صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

لهذه الأسباب عودة النظام السوري الى لبنان مستحيلة ..

بقلم : شربل نوح - كثرت في الآونة الأخيرة الأحاديث و التي وصلت الى حدّ التمنيات عند البعض حول عودةٍ ما يحضّر لها للنظام السوري الى لبنان بعد الاتفاق الايراني السعودي و إعادة نظام الأسد الى جامعة الدول العربية ، خاصة و أن البعض يعتبر ان العالم و العرب ضجروا من لبنان و سيعيدون تلزيمه ليرتاحوا ، فهل حقاً سيعاد تلزيم لبنان و هل ظروف اليوم مشابهة لما جرى مع نهاية الحرب اللبنانية ؟؟

لنفهم ما يحصل علينا ان نجري مقارنة بين أوضاع نظام حافظ الأسد في تسعينيات القرن المنصرم و أوضاع نظام وريثه اليوم و الظروف الدولية و الإقليمية المحيطة .

بداية و كي لا نكون من الحالمين أو المطبلين سنتكلم بموضوعية عن الواقع العربي المزري ، نحن لسنا سذّج لنضحك على انفسنا و نقنع انفسنا بأن بعض العرب لن يسيروا بصفقة كهذه لمجرد التزامهم الأخلاقي مع حلفائهم في لبنان ، فالتجارب مع هؤلاء مرة و الثقة بهم تقريبا معدومة نتيجة ما حصل في الماضي و الكل يعرف انهم يفعلون أي شيء و لا يهمهم لا حلفاء و لا غيرهم و ليس بغريب عليهم ان يقوموا بصفقة ما في غفلة من الزمن على حساب لبنان و لكن ما الذي يمنعهم اليوم ؟

أولاً – الوضع العربي :

لم يكن العرب هم من سلموا لبنان الى الأسد الأب في الماضي لا بل العكس ، خلافات هؤلاء و صراعاتهم التي لا تنتهي هي من جعلتهم ضعفاء لدرجة استجداء الغرب للتدخل في مشاكلهم و تغليب طرف على آخر ، هذا ما حصل بالضبط زمن حرب الخليج الأولى عندما اضطر الغرب لارضاء الأسد الأب بتقديم لبنان جائزة ترضية له لقاء مشاركته الشكلية بالحرب وقتها مع طرف عربي مدعوم منه ضد طرف عربي آخر مع ما تعنيه تلك المشاركة من تعميق للشروخات العربية و إضعاف لوضعيتهم العامة لصالح أطراف أخرى في المنطقة أولها اسرائيل و ثانيها إيران ، الذين كانوا بالنتيجة الرابح الأكبر من الصراعات العربية الدائمة و هذا ما اثبتته الأحداث أقلّه منذ سقوط نظام صدام حسين حتى يومنا هذا ..

هذا الواقع و ببساطة غير موجود اليوم ، لا بل العكس نرى العرب بقيادتهم الجديدة رغم المآخذ الكثيرة عليهم نراهم هم المبادرون و هم من يرسمون السياسات و يضعون الخطط و ينفذونها و نرى بعض الغرب يستلحق نفسه بالسير و لو متأخراً بها كما يحصل مع تراجع الولايات المتحدة في الوقت الراهن في المنطقة و قبولها و لو على مضض بأمر واقع جديد فرضه الاتفاق المفاجئ بين السعودية و أيران فنسمع عن إعادة إحياء للمفاوضات النووية من جهة و محاولات بالجملة لاسترضاء السعودية من جهة أخرى ( سياسة التضعضع الأميركية الحالية ) ، اذا و بعكس الزمن الماضي الغرب اليوم هو المتضعضع و المهتز في المنطقة و ليس النظام العربي الجديد .

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ثانياً – الوضعية السورية و حال نظامها اليوم و الفرق الكبير بين ما كان عليه سابقا و حاضره :

لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة نظام الأسد الأب الحديدي و البراغماتي بنظام مفكك منهك و منهار نتيجة سنوات الحرب الأهلية الطويلة في سوريا و نتيجة الحسابات الخاطئة لهذا النظام نفسه و تراكم أخطائه المزمن ، فسوريا اليوم ليست دولة واحدة قوية و ممسوكة كما كانت في الزمن السابق ، انها مجموعة دول متفككة متصارعة و تقع كل دويلة من تلك الدول تحت نفوذ راعٍ دولي أو إقليمي يتحكم بها و بقراراتها ، من دولة الأسد الخاضعة كليا لنفوذ و قرار السلطتين الإيرانية و الروسية الى دولة الأكراد حيث الثقل النفظي السوري و الخاصعة بدورها لسيطرة الغرب و الذي لا يبدو انه مستعد لتسليمها لأحد الى مجموعة الدويلات الميليشياوية الصغيرة الخاضعة بأغلبها لنفوذ أطراف مرتبطة بالتنظيمات الإسلامية العالمية و على رأسها نظام الإخوان المسلمين التركي .

فكيف لنظام يسيطر على جزء من الأراضي السورية مُسَيطر عليه أصلاً من قوى أخرى أن يتمدد الى بلد ثانٍ مع ما يرتّبه ذلك من مسؤوليات و مع ما يعنيه في السياسات الدولية و الإقليمية من التزامات و ضمانات هو عاجز عن تقديمها أصلاً ، و إن قدمها فهو غير قادر على تطبيقها عملياً .

من هنا و قبل ان تعود سوريا و تتوحد بدولة مركزية قوية تحت سلطة واحدة يستحيل على النظام الأقلوي فيها أن يكون لديه طموحات خارج حدود دويلته المرسومة ، فسوريا حافظ الأسد القوية صاحبة الأوراق الكثيرة غير سوريا بشار الأسد الضائعة المفككة و المنهارة و التي تحتاج لسنوات طوال لاستعادة عافيتها و حضورها بين الأمم .

ثالثاً – الوضعية اللبنانية بالذات ، فلبنان الخارج من الحرب الطاحنة التي هُزم فيها المسيحيون عسكريا أمام الأسد غير لبنان اليوم .

صحيح أن نقوذ حزب الله كبير في الداخل اللبناني و لكن الصحيح أيضاً أن نفوذ هذا الحزب أكبر في سوريا ، فنطام الأسد أصلا مدين ببقائه لهذا الحزب و لقتاله الى جانبه طوال تلك السنوات و بالتالي لا يمكن له تخطي حزب الله لا في سوريا و لا في لبنان، و الحزب طبعاً لن يسمح للأسد بالتحكم به بعدما اصبح هو اللاعب الأقوى و يسيطر عسكريا على جزء مهم من الأراضي السورية ، لذا من غير المعقول أن يخضع لسيطرة الأسد في لبنان و هو يحتل بعض الأراضي السورية هذا ان افترضنا عودة ما للنظام السوري للعب دور في لبنان ارضاء للعرب يشمل وضع حد لتصرفات حزب الله .

الوضعية المسيحية السيادية في لبنان اليوم غير وضعيتهم علم ١٩٩٠ ، فهؤلاء و بعد ثورة الارز استعادوا عافيتهم و حضورهم و عادوا الى الدولة و صاروا يمتلكون الكتل النيابية اللازمة لعرقلة أي قرارات بضربهم من داخل السلطة و هذا ما نراه تحديدا في موضوع رئاسة الجمهورية حاضراً ، هم يدركون جميعا خطر ان تتكرس الرئاسة المارونية بالعرف لحزب الله و ان بصبح الناخب الوحيد للرئيس ، لذا نراهم متكتلين جميعا لإسقاط هذا الخيار و لديهم الإمكانيات الدستورية لذلك فما بالك بعودة النظام الذي قمعهم سابقا الى حكم لبنان.

الاعتبارات الداخلية التي تمنع بوضوح اي عودة للأسد الى لبنان راهنا هي :

١- المسيحيون جميعا سيرفضونها و سيسقطونها في مهدها مهما كلفهم ذلك فهم عانوا ما عانوه من ذلك النظام بالتالي ليسوا مستعدين لتكرار التجربة مهما كان الثمن الذي سيدفعونه .

٢- حزب الله و الشيعة المسيطرين بشكل كبير على سوريا و الذين بفضلهم استمر الأسد في السلطة لن يخضعوا لسلطة هذا النظام في لبنان ارضاء للعرب ، و الأسد لا يمكنه أصلاً فرض سلطته عليهم في سوريا ليفرضها في لبنان .

٣- الموقف الدرزي الذي يبدو انه حاسم و حازم هذه المرة ضد النظام السوري و الذي لم يتبدل و لا أي مرة عمليا منذ ثورة الارز حتى اليوم رغم تقلبات زعيم المختارة الكثيرة و هذا يعني ما يعنيه مع طائفة مؤسسة للكيان اللبناني كالدروز و علاقاتهم الاقليمية و العالمية .

٤- الموقف السني المعادي بشكل كبير لنظام الأسد بعد مقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري و بعد ما حصل في الثورة السورية من استهداف للسنة في التنكيل و التهجير و الديمغرافيا و غيرها ، هذا الموقف لن تبدله تمنيات العرب أو مونتهم لأن سنة لبنان أيضاً عانوا و ما عانوه من هذا النظام و هم رغم تجربة تعاونهم معه و لعبة توزيع السلطة بينهم و بينه في مرحلة الوصاية وصلوا بنهاية المطاف الى ما وصل اليه الآخرون بعد استشهاد الحريري ، هم لن يأمنوا جانب النظام السوري مرة أخرى و سيرفضون عودته بشكل حازم بالتالي .

رابعا – و أخيراً و هو الأهم :

الموقف الدولي المعادي بشكل كبير و حاسم حالياً كما يبدو لنظام الأسد والرافض بالمطلق لأي إعادة تعويم له أو تلميع لصورته ، و ما شهدناه من تجديد لعقوبات قيصر على ابواب استقبال العرب للأسد الى الإعداد لقانون يلزم الإدارات الأميركية كلها عدم الإعتراف بهذا النظام في الكونغرس الأميركي بمباركة الحزبين الجمهوري و الديمقراطي سوى أكبر دليل على ما نقول ..

من الواضح أن نظام الأسد القديم انتهى عمليا لدى أغلب دول العالم و عندما يأتي زمن الحلول في سوريا سيكون دوره محدوداً أو ربما لن يكون له دور حتى ، و لو حاول بعض العرب اليوم اعادة تعويمه تتفيذاً لالتزامات معينة في اتفاقهم مع ايران ، فهذا لن يؤثر على مواقف معظم دول الغرب و الذين لا يرتبطون بمصالح بعض العرب انما بمصالحهم هم و اجنداتهم هم و نظرتهم الى الأمور في منطقتنا ، و طبعا من المستحيل بمكان اعادة تلزيم بلد كلبنان لنظام مرفوض بشكل نهائي و حاسم من الغرب و دون موافقة هذا الغرب بالذات .

إن كل ما نشهده اليوم من كلام بموضوع النظام السوري لا يخرج عن إطار سياسة التهويل و التخويف و الضغوط لمحاولة إمرار رئيس ممانع و إجبار الآخرين على القبول به و التوعد بالأسوأ الآتي ان لم يقبلوا ، الوقائع مختلفة و الظروف مختلفة و نظام الأسد المنبوذ دوليا أعجز من أن يسيطر على دولته فكيف له أن يسيطر على بلد آخر ؟ ببساطة هذا هو المستحيل بذاته أقلّه في الظروف الراهنة ، و على السياديين ان لا يتأثروا مطلقاً بتهويل غير واقعي من هذا النوع و عليهم ايضاً استكمال ما بدأوه من خطط سياسية تقوم على إعادة التوازن بينهم و بين الفريق الآخر بدءاً بانتخابات رئاسة الجمهورية القادمة .

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading