات على طول الخط الازرق لمراقبة الوضع، تحسبا لأي طارئ وبهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب. ولليوم الرابع على التوالي، أقفلت المدارس والثانويات وفروع الجامعة اللبنانية الرسمية والخاصة أبوابها، في المنطقة المتاخمة للحدود الجنوبية .
وفي تصريح ينسف مواقف “حزب الله” وإيران على السواء، كشف أحمد عبد الهادي ممثل “حماس” في لبنان أن الحركة كانت تقوم بتنسيق نشط مع إيران قبل وأثناء وبعد الهجوم ضد إسرائيل. موضحا أن الحركة نسقت أيضاً مع حزب الله اللبناني ومع فصائل أخرى مما يسمى محور المقاومة قبل الهجوم.وقال عبد الهادي،رداً على سؤال لمجلة “نيوزويك” “إن هذا التنسيق له أبعاد عديدة، سياسية وعسكرية.
ومع تصاعد منسوب الخوف لدى اللبنانيين من امتداد شرارة إلى جنوب لبنان، أكدت مصادر سياسية معارضة لـ”السياسة”، أن القرار عند حزب الله ومن خلفه الإيرانيين الذين يدعمون كل حركات المقاومة. فإما أن يبقى ما يجري على الحدود في إطار الرسائل، أم أن هناك قراراً بالتفجير الواسع، مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من أثمان باهظة سيدفعها لبنان، كما في كل مرة”، مشددة على أنه “ثبت أن قرار الحرب والسلم بيد الحزب وحده، وأن لا قرار للدولة وقواها العسكرية والأمنية في كل ما يجري. وسط تساؤلات عن مصير الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، وهل يمكن أن يكون ضحية أي حرب محتملة بين الحزب وإسرائيل؟” .
وفي الاثناء اعتبر القيادي في “حزب الله” الشيخ علي دعموش، أن البوارج الأميركية وحاملات الطائرات التي يتم الدفع بها إلى المنطقة لن ترعب او تخيف الحزب،قائلا: سنقوم بكل شيء يمليه علينا واجبنا الشرعي والأخلاقي والإنساني والقومي انتصارا للشعب الفلسطيني، وكل تهديداتهم لا تعني بالنسبة لنا شيئا”. واعتبرا أن العمليات التي تقوم بها المقاومة الإسلامية ضد المواقع الإسرائيلية هي بداية التجسيد الفعلي والميداني لهذا الموقف الواضح والحاسم.
في المقابل، ورداً على “حزب الله”، أكد نواب المعارضة، أن سيادة لبنان خط أحمر ولا يملك أي فريق على الأراضي اللبنانية وتحديدا حزب الله، الحق في زج البلد في حروب لا قدرة له على تحمل تبعاتها، مؤكدين أن لبنان كان ولا يزال من أكبر الداعمين لقضية الشعب الفلسطيني، ولطالما دفع الاثمان لأجلها. ودعا نواب قوى المعارضة، إلى ضرورة تحصين الداخل عبر المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية يجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة، ويمنع زج لبنان في حروب من قبل قوى خارجة عن الشرعية ويعيد تكوين السلطة القادرة على مواجهة التحديات”.
في غضون ذلك قال الناطق الرسمي باسم القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “يونيفيل” أندريا تيننتي، أن القوات الدولية لديها 10 آلاف جندي من 49 دولة ولا يمكن أن تستخدم القوة إلا في الدفاع عن النفس، مؤكدًا أن الأولوية القصوى حاليا تتمثل في تهدئة الوضع بين جميع الأطراف ونشر قواتنا بالكامل لمراقبة الخط الازرق.
وأكد تيننتي حرص يونيفيل، على استمرار الحوار، مؤكدًا أنه لا يمكن إرسال دوريات إلا بالتنسيق مع الجيش اللبناني. وأضاف: “نحن على اتصال مع السلطات على جانبي الخط الأزرق، على جميع المستويات، لاحتواء الوضع وتجنب تصعيد أكثر خطورة”، مشيرا إلى أن جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل يتواجدون في مواقعهم ويقومون بمهامهم ويواصلون العمل، بما في ذلك من الملاجئ حفاظًا على سلامتهم.
وفي حين تشهد بيروت حركة ديبلوماسية مكوكية تجنبا لإقحامها في حرب قد تندلع في أي وقت، أعلن سفير ايران لدى لبنان مجتبى اماني، أن وزير خارجية بلاده حسين أمير عبد اللهيان، سيقوم بزيارة إلى بيروت، في وقت تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، اتصالًا هاتفيا من نظيره رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، ناقشا خلاله الوضع في لبنان والمنطقة والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة. كما تم التداول والتنسيق حول عقد جلسة طارئة لرؤساء مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مخصصة لمناقشة تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة.