تراجع الرهان على هدنة قريبة على الحدود الجنوبية ارتباطاً بهدنة مماثلة يجري ترتيبها في حرب غزة. وأخذ المشهد الجنوبي يزداد توتراً في الأيام الأخيرة، ما يعني أنّ الجبهة في لبنان ستنال قسطها من العنف المتمادي في غزة الى أن تسفر الجهود الدولية والإقليمية عن صفقة ما لتبادل الرهائن والسجناء هناك.
وعبّر الرئيس إيمانويل ماكرون عن دقة الموقف على الجبهة الجنوبية، فقال في حديث لوكالة «رويترز» مساء أمس: «نعمل بشكل نشط حتى لا تمتد النار نحو حدود إسرائيل مع لبنان».
وأكد مصدر رئاسي فرنسي أنّ الوضع في لبنان والحرب على غزة سيحضران في محادثات ماكرون مع الملك عبدالله الثاني في الأردن، مكرّراً موقف بلاده من «مخاوف اتساع رقعة الحرب على لبنان». وأشار الى أنّ «المخاطر القائمة والمتعلقة باشتعال المنطقة هي في صلب تحرّك فرنسا، وهناك ضرورة ماسّة لتجنّب اشتعال الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل و»الخط الأزرق»، وهذه الجهود هي في صلب تحرك الديبلوماسية الفرنسية منذ 7 تشرين الأول الماضي».
وفي هذا السياق، شهدت المواجهات ليل الأربعاء الخميس توسيعاً لرقعتها الحدودية، فشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات استهدفت غابات قرب بلدة بصليا في قضاء جزين، على بعد أكثر من 20 كيلومتراً من الحدود. وأعلن «حزب الله» من ناحيته، مسؤوليته عن سلسلة هجمات على إسرائيل، مشيراً إلى أنّه أطلق «صواريخ حارقة» على منطقة حرجية في شمال إسرائيل قرب الحدود.
على صعيد متصل، أوردت صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية تقييمات مركز «ألما للأبحاث والتعليم» في الجليل، حول مدى شبكة أنفاق «حزب الله» في جنوب لبنان، بمساعدة كوريا الشمالية وإيران، مباشرة بعد حرب لبنان الثانية عام 2006.
وقال تل بيري رئيس قسم الأبحاث في المعهد: «لا يتعلق الأمر فقط بشبكة محلية من الأنفاق الهجومية والبنية التحتية في القرى أو قربها، بل بشبكة أنفاق إقليمية تمتد عشرات الكيلومترات، وتربط منطقة بيروت (المقر المركزي) والبقاع بمنطقة جنوب لبنان والحدود الإسرائيلية».
ومن الشجون الميدانية الى الشؤون السياسية الداخلية، أبلغت مصادر واسعة الإطلاع الى «نداء الوطن» أنّ اللقاءات والمشاورات المكثفة التي تمت بعيدة عن الأضواء، وانتهت الى اتفاق ترجم في مجلس النواب بإقرار اقتراح قانون تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، يمكن البناء عليه في الاستحقاق الرئاسي. وتحدثت المصادر عن دعوة وجّهها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى رئيس مجلس النواب نبيه بري «عوّل فيها على دوره على هذا الصعيد بعيداً عن الحوار الذي لا طائل من ورائه، كما ظهر في تجربة عام 2006 «. وقالت المصادر: «إنّ المطلوب تحويل البروفة العسكرية الى بروفة رئاسية، فنبدأ بمرشحَين، وإذا وجدنا أنهما غير مقبولين، نذهب الى مرشح آخر أو الى مرشح رابع، حتى التوصل الى توافق على أوسع نطاق ممكن على اسم يمكن الذهاب به الى البرلمان».
في موازاة ذلك، علمت «نداء الوطن» أنه يبدو أنّ اللقاء بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم أمس لم يثمر إلّا كسراً للجليد بين الرجلين، بدليل التصريح الذي أدلى به سليم بعد خروجه من اللقاء، حيث ربط تعيين رئيس للأركان بسلة تعيينات عسكرية شاملة، الأمر الذي قد لا يلاقي توافقاً سياسياً يسمح بتحقيقه.
لذلك، يستبعد المعنيون عقد جلسة قريبة لمجلس الوزراء لبتّ التعيينات، مشيرين إلى أنّ الملف رُحّل الى السنة الجديدة، لافتين إلى أنّ الأجواء توحي، أقله إلى الآن، بأنّ وزير الدفاع لم يبدّل رأيه في شأن التعيينات، وإذا ما قرّر مجلس الوزراء بتّها، فسيقوم بها من خارج سلطة وزير الدفاع.