شتان ما بين موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من الحرب الدائرة التي يكتوي بنارها الفلسطينيون واللبنانيون.
وبينما اكتفى ميقاتي في “قمة المنامة” بمواقف أقرب إلى الإنشاء كمثل أن لبنان “تلطمه الأزمات”، حدد عباس مكامن الأزمة ومسؤولية إسرائيل وحركة “حماس” في ما آلت إليه الأوضاع المأسوية في غزة والضفة الغربية.
غيّب ميقاتي أي إشارة إلى “حزب الله” الذي فتح جبهة عسكرية في الجنوب اللبناني من دون أي تنسيق مع الحكومة، في حين صارح عباس الرأي العام العربي والدولي في مسألتين مهمتين مفادهما بأن رفض “حماس” إنهاء الانقسام والعودة لمظلة الشرعية الفلسطينية خدم المخطط الإسرائيلي وأن “العملية العسكرية التي نفذتها الحركة بقرار منفرد في ذلك اليوم وفرت لإسرائيل مزيداً من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة، وتمعن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيراً”.
لو قال ميقاتي العبارتين ذاتهما مستبدلاً الشرعية الفلسطينية و”حماس” بالشرعية اللبنانية و”حزب الله”، لربما كان استجاب للموقف العربي القائل للبنانيين “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”.
هناك اقتناع عربي ودولي بأن الحكومة اللبنانية واقعة في أسر “حزب الله”، وتسليمها بأن يقود “الثنائي الشيعي” (حركة “أمل” و”حزب الله”) مفاوضات وقف التصعيد العسكري في الجنوب ستكون له ارتدادات داخلية تعزز سيطرة هذا الثنائي على مقاليد السلطة، سواء حصل اتفاق في الجنوب أو تدهور الوضع إلى حرب مفتوحة.
“حزب الله” كان واضحاً برفضه حصول انتخاب رئيس للجمهورية قبل انقشاع غيوم المعارك، مما يعني استبعاد التوافق على حل وسط بالنسبة إلى اسم رئيس الجمهورية المقبل الذي تعبر عنه “الخماسية الدولية” تحت عنوان “الخيار الثالث”.
وفي ضوء هذا العجز اللبناني الرسمي، لو آثر نجيب ميقاتي عدم إلقاء كلمة في “قمة المنامة” لربما كان استتر بالصمت على قاعدة “في فمي ماء”، لكن من صمت في “قمة المنامة” كان رئيس النظام السوري بشار الأسد. وبدا من الواضح أن ميقاتي والأسد ليس لديهما ما يقدمانه من دلائل تستجيب للموقف العربي من الوضع في لبنان وسوريا.
نظام الأسد خيب آمال المطالبة العربية بأن تلتزم دمشق سياسة “خطوة مقابل خطوة” في شأن العملية السياسية في سوريا، وبدا وكأنه أخذ مكسب عودته للجامعة العربية من دون أي مقابل، وهو في ما يختص بالأمن العربي لم يغادر المركب الإيراني، ولم يقدم على إجراءات تمنع تهريب الكبتاغون إلى الأردن ومنه إلى دول الخليج، وقد تكون الخدمة الوحيدة التي قدمها في “قمة المنامة” إعفاء الحاضرين من تلقينهم محاضرة جديدة في العروبة.