قالت القناة الـ12 الإسرائيلية نقلا عن مصادر إسرائيلية وأجنبية إنه تم تفجير أجهزة البيجر في لبنان “بشكل فردي”، أي استهداف كل جهاز على حدة، وإن المسؤول عن التخطيط للعملية برمتها عميلة استخبارات يبلغ عمرها حوالي 30 عاما.
ولا يزال الغموض يحيط بكيفية زرع المتفجرات في آلاف أجهزة البيجر ووضعها في أيدي عناصر حزب الله، لكن الأمر الواضح للغاية هو أن العملية الاستخباراتية ستذكر باعتبارها واحدة من أكثر العمليات جرأة في التاريخ الحديث، وفقا تعبير صحيفة واشنطن بوست.
وبعد اتهامات بأن هذه الهجمات كانت “عشوائية” مما تسبب في تعريض حياة المدنيين للخطر، قال تقرير القناة التلفزيونية الإسرائيلية إن كل جهاز من أجهزة النداء التي انفجرت بأصحابها، الثلاثاء الماضي، “تم تفجيره بشكل فردي، حيث كان المهاجمون يعرفون من هو المستهدف، وأين هو، وما إذا كان هناك آخرون على مقربة”.
وأشارت القناة إلى أن المهاجمين حرصوا “على ضمان إصابة الشخص الذي يحمل جهاز النداء فقط بالانفجار”.
ونقلت عن مصدر أمني أجنبي لم يذكر اسمه قوله: “كان لكل جهاز نداء ترتيباته الخاصة. بهذه الطريقة كان من الممكن التحكم في من يستهدف ومن لا يستهدف”.
ويقول التقرير: “كانوا يعرفون انتماء الشخص وأين مكانه حتى لا يصاب بائع الخضار في السوبر ماركت”، في إشارة إلى مقطع تم تداوله في أعقاب الانفجار لسقوط أشخاص في متجر لبيع الخضراوات.
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبعض المنظمات الحقوقية، قد قال إن الهجمات على أجهزة النداء واللاسلكي التي وقعت، الثلاثاء والأربعاء الماضيين، كانت “عشوائية”، لأنه “يكاد يكون من المستحيل معرفة من كان يحمل الأجهزة أو أين كانت عندما انفجرت”.
وطالبت جهات حقوقية دولية بإجراء تحقيقات مستقلة، معتبرين أن تلك الهجمات “ربما انتهكت القانون الدولي”، وفقا لتقرير نشرته شبكة “إيه بي سي نيوز” الأميركية.
ونجم عن تلك الهجمات مقتل 37 شخصا على الأقل، وإصابة نحو 3000 آخرين، بما في ذلك العديد من أعضاء حزب الله المدعوم من إيران، والمصنف على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وفي المقابل، أصر بعض الأكاديميين على أن الانفجارات كانت “محددة بدقة”، لأن الأجهزة “تم توزيعها على أعضاء حزب الله”،
وينقل التقرير الإسرائيلي الجديد عن مصدر أمني أجنبي إن “عشرات الآلاف من أجهزة النداء” تم إنتاجها، وتم تصنيعها مع سابق معرفة أن العميل سوف يفحصها بعناية، وبالتالي، كان لابد أن تعمل الأجهزة بشكل صحيح ولا تظهر أنها محملة بالمتفجرات. وأن يظل مظهرها ووزنها دون تغيير.
وقال رونين بيرغمان، وهو مراسل استقصائي يعمل لصالح صحيفة نيويورك تايمز وصحيفة يديعوت أحرونوت، إن “المخطط برمته كان من تدبير عميلة استخباراتية لامعة، لا يتجاوز عمرها الثلاثين عاما، في مكان ما في الشرق الأوسط”.
ويقول التقرير إن المسؤول عن العملية قرر إنشاء مصنع لإنتاج الأجهزة من الصفر حتى “لا يكون جهازاً نتلاعب به، بل جهازا ننتجه”.
واتهم حزب الله إسرائيل بالوقوف وراء تفجيرات البيجر، إلا إسرائيل رفضت هذه الاتهامات. وأعرب الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، الأحد، عن “رفضه وجود صلة” لبلاده بالتفجيرات، مشيرا إلى أن “هناك العديد من الأعداء لحزب الله”.
ويقول التقرير، إن حزب الله اشترى المزيد من أجهزة النداء بعد مقتل قائده العسكري، فؤاد شكر، في غارة إسرائيلية في بيروت في يوليو، واستخدمها بعد ذلك على نطاق أوسع بسبب حذره المتزايد من استخدام الهواتف المحمولة.
وتنقل القناة الـ12 عن مصدر أجنبي إن إسرائيل قررت أنها بحاجة إلى تكثيف إجراءاتها ضد حزب الله.
وقال عاموس يادلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، إن هدف إسرائيل هو جعل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، يدرك أن هجماته على شمال إسرائيل “تكلفه أكثر مما يكسبه”.
ويقول التقرير إنه كان من “الأفضل” أن يتعرض العدد الكبير من مسلحي حزب الله الذين انفجرت أجهزتهم لإصابات بالغة بدلا من قتلهم، بهدف الضغط على الخدمات الصحية في لبنان، وبالتالي زيادة الضغط المحلي على حزب الله.
وقال مصدر للقناة إن إسرائيل أمضت سنوات في تطوير هذه القدرات لاستخدامها ضد حزب الله وإيران، لكن لم تشمل الخطط حماس لأنها قللت من تقدير الخطر الذي تشكله الأخيرة، وهو ما يفسر جزئيا الفشل في منع هجوم 7 أكتوبر.
وقال إيال حولاتا، مستشار الأمن القومي السابق، للقناة 12بعد بث التقرير إن الآلاف من الإسرائيليين يعملون منذ سنوات على إنشاء قدرات لضمان الأمن لإسرائيل. ويقول: “هناك المزيد من القدرات مثل هذه”، في إشارة إلى الأحداث الأخيرة في لبنان.
وقال حولاتا، الذي ترأس في السابق الفرع التكنولوجي للموساد، إنه نظرا لانهيار الثقة العامة في المؤسسة الأمنية بعد فشل هجوم حماس، “فمن المهم أن يعرف الإسرائيليون هذا” أي التفوق التكنولوجي الإسرائيلي.
وفي إطار التصعيد المتسارع بين حزب الله وإسرائيل، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، الأحد، مقتل 3 أشخاص في غارات على جنوبي البلاد، فيما اضطر “مئات الآلاف من الإسرائيليين” إلى الاحتماء في الملاجئ