وهكذا لم ينجح جان عبيد في اعتلاء كرسي بعبدا بسبب عدم تعامل القوى المسيحية بجدية مع ترشيحه خلافاً لما حصل مع إبن شقيقته الوزير السابق جهاد أزعور، حيث انقلبت الأدوار، فالرئيس بري الداعم الأكبر لعبيد في تلك الأيام ينظر إلى ترشيح أزعور على أنه غير جدي، فيما الأحزاب المسيحية التي لم تنظر إلى ترشيح عبيد بجدية تتقاطع على إبن شقيقته أزعور هو الآتي إلى نادي المرشحين من خارج النادي السياسي المتعارف عليه خلافاً لما كان عليه حال خاله الذي كان في قلب النادي السياسي وفي قلب نادي المرشحين الرئاسيين.
هذه العقدة المسيحية بعينها تقف عائقاً أمام تربّع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية على كرسي الرئاسة اليوم والذي للمرة الثانية يصطدم ترشيحه في اللحظات الأخيرة بعائق يحول دون انتقاله السلس إلى القصر الجمهوري علماً أن أوساط الثنائي الشيعي ما زالت تعوّل على عدم تبدل الموقف الفرنسي من فرنجية بعد زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انطلاقاً من كلام منسوب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول «أن الاتفاق المسيحي على مرشح مهم لكنه غير كاف».
وعلى خط المعارضة وقبل ساعات على إعلان قواها المتعددة تبني ترشيح أزعور، فإن نواب التغيير حسموا بأغلبيتهم وقوفهم إلى جانبه حيث تشير المعلومات إلى أن ما بين 9 إلى 10 نواب سيقترعون لصالحه بعدما تسنى لهم التواصل معه والاطلاع على رؤيته السياسية والاقتصادية. وقد كان لـ «القدس العربي» حوار مع النائب التغييري عن قضاء عاليه مارك ضو الناشط بقوة مع زملائه في قوى المعارضة للخروج باتفاق موحد. وجاء في الحوار:
○ كيف تقرأ التطورات الرئاسية وأين نواب التغيير من دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور؟
• التطورات إيجابية وهي تتمثل بحصول اتفاق واسع من قبل المعارضة لوقف مرشح الممانعة الذي يحاول فرضه حزب الله، وأتصوّر أن أكثرية نواب التغيير إن خًيّروا بين جهاد أزعور وسليمان فرنجية يختارون بأكثرية ساحقة أزعور.
○ هل تسنّى لك التواصل مع المرشح أزعور للاطلاع على برنامجه وهل هو مرشح مناورة أو تحد كما ينظر إليه الثنائي الشيعي؟
• تواصلنا مع المرشح أزعور وإطلعنا على البرنامج وتناقشنا في بنوده وتبادلنا وجهات النظر في عدد من القضايا، وليس في رأيي أنه مرشح تحد لأنه زار الثنائي الشيعي واستقبلوه وجرت محادثات بينهم وبينه، فهو زار الرئيس نبيه بري وحركة أمل وحزب الله وتحديداً النائب محمد رعد، وفي تقديري لو كان مرشح تحد لما وجب استقباله.
○ كيف قرأت بيان الرئيس بري حول أن أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة في حال وجود ترشيحين جديين؟
• هذا البيان غير موفّق وهذه فتوى غير دستورية وهذا تقصير بالواجب من قبل رئيس المجلس لدعوة المجلس لانتخاب رئيس وليس له الحق بتحديد معايير مفبركة والحديث عن مرشحين جديين أو غير جديين. وقد سقطت كل الأعذار بعدما كان يقول في السابق بعدم وجود مرشح جدي ثم بعدم وجود توافق مسيحي. ومن الواضح أنه بات هناك توافق مسيحي وفوق ذلك هناك مرشحون جديون.
○ ما صحة التلويح بفرض عقوبات على معطلي انتخاب الرئيس وبماذا ترد على من يتهمكم كوفد معارض بالتحريض في الخارج؟
• مسألة العقوبات نسمع عنها في التصريحات وهي لا تعنينا، فهي قرارات خارجة عن نطاقنا ونحن نتمنى إنجاز الاستحقاق بأسرع وقت ممكن.
○ في ظل المعطيات القائمة أين أصبحت حظوظ سليمان فرنجية برأيك؟
• برأيي إن حظوظ سليمان فرنجية باتت قريبة من العدم خصوصاً إذا نجحنا كنواب معارضة بأن يكون العدد كبيراً فوق الـ 65 نائباً أو ما يزيد يستعدون للتصويت كما يظهر لغاية الآن لصالح جهاد أزعور. وفي تقديري إن فرنجية لم يعد مرشحاً أساسياً في هذا الاستحقاق.
○ ولكن هل يمكن انتخاب رئيس يرفضه حزب الله وأي رسالة أراد إيصالها من المناورة العسكرية في عرمتى؟
• لا من غير الممكن انتخاب رئيس في ظل مقاطعة كاملة من حزب الله وحركة أمل إنما هذا لا يعني أنه بإمكانهما فرض رئيس، فإسقاط قدرتهما على فرض رئيس سيلزمهم بالتفاوض حتى الوصول إلى حالة يتم فيها انتخاب شخصية، وفي رأيي إن جهاد أزعور هو المخرج اللائق لهم وللبلد من هذه الأزمة بسبب خبرته وفي الوقت ذاته بسبب وقوفه على مسافة من القوى السياسية.
وفي انتظار ما سيقدم عليه الرئيس بري بعد إعلان ترشيح أزعور، فإن أمام رئيس مجلس النواب حلين: إما الدعوة إلى جلسة انتخاب قد لا تفضي إلى نتيجة في ظل احتمال تطيير النصاب في الدورة الثانية، وإما الاستمرار في اقفال المجلس والاستمرار بالفراغ الرئاسي إلى حين نضوج تسوية على خيار ثالث.