يواجه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، 4 لوائح اتهام، في وقت يسعى فيه إلى خوض السباق للبيت الأبيض، وهو ما يطرح تساؤلات بشأن إمكانية تقلده منصب الرئاسة مجددا، لو أدين في أي من تلك الاتهامات الجنائية.
واتهم الرئيس الجمهوري السابق بمحاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في عام 2020، وهو ملاحق أيضا في قضية احتفاظه بوثائق مصنفة سرّية بعد مغادرته البيت الأبيض، وقضية مدفوعات مشبوهة لممثلة أفلام إباحية.
وآخر الاتهامات جاءت من هيئة محلفين كبرى في أتلانتا بولاية جورجيا، التي تتعلق بمحاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاية، وأمهلته حتى تاريخ 25 أغسطس للمثول أمام القضاء هناك.
ويؤكد خبراء قانونيون أن ترامب مؤهل لتقلد منصب الرئاسة مجددا لأن الدستور لا يمنع المدانين بجرائم من شغل هذه المناصب، وينص الدستور على شروط من بينها أن يكون المرشح مواطنا أميركيا، وعمره 35 عاما على الأقل، وعاش في الولايات المتحدة لمدة 14 عاما على الأقل.
وقال أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، ريتشارد إل هاسن، المتخصص في قانون الانتخابت لشبكة “سي أن أن”: “الدستور ينص على متطلبات بسيطة جدا لمنصب الرئيس. ولا يمنع أي شخص متهم أو مدان أو حتى يقضي عقوبة السجن من الترشح لمنصب الرئيس والفوز بالرئاسة”.
وتقول نيويورك تايمز إن شخصية المرشح، وسجله الجنائي، لا يمنعان الترشح والفوز، وفي حين أن بعض الولايات تمنع المدانين بجرائم من الترشح للمناصب الحكومية والمحلية، فإن هذه القوانين لا تنطبق على المناصب الفيدرالية.
لكن في حين أنه سيكون من الصعب من الناحية اللوجستية الترشح للرئاسة من السجن في حال الإدانة وقضاء فترة خلف الأسوار، فإن فريق ترامب يمكنه مواصلة الحملة وجمع الأموال، ومن غير المرجح أن يتم استبعاد اسم ترامب من بطاقات الاقتراع، وهناك شكوك قانونية في قدرة الولايات على فعل ذلك.
لكن خبراء قانونيين يقولون إنه يمكن استخدام الفقرة الثالثة في التعديل الـ14 في الدستور لمنع ترامب من تولي منصب الرئيس، فالمادة تمنع أي شخص من تولي منصب عام إذا كان “قد انخرط في تمرد أو عصيان” أو “قدم المساعدة أو العون للأعداء”، وفق “سي أن أن”. وهذا النص الدستوري يمكن استخدامه في حال أدين في قضية محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية
وتنص الفقرة الثالثة في التعديل الـ14 أنه: “لا يجوز لأي شخص أن يصبح عضو مجلس شيوخ أو نائب في الكونغرس، أو ناخباً للرئيس أو نائب الرئيس، أن يشغل أي منصب، مدنيا كان أو عسكريا، تابعا للولايات المتحدة أو تابعاً لأية ولاية، إذا سبق له أن أقسم اليمين كعضو في الكونغرس أو كموظف لدى الولايات المتحدة أو كعضو في مجلس تشريعي لأي ولاية أو كموظف تنفيذي أو قضائي في أي ولاية، لتأييد دستور الولايات المتحدة واشترك بعد ذلك في أي تمرد أو عصيان ضدها، أو قدم عونا ومساعدة لأعدائها. ولكن يمكن للكونغرس، بأغلبية ثلثي الأصوات في كل من المجلسين أن يزيل مثل هذا العائق”.
وهذا يعني أن الفقرة تمنع أي شخص أدى قسما سابقا (أعضاء مجلس الشيوخ والنواب والموظفون العموميون الآخرون) من تولي منصب عام إذا كان قد “انخرط في تمرد أو عصيان” ضد الولايات المتحدة.
وتقول منظمة “مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق في واشنطن” غير الحزبية ومقرها واشنطن، إنه تم اعتماد هذا البند بعد الحرب الأهلية من أجل حماية الديمقراطية الأميركية من أولئك غير الموالين للدستور، حيث تشير إلى حظر المناصب العامة على أي شخص أقسم “اليمين.. لدعم دستور الولايات المتحدة” ثم “شارك في تمرد أو عصيان ضده”.
وتقول إن الآلية تنطبق على ترامب لأنه ظل يتحدث عن انتخابات “مسروقة” و “مزورة” حتى بعد استنفاد الطعون القانونية، وضغط على المسؤولين الحكوميين لمساعدته على نقض نتائج الانتخابات بشكل غير قانوني، واستدعى الآلاف من أنصاره للسفر إلى واشنطن العاصمة للاحتجاج على التصديق على نتائج الانتخابات في السادس من يناير 2021، ولم يأمرهم بالتوقف وهم يعتدون على مبنى الكابيتول.
لكن مجلة كومباكت المحافظة تقول إن التعديل لا ينطبق على المرشحين الرئاسيين الحاليين، وهو يختص فقط بفترة الحرب الأهلية، “ولم يكن القصد منه أن يكون شرطا عاما يمكن أحد الأطراف من استبعاد المرشح الرئيسي للطرف الآخر في أي انتخابات مستقبلية”.
وتشير المجلة إلى الفقرة الرابعة في التعديل التي تقول: “لا يجوز الطعن في صحة دين عام على الولايات المتحدة، أجازه القانون، بما في ذلك الديون الناشئة عن دفع معاشات ومكافآت عن خدمات قدمت لقمع تمرد أو عصيان. ولكن لا يجوز للولايات المتحدة أو لأي ولاية أن تتحمل أو تدفع أي دين أو التزام ناشئ عن تقديم عون لتمرد أو عصيان ضد الولايات المتحدة، أو تواجه أية دعوى بشأن خسارة أي عبد أو تحريره، إذ أن جميع هذه الديون والالتزامات والمطالب تعتبر غير شرعية وباطلة”.
وتقول إنه يبدو من هذا النص أنه يهدف إلى تطبيقه على تمرد وعصيان معين، وهو الخاص بالحرب الأهلية التي أدت إلى “تحرير العبيد”، و”لم يكن هناك عبيد ليتم تحريرهم في الولايات المتحدة بعد تلك الحرب”.
وقال أنتوني مايكل كريس، أستاذ القانون المساعد في جامعة ولاية جورجيا، لـ”سي أن أن” إن هناك نقاشا أكاديميا بشأن الفقرة الثالثة من التعديل: “وهناك نقاش مفتوح كبير حول ما إذا كانت ذاتية التنفيذ، أو ما إذا كان الكونغرس سيحتاج إلى تمرير تشريع لفرضها”.
وتقول نيويورك تايمز إنه إذا أدين ترامب بأي من التهم الجنائية، فإن الأمور “ستصبح أكثر تعقيدا. والدستور والقانون يجيبان فقط على بعض الأسئلة.. وقد تدخل البلاد في منطقة مجهولة وستكون القرارات الضخمة في أيدي القضاة الفيدراليين”.