أكد نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي اليوم الجمعة أنه سيتعين على نواب حاكم مصرف لبنان المركزي إدارة المصرف في حالة عدم تعيين من يخلفه بحلول نهاية الشهر، واصفًا تهديدهم بالاستقالة الجماعية بأنه “مسألة خطيرة”.
ففي نهاية يوليو/ تموز الحالي، تنتهي ولاية الحاكم رياض سلامة الذي يتولى المنصب منذ 30 عامًا. وقال أحد نوابه في تصريح لوكالة “رويترز” أمس الخميس إن نواب الحاكم يفكرون في الاستقالة بشكل جماعي في حالة عدم تعيين خليفة له، مما يثير احتمال ترك البنك المركزي بلا قيادة وسط أزمة مالية عميقة.
وأشار نواب الحاكم الأربعة في بيان الأمس، إلى أنه “لا يجوز أن ينسحب مفهوم تصريف الأعمال إلى السلطة النقدية الأعلى في الدولة”.
سلامة يواجه اتهامات بالفساد
وتعقد التوترات السياسية وانهيار أنظمة الحكم في لبنان مساعي إيجاد خليفة لسلامة. وقد ألقت اتهامات لسلامة في الداخل والخارج باختلاس أموال عامة بظلالها على فترة ولايته. فهو يخضع لأوامر توقيف في فرنسا وألمانيا بشأن مزاعم فساد وغسل أموال.
ويوم الثلاثاء الماضي، أعلن المكتب الإعلامي لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري أن القضاء الفرنسي وافق على نقل أصول مجمدة تخص حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ومعاونين له إلى الدولة اللبنانية.
كما أصدرت فرنسا في مايو/ أيار الماضي مذكرة توقيف بحق سلامة، ثم أصدرت الشرطة الدولية (الإنتربول) نشرة حمراء بحقه تسلمها لبنان. لكن سلامة ينفي جميع التهم الموجهة إليه.
نواب الحاكم أمام مسؤولياتهم
وقال الشامي في بيان لـ”رويترز”: “يتعين على نواب الحاكم تحمل مسؤوليتهم في حالة تعذر هذا التعيين… التهديد بالاستقالة الذي لوح إليه البيان خطير للغاية في هذا المنعطف الحرج”.
وأوضح الشامي أن قانون النقد والتسليف اللبناني ينص “بوضوح شديد” على أن يتولى النائب الأول مسؤوليات الحاكم في حال شغور هذا المنصب. وقال: “لا يمكن للمرء الانتقاء والاختيار من قانون النقد والتسليف”.
ويجري تعيين حاكم المصرف المركزي وفقًا لنظام المحاصصة الطائفية الذي يخضع له أيضًا التعيين في المناصب العليا الأخرى.
ويجب أن يكون الحاكم مارونيًا، بينما يجب أن يحصل النواب الأربعة، وهم واحد من الشيعة وواحد من السنة وواحد من الدروز وواحد من الأرمن الكاثوليك، على موافقة الزعماء السياسيين الذين يمثلون طوائفهم.
ماذا وراء التهديد بالاستقالة؟
ورجح نبيل بومنصف نائب رئيس تحرير صحيفة النهار اللبنانية في تصريح لوكالة “رويترز” أن “السيناريو الأكثر احتمالًا وراء مثل هذا البيان هو الضغط لتمديد ولاية سلامة”.
وقال بومنصف: “حدوث فراغ كامل في قيادة المصرف المركزي سيؤدي إلى أسوأ فترة من أزمة لبنان المالية حتى الآن. نواب الحاكم يلعبون لعبة الروليت الروسية”.
في المقابل، نفى أحد نواب حاكم المصرف أن يكون الهدف من البيان هو الضغط من أجل النظر في تمديد ولاية سلامة. وقال طالبًا عدم ذكر اسمه: “رسالتنا كانت واضحة. نريد من الطبقة السياسية أن تفعل اللازم وتعين حاكمًا جديدًا”.
وقال بعض أعضاء الحكومة، بمن فيهم الشامي: إن سلامة يتعين عليه أن يستقيل بعد أن أصدرت فرنسا مذكرة اعتقال بحقه في إطار تحقيق احتيال.
وتسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان بخسارة الليرة اللبنانية 98% من قيمتها وأصاب النظام المصرفي بحالة من الشلل مع تجميد أغلب مدخرات المودعين.
وقال صندوق النقد الدولي: إن المصالح الخاصة في لبنان عرقلت برنامج الإصلاح المالي الذي كان من شأنه أن يفتح الباب أمام منح الصندوق لبنان حزمة إنقاذ مالي قيمتها ثلاثة مليارات دولار.