بغض النظر عن البعد الإنساني … لماذا على المسيحيبن و الموارنة تحديداً التضامن مع الأرمن ؟
هل لأنهم سايروا دائماً المحاور التي دمرت المسيحيين في لبنان و تحالفوا معها ؟ أم لأنهم غيرو و على مدى أكثر من انتخابات النتائج رغما عن ارادة الموارنة الذين كان تصويتهم واضحاً في بعض الأقضية التي يشكل الأرمن بيضة القبان فيها مثلاً ؟
ماذا فعل معظم الأرمن زمن الحرب العسكرية في المنطقة الحرة ؟ هل ساهموا في مقاومتها و دافعوا عن منطقها أم استمروا في علاقاتهم غير المعلنة مع المحور الشرقي و كانوا كالشوكة في خاصرة المناطق الحرة أحياناً ؟
ماذا فعل معظم أرمن لبنان زمن الوصاية المشؤوم ؟ هل تضامنوا مع المسيحيين و الموارنة عندما اضطهدوا و نفيت قياداتهم أو سجنت و حُلَّت أحزابهم الكبرى أم دخلوا في السلطة و استمروا داخل اللعبة السياسية المشوَّهة وقتها كأن شيئاً لم يكن ؟
نحن لا نكتب هذا الكلام لنحرّض على الأرمن لا سمح الله أو لننكر مجازر الإبادة الاي تعرضوا لها تاريخياً كما تعرض الموارنة لمجازر ممثالة أيضاً ، نكتب هذا الكلام لنجري بعض المقارنات و لنطلق صرخة تحاكي وجدان الأحرار من أرمن لبنان كي يستفيقوا و يعودوا الى المكان الذي يجب أن يكونوا فيه .
هل رأينا يوماً الأحزاب الأرمنية الكبرى تتذكر مجازر ١٨٤٠ و ١٨٦٠ مثلاً أو أحداث الدامور و زحلة و غيرها كما تفعل الأحزاب المسيحية في ذكرى الإبادة الأرمنية ؟
على الأرمن أن يفهموا أن الموارنة تسيّرهم مصلحة لبنان فقط لأنه ملجأهم الوحيد في هذه البقعة المظلمة من العالم و ليسوا مستعدين لمسايرة أحد في قضية مقدسة كهذه .
على الأرمن اللبنانيين أو أحزابهم الكبرى لنكون أكثر دقة أن يفهموا أن استمرارهم في تقديم مصلحة وطنهم الأم (ارمينيا) على المصالح اللبنانية سيضر بصورتهم في لبنان و خاصة داخل المجتمع المسيحي و سيخلق نفوراً منهم و فتوراً كبيراً في العلاقة بينهم و بين سائر المسيحيين و اللبنانيين .
عليهم أن يفهموا أن سياستهم العامة في الأمور الخارجية يجب أن تحددها المصلحة اللبنانية لا مصلحة أرمينيا ان هم اعتبروا انفسهم حقاً مواطنين لبنانيين بالدرجة الأولى .
عليهم ان لا يلوموا الموارنة إن لم يتضامنوا معهم و عليهم ان يدركوا أخطاءهم الكثيرة خاصة و على سبيل المثال عندما غيروا نتائج انتخابات المتن الشمالي رغماً عن التصويت السيادي الواضح للقرى المسيحية وقتها فجاء التصويت الارمني ليقلب النتائج لمصلحة الممانعة .
إن اصطفافاتهم اللبنانية التي نتجت بشكل أساسي عن مصالح دولتهم الأم ارمينيا و ليس عن أي شيء آخر ستجعلهم يتحولون رويداً رويداً الى أخصام للبيئة المسيحية الحاضنة لهم هنا و تحولهم الى فلسطينيين آخرين بنظر هؤلاء لا سمح الله .
الأكيد أن كل مسيحيي لبنان يحبون الشعب الأرمني و يحترمون نضاله و تاريخه و تضحياته كثيراً و يحترمون أيضاً نجاحه و ابداعه و تميزه ، لكنهم يحبون وطنهم أكثر و يحبون أنفسهم أكثر و يتمنون أن لا يكون الخيار بين لبنانهم و أرمنه لأنهم وقتها سيختارون و بلا تفكير أو تردد هويتهم و تاريخهم و جذورهم و حضارتهم دون مراعاة لأي أحد أو أي شيء .
على الأرمن أن يكونوا سنداً لبيئتهم الحاضنة في لبنان و يتماهوا مع خياراتها لا أن يطلبوا منها التنازل و المسايرة دائماً بحجة القضية الأرمنية ، فلبنان انهار اليوم و هويته التاريخية التي انشأها الموارنة على طريق الإندثار و لم يعد بإمكان هؤلاء بالتالي مسايرة أحد أو غض النظر عن بعض الاصطفافات الغريبة و المؤذية لهم أحياناً ، فإما يكون الأرمن معهم أو مع أخصامهم ، ليس هناك من خيار آخر .
لسان حال جزء كبير من مسيحيي لبنان اليوم و بعد كل ما مرّوا به يقول :
لن نتضامن الا مع من يتضامن معنا و لن نقف الى جانب الا من وقف و يقف معنا و كل ما سوى ذلك هو شعارات فارغة و كلام عقيم لا يقدم و لا يؤخر ، عسى أن يدرك أرمن لبنان تلك الحقائق و يعمدوا الى تصحيح مسارهم في لبنان و إصلاح علاقاتهم مع حاضنتهم التاريخية في هذا الوطن المتعب .