المسؤولون في إدارة الإمتحانات يعرفون أكثر من غيرهم كيف أن إضرابات القطاع التعليمي، في مختلف مراحله، وخاصة الثانوي، كادت تُطيّر العام المدرسي برمته، لأن عدد أيام الإضرابات المتتالية قد فاق تعداد أيام التدريس. ويدركون قبل غيرهم، أن ما تبقّى من العام الدراسي لم يكن كافياً لإتمام تدريس البرامج المقررة في المناهج الثانوية، وبالتالي فإن العديد من الفصول قد تم تجاوز تدريسها، وأن المواد الباقية قد تم إعطاؤها للطلاب على عجل، وبعضها من باب رفع العتب، والإكتفاء بتسجيل ساعات الدراسة!
حسناً فعل وزير التربية القاضي عباس الحلبي بالمسارعة إلى الإعلان عن تنظيم دورة ثانية للإمتحانات الثانوية سريعاً، حتى يتسني للطلاب الإلتحاق بجامعاتهم، سواء في لبنان أو في الخارج، وإنقاذ سنة كاملة من عمرهم الدراسي من الضياع، بسبب هذا الإستهتار من واضعي أسئلة الرياضيات.
ولكن بإنتظار تحديد موعد الإمتحانات الجديد، لا بد من إستدراك معايير التصحيح لمسابقات الدورة التموزية، بما يتناسب والحفاظ على مستوى معقول من دقة الأجوبة من جهة، والأخذ بعين الإعتبار الأسباب الموجبة لعدم التشدد في وضع العلامات على المسابقات التي تضمنت الحد المناسب من الأجوبة الصحيحة، ولو كانت غير مكتملة.
لطالما كان لبنان متميزاً في مستوى التعليم الرسمي والخاص، المدرسي والجامعي. ولا شك أن الأزمات الراهنة التي تعصف بالبلد، ستترك تداعياتها السوداء على التعليم، أسوة بالعديد من القطاعات التي كانت مميزة أيضاً، وفي مقدمتها القطاعات المصرفية والإجتماعية والمعيشية.
ولكن يجب أن تبقى الأولوية لحماية قطاع التعليم المدرسي والجامعي من الإنهيار، حفاظاً على مستقبل الأجيال الجديدة، وحتى يبقى لبنان منجماً لأهل العلم والإختصاص، المتميزين عن أقرانهم، بمن فيهم خريجي العديد من الدول الأوروبية.