خلّف لقاء بكركي الذي دعا إليه الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تحت رعاية الموفد الفاتيكاني الأرفع إلى لبنان، أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، الكثير من التفاعلات على الساحة اللبنانية، لاسيما على مستوى الحضور الذي كان محدودا.
وكان من أبرز المتغيبين عن اللقاء الذي عقد الثلاثاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل، اللذين أوفدا ممثلين عنهما وهما النائب بيار بوعاصي والنائب نديم الجميل، ومن بين الغائبين أيضا عن اللقاء الجامع ممثلو الطائفة الشيعية.
وعمدت أطراف سياسية إلى استغلال غياب جعجع والجميل عن اللقاء، في محاولة لدق إسفين في العلاقة بين بكركي والحزبين المارونيين اللذين لطالما دافعا عن الصرح البطريركي في أوج الهجمات التي تعرض إليها من الثنائي الشيعي ولاسيما من حزب الله.
وقالت أوساط سياسية قريبة من القوات اللبنانية إن عملية التضليل التي قادتها أطراف معروف عنها عداؤها لبكركي، فاشلة، وإن الراعي يدرك الحيثيات التي حالت دون ذهاب كل من جعجع والجميل إلى اللقاء، وأن الحديث عن مقاطعة لا يعدو كونه اصطيادا في الماء العكر.
في المقابل لفتت تلك الأوساط إلى أن غياب ممثلي الطائفة الشيعية سواء كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أو الثنائي الشيعي عن اللقاء، يحمل أكثر من دلالة وأنه كان الأوجب أن يتم التركيز عليه، حيث أثبت ممثلو الطائفة الشيعية أنهم لا يهتمون لمبدأ العيش المشترك، وأن جل تركيزهم هو محاولة شيطنة الآخرين وتخوينهم وهو ما ظهر بالواضح في الرسالة التي وجهها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان للكاردينال بارولين.
وقال الشيخ قبلان في رسالته التي أثارت جدلا واسعا “إن بعض الرؤساء الروحيين في بلدي يرون ما تقوم به طائفة الفداء الأكبر وجماعة مقاوميها إرهابا ممقوتا لا بد من ردعه ومنعه، ولا يفتأ هذا الصوت يطالب بتطبيق قرارات دولية عمليا تلزم لبنان دون إسرائيل بقرارات أممية مطبوخة بسمّ الظروف، وأكبر الممكن لتمنع فدائيي هذا البلد وقديسي هذا الوطن من القيام بواجب منع الفظاعات والمذابح”.
وبدا واضحا أن رسالة الشيخ قبلان تستهدف رأسا الراعي، وإن لم يسمّه، ذلك أن البطريرك الماروني لطالما دعا مرارا إلى عدم تحميل لبنان وزر أزمات المنطقة، والزج به في حروب قد تقود إلى حتفه.
واعتبرت الأوساط أن بعض القوى على غرار التيار الوطني الحر كان المفروض بها أن تركز على المضامين الخطيرة التي حملتها رسالة المفتي الجعفري، بدل توجيه الأنظار إلى غياب زعيمي القوات والكتائب، لأسباب أمنية ليست خافية على أحد في لبنان.
وانتقدت الدائرة الإعلامية في حزب القوات اللبنانية “انبراء مجموعة أبواق تبدأ من التيار الوطني الحر ولا تنتهي عند الممانعة بالتهجم على القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية في موضوع لقاء بكركي”، مشيرة إلى “النقطة التي ينبغي التوقف عندها وهي أنّ هذه الأبواق كلّها على طرفي نقيض مع السياسات الوطنية التي تنتهجها بكركي، وتقف صفا واحدا مع من هاجم بكركي واتهمها بأبشع التهم والأوصاف”.
وأكدت الدائرة الإعلامية للقوات في بيان أن “العالم كلّه يعرف العلاقة الوثيقة التي تربط القوات اللبنانية بصرح بكركي ومدى التشاور والتنسيق المستمرين معها، وبالتالي ما صدر عن هذه الأبواق لا علاقة له بالواقع والحقيقة وهو محض كذب وتضليل”.
وأشارت إلى أن “العالم كلّه أصبح يعرف أنّ الدكتور سمير جعجع يتجنّب المناسبات الرسمية المبرمجة مسبقًا والمعدة سلفًا بالزمان والمكان، وذلك للأسباب الأمنية المعروفة”، لافتة إلى أن “القوات اللبنانية شاركت في لقاء بكركي من خلال ممثلها النائب بيار بوعاصي، وبالتالي الكلام عن مقاطعة خاطئ وكاذب”.
من جهته قال عضو كتلة الكتائب اللبنانية النائب إلياس حنكش إن رئيس حزب الكتائب يخضع لإجراءات أمنية تحول دون حضوره شخصياً أحياناً في اللقاءات، معتبرا أن إرسال ممثل عنه إلى لقاء بكركي ليس بالأمر الغريب.
وأوضح حنكش في مداخلة تلفزيونية “نحن لا نقاطع بكركي لا اليوم ولا في الماضي ولا في المستقبل وأتمنى أن لا يُعطى موضوع عدم حضور النائب سامي الجميّل الغداء أكثر من حجمه”.