فيما لايزال التعثر الذي يواجه الوساطات الخارجية لحل أزمة الانتخابات الرئاسية المستعصية مستمرا، فإن الأجواء قد تكون مهيأة للانطلاق بعملية ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية، في ظل حديث عن عودة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت في الأسابيع القليلة المقبلة، وبعد أن أبدى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله استعداده للتعاون في أي خطوة من شأنها تحرير الأرض، محملا الدولة اللبنانية مسؤولية ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل.
وفي كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال احتفال نظمه الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، قال نصرالله: “يقال إنه خلال أيام قد تكون هناك وساطة جديدة حول” الحدود البرية. مضيفا: “بالنسبة لنا، هذا الموضوع هو مسؤولية الدولة اللبنانية، الدولة إذا تقبل وساطات وتفاوض فهذا شأنها، ونحن لسنا معنيين أن نقول نحن نقبل هذه الوساطة أو نرفض، ونعتبر أننا خارج هذا الشأن”.
لكن نصر الله أكد في نفس الوقت على أن أي خطوة تساعد على تحرير الأرض ستلقى أيضا التضامن والتعاون بين المقاومة وبين الدولة في المرحلة المقبلة، على غرار ترسيم الحدود البحرية. مشددا على أن “حقنا في المياه نأخذه كاملا وحقنا في الأرض نأخذه كاملا ولا نساوم عليه في أي ملفات أو عناوين أخرى”. وأشار الى ضرورة معالجة أسباب النزوح، مشددا على أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي أشعلت الحرب في سورية وفرضت لاحقا عليها قانون قيصر، مجدداً دعم حزبه ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية .
وعلمت “السياسة” من مصادر دبلوماسية، أن “حزب الله” بعد كلام نصرالله أعطى الضوء الأخضر بموافقة إيرانية، للدولة اللبنانية للسير بملف الترسيم البري، في وقت يرفض أي توجه لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وسورية، بعدما سبق لدمشق أن أبدت اعتراضها على أي خطوة لبنانية من هذا القبيل. وأشارت المعلومات إلى أن الدولة اللبنانية ستكون مجرد واجهة في المفاوضات مع إسرائيل، فيما سيكون القرار الأول والأخير بيد الحزب وإيران، كما جرى تماماً في ملف الترسيم البحري.
وفي حين دخل الملف الرئاسي في متاهات الوساطات غير المجدية، بفعل تمسك “الثنائي الشيعي” بشروطه، شدد رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميّل، على أن حزب الله يختطف الاستحقاق الرئاسي وينتظر أن يقبض الثمن ليفرج عنه. وتوجه الجميّل لنصرالله، قائلاً، “لا نخاف منك ولا نخاف من أحد”. ولفت الى أنّ “رئيس مجلس النواب نبيه بريّ لا يدعو الى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وحزب الله مُصِرّ على مرشحه ونحن أمام خيارين، إمّا الصمود أو الخضوع، إمّا نرفض منطق الإملاء والسيطرة والفرض أو نخضع للمرشح الذي يفرضه الحزب”. واعتبر أنه “اذا كان حزب الله حريصاً على البلد كما يدّعي فليسحب مُرشحه وليقترح مرشحاً آخر، عندها إمّا نختار بين الإثنين أو نذهب إلى خيارٍ ثالث رئاسياً”.
وقد رد نائب “القوات اللبنانية” فادي كرم على تهديدات “حزب الله”، فقال “أوافق مع الشيخ قاووق، أننا في المعارضة أصبحنا الثقل الحقيقي والعائق الفعلي لمشروعهم الإلغائي للبنان وأستكمل، أنه في المقابل، حزب الشيخ ودويلته قد أصبحا العائق المؤكد للدستور اللبناني وللعمل الديمقراطي وللاصلاح في لبنان، ولتحريره من العزلة الدولية”.
وفي تداعيات ملف النزوح، طالب وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، وزير الداخلية والبلديات بسام مولوين بدعوة مجلس الأمن الداخلي المركزي الى اجتماعٍ طارئ لاتخاذ التدابير القانونيّة والإدارية العاجلة والفورية الكفيلة بالتصدّي لأزمة النزوح السوري من جميع جوانبها الإشكاليّة.
إلى ذلك، حذر “لقاء سيدة الجبل” من ضياع لبنان الوطن والدولة، محملاً بعض القوى السياسية مسؤولية العبث بمستقبل البلد، وبالأخص حزب الله الذي يريد فرض هيمنته بقوة السلاح، أيا تكن نتائج هذه الهيمنة، ولو تفككت الدولة والكيان معا. واستغرب اللقاء تكرار الموفدين الدوليين والعرب زياراتهم إلى لبنان من دون أي نتيجة، وكأن دولهم لا تعرف حقيقة الأوضاع في لبنان وأن إيران “حزب الله” تمسك بالفيتو الذي يمنع انتخاب رئيس للجمهورية لا يضمن استمرار احتلالها للبنان.