فيما يسود اقتناع لدى المراقبين بأن المناطق الحدودية الجنوبية مقبلة على حرب استنزاف طويلة بين “حزب الله” وإسرائيل، مرشحة أن تخرج عن السيطرة في أي وقت، استناداً إلى ما قاله الأمين العام لـ”الحزب” حسن نصرالله، وسع الجيش الإسرائيلي من دائرة اعتداءاته على الأراضي اللبنانية، حيث قصفت مدفعيته ومنذ ساعات فجر أمس، محيط بلدات علما الشعب والناقورة واللبونة وراميا، في حين حلق الطيران الاستطلاعي التابع له فوق أجواء صور، بينما أغارت مسيّرة إسرائيلية على أطراف بلدة طيرحرفا، واستهدفت سيارتي إسعاف لجمعية الرسالة للإسعاف الصحي، كانتا تحاولان سحب قتيلين لـ”حزب الله”، ما أدى الى إصابة أربعة مسعفين بجروح.
وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال افيخاي ادرعي بان الغارة استهدفت خلية حاولت اطلاق قذائف من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الإسرائيلية في منطقة رأس الناقورة، فيما أعلن متحدث آخر، أن طائرات حربية تابعة للجيش هاجمت البنية التحتية العسكرية لحزب الله في الأراضي اللبنانية، بعد رصد عدد من عمليات الإطلاق من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي المحتلة”، مضيفاً،”تم رصد إطلاق نار مضاد للدبابات باتجاه منطقة المطلة دون وقوع إصابات.
وفي المقابل أعلن “حزب الله”، أنه هاجم في أوقات متزامنة بالصواريخ والأسلحة المناسبة عدداً من مواقع جيش الاحتلال، وهي جل العلام والجرداح وحدب البستان والمالكية والمطلة وحقق فيها إصابات مباشرة. كما أطلق “الحزب” صاروخاً باتجاه موقع المالكيه الإسرائيلي. وقد سمع صوت انفجار قوي في منطقة النبطية، تبيّن أنه ناجم عن اسقاط مسيرة اسرائيلية من نوع MK في بلدة زبدين قضاء النبطية. ودوت صفارات إنذار بمنطقتي زرعيت وأفيفيم بالجليل الأعلى قرب الحدود مع لبنان.
ودفع التصعيد باستخدام الغارات الجوية، عشرات العائلات التي عادت في الأسبوع الماضي إلى منازلها، لمغادرة بلداتها مجدداً، تحسباً لأي تصعيد إضافي، لأن السكان غير مطمئنين بعد التصعيد المفاجئ بالغارات الجوية، وتحديداً بعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله”، والذي قال فيه إن الجبهة مستمرة، وكل الاحتمالات مفتوحة.
وعلى صعيد المشاورات الدبلوماسية الجارية، تلقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء هولندا مارك روته وبحث معه الأوضاع في لبنان وغزة والمساعي الجارية لإحلال السلام. وكرر ميقاتي المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، محذرا من أن استمرار التدهور على ما هو عليه يهدد بتمدد الحرب الى المنطقة ككل.
وفي سياق غير بعيد، جددت السفارة الأميركية في بيروت توصيتها للمواطنيين المتواجدين في لبنان بالمغادرة فورا بينما تظل الرحلات الجوية التجارية متاحة بسبب الوضع الأمني الذي لا يمكن التنبؤ به”.
سياسياً، وبعد عودته إلى بيروت من رحلة خارجية دامت ما يقارب الشهرين، أعلن البطريرك بشارة الراعي في عظته من بكركي، أكد الراعي أنه من المعيب حقا ان نسمع كلاما عن اسقاط قائد الجيش في وقت تحتاج هذه المؤسسة الى المزيد من الدعم والوقوف الى جنبها”. وعن حرب غزة، عبّر الراعي عن المه لما يجري من حرب بغض وحقد في غزة”، لافتا إلى أنه في الحرب الجميع خاسرون، والويلات تصيب المواطنين الابرياء، مؤكداً أن الحل الوحيد للسلام هو قيام الدولتين بنتيجة المفاوضات وقد آن الأوان لاعطاء الفلسطينيين حقهم، فالجميع يشعر بالخوف من امتداد الحرب الى لبنان ونصلي لوقف الجرائم ضد الانسانية.
وقال المطران الياس عودة في عظته، “لم يعد هناك احترام لقدسية الحياة ولكرامة الإنسان ولا لأرض مقدسة. يشنون الحروب المدمرة ولا يحيدون النساء والأطفال والمعابد والمستشفيات. لقد تخلى معظم حكام العالم عن إنسانيتهم وصموا آذانهم عن صراخ الأطفال وأنين الأمهات، ولا يصغون لصراخ الضمير. أسابيع مرت ولم نر نية لوقف القتال وحماية المدنيين الأبرياء الذين يقتلون وكأنهم ليسوا على صورة الله ومثاله ولهم الحق في حياة كريمة. إن لم ينظر العالم بعين العدل لن يكون سلام ولا استقرار لأن الحكم المبني على الظلم لا يدوم”.
واعتبر المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان أن “التسوية الرئاسية ضرورة مطلقة والتأخير خيانة للبنان والمقاومة”، وقال في بيان: “للتاريخ واللبنانيين شعباً وقيادات سياسية ودينية أقول: ما يجري الآن حرب إبادة يخوضها الأطلسي بأثقل ترسانة أميركية والعين على نوعية التمركز الإقليمي لواشنطن بعد كارثة 7 تشرين التي كشفت الإسرائيلي عن انهيار لا سابق له، وما يجري الآن مواصلة الحرب بهدف أكبر من غزة، والأطلسي بقيادة الأميركي يمارس ضغط الإجرام بكافة الأساليب لتأمين الخرائط الإقليمية، ولبنان بكيانه ودولته وتاريخه وواقعه الحالي بصميم قلب العاصفة، والمطلوب حماية لبنان سياسياً ما يعني أن التسوية الرئاسية ضرورة مطلقة والتأخير خيانة للبنان والمقاومة التي تخوض حرب السيادة الوطنية والإقليمية بطريقة استدعت أساطيل الأطلسي الكبرى واستنفرت القواعد الأميركية بالمنطقة.