في خطوة لافتة ضمن المشهد السياسي اللبناني، جاء الموقف الإيجابي لـ «التيار الوطني الحر» من خطاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع، كإشارة إلى إمكانية تهدئة التوترات السياسية والبحث عن أرضية مشتركة للتعاون.
هذا الموقف أثار اهتمام الأوساط السياسية والإعلامية في لبنان، خصوصا في ظل الخلافات العميقة بين الطرفين على مر الأعوام الماضية.
وقال مرجع مسيحي وسطي لـ «الأنباء»: «أحد الأسباب الأساسية لهذا الموقف الإيجابي يعود إلى الوضع السياسي الراهن في لبنان، إذ يواجه البلد تحديات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية. والتيار الوطني الحر، برئاسة النائب جبران باسيل، يدرك أن هناك حاجة ماسة لتوحيد الصفوف الوطنية لمواجهة هذه التحديات. كما أن الخطاب الذي ألقاه جعجع تضمن رسائل واضحة تصب في خانة الحوار الوطني والابتعاد عن الاستقطاب السياسي، وهذا على ما يبدو، ما وجد فيه التيار فرصة لتعزيز الشراكة السياسية بين الأحزاب المسيحية في البلاد».
وأضاف المرجع: «أظن ان التيار الوطني الحر يرى أن التوافق المسيحي الذي دعا إليه جعجع في خطابه، هو خطوة ضرورية لتعزيز دور المسيحيين في القرار الوطني، خصوصا في ظل التغيرات الديموغرافية والسياسية التي يشهدها لبنان والمنطقة. وهذه الرؤية تتماشى مع تطلعات التيار في تعزيز موقع المسيحيين في الحكم ومنع تهميشهم».
وأوضح المرجع: «الأزمة الرئاسية التي يعيشها لبنان منذ فترة طويلة (31 أكتوبر 2022)، كانت عاملا مؤثرا في التقارب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، على رغم التباينات السابقة حول هوية الرئيس المقبل. وهناك إدراك متزايد بأن التوافق المسيحي – المسيحي هو الطريق الأمثل للخروج من هذه الأزمة. وخطاب جعجع الذي أشار إلى ضرورة الوصول إلى توافق حول رئيس جديد يعكس هذا التوجه، وربما هذا ما جعل التيار يتفاعل بإيجابية مع هذا الطرح».
وأشار المرجع «إلى ان الموقف الإيجابي للتيار الوطني الحر من خطاب جعجع، لم يمر دون ملاحظة من قبل القوى السياسية الأخرى. فالعديد من الأطراف السياسية رأت في هذا الموقف محاولة لبناء جسر من الثقة بين الحزبين المسيحيين الرئيسيين، ما قد يسهم في تخفيف حدة الانقسام السياسي في لبنان. من جهة أخرى، هناك من اعتبر أن هذا الموقف يحمل أبعادا انتخابية، خصوصا مع اقتراب الانتخابات النيابية، حيث يسعى كل من التيار والقوات لتعزيز موقعهما في الشارع المسيحي».
وأكد المرجع انه «أيا كانت الاعتبارات والخلفيات، فإن الموقف الإيجابي للتيار الوطني الحر من خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، يعكس تحولا في الديناميات السياسية الداخلية في لبنان. وفي ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد، يبدو أن الأطراف السياسية تدرك ضرورة وضع الخلافات جانبا والعمل معا من أجل مصلحة البلاد. هذه الخطوة، إذا ما تم البناء عليها، قد تكون بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين التيار والقوات، وربما تسهم في تخفيف حدة الأزمة السياسية في لبنان، بما يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية».