في لبنان ومنذ «شحْط» العسكر السوري المحتل من لبنان ذهب بعضنا نحو فتح صفحة جديدة مع العملاء لدرجة سعى البعض لشطب ذاكرة اللبنانيين حول أبشع مرحلة في تاريخنا حيث المحتل السوري ارتكب أبشع جرائمه من سرقة ونهب واغتصاب ومصادرات وتشبيح وخطف.
اللائحة تطول لأفراد وجماعات تلذّذت وتفنّنت بالتشبيح وعملت كدالول على أولاد « البلد» ومن هؤلاء ضحايا ممن تمّ تسليمه باليد إلى مخابرات بيت الأسد.
وطوال فترة الاحتلال وصلت « وطاوة « بعض العملاء إلى تقديم زوجاتهم وبناتهم كطبق على موائد ضباط الاحتلال لنيْل الرضى والحظوة طمعاً بكرسي أو منصب أو مركز، وكثر ممن تبوأوا مناصب في الدولة في زمن الاحتلال اعتلوا مناصبهم بتوصية أو أوامر سلطات الأمر الواقع
ناهيك عن فئة «من جدّ فشل ومن فرشى وصَلْ».
اليوم بدأنا نشعر بأن الجمهورية أمام تحدّي نفسها بنفسها كي تستحق جدارة استعادة حضورها داخلياً وعلى مستوى عواصم الثقل ذات الصلة والتواصل مع لبنان.
جمهوريتنا التي أبت إلا أن تكون لبنانية كما كانت عليه الأحوال لعقود برغم التحريف والتشويه واستيراد عقائد هجينة.
إذاً، ولكي نقرن القول بالفعل لا بد من ردّ الاعتبار لأفراد ومكونات حاول الاحتلال وأعوانه ذبحهم وشطبهم عن خارطة الحضور اللبناني كما هي الحال مع قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي سيق إلى المعتقل فكان الضحية الأكثر ثمناً، ويعتبر النيل منه كصيد ثمين تحققه جماعة البعث وأعوانه، وعلى الضفة المقابلة كانت محطة MTV التي «كَيّعت» الاحتلال وأجهزته وعملاءه فتمّ اعتقالها عبر كمّ صوتها لسنوات عبر قضاة «يا عيب الشوم» وكم يا عيب الشوم عرفناهم في التركيبة من أعلى الهرم حتى آخر باش كاتب في دولة غازي كنعان ورستم غزالة.
فهل نطوي صفحة وسخة من تاريخ القمع والقتل والخطف هكذا ببساطة؟ أم لزاماً علينا أخلاقياً على الأقل رد الاعتبار وجعل تلك الفئة من العملاء تدفع ثمن عمالتها أقلّه بنشر لوائح اسمية حتى تتبيّن الأجيال القادمة وتحاسب على طريقتها؟
للوهلة يستهجن البعض إعادة فتح حقبة مؤلمة وبأن نبش دفاتر الماضي لا يجدي في لحظة متغيرات كبرى، لكن العكس هو أنه من دون جردة الحساب وتبيان الاهتراء الوطني نكون كمن يشجّع أجيالاً مستقبلاً كي تعيد تجربة ركب موجة العمالة واستسهالها.
المحاكمة نتركها لأدعياء الأمر أما افتضاح هؤلاء فهو مهمة لا تقتصر على معرفة هويات العملاء بل لزاماً نشر أسمائهم على سطوح بيروت ونشر غسيل الوسخ وما ارتكبوه بحق لبنان واللبنانيين .
أخطر ما تُمنى به الشعوب هو طمس تاريخها وشطب مراحل من يومياتها خاصة تلك التي خضعت للظلم والاحتلال.
أن نتعلّم من دروس الماضي أمر يستحق بذل مجهود إضافي، علينا واجب وطني وأخلاقي وهو الإضاءة على حقبات الظلم والقمع والتأشير إلى أسماء تورطت بهذا الظلم وساهمت وسهّلت للمحتل كي يرتكب جرائمه.