تزايد حرارة المواجهات النارية على الحدود الجنوبية للبنان، معطوفة على استمرار الغارات الإسرائيلية التدميرية لقطاع غزة، قلص هامش التوقعات في بيروت بـ«هدنة إنسانية».
وتقول مصادر متابعة لـ«الأنباء» ان لعبة المصالح الدولية التي دخلت على خطوط الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي المحتدم، لا تنبئ بحلول قريبة ولا حتى باستراحات ظرفية، استنادا إلى وجهة النظر الأميركية التي عبر عنها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الرافضة لوقف اطلاق النار بافتراض انه يتيح لحركة «حماس» تكرار عملية السابع من اكتوبر، اضافة الى عامل مرتبط باقتراب الشتاء الأوروبي الذي يتطلب استجرارا آمنا للغاز والنفط من هذه المنطقة.
وضمن اطار نظرتها المتشائمة توقعت هذه المصادر تدهور الأمور اكثر قبل نهاية هذا الشهر، استنادا الى المعطيات المتصلة بالمصالح المشار إليها.
ويشارك لبنان بشخص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في القمة العربية المقبلة، كما بالقمة العربية – الافريقية التي ستليها في الرياض، تأكيدا لحضور الدولة اللبنانية، ولإجراء محادثات مع رؤساء الكتل المشاركة في القمتين.
ميقاتي تلقى أمس، اتصالا من رئيس وزراء هولندا، وجرى البحث، في خلاله، بالوضعين في جنوب لبنان وغزة وبالمساعي الجارية لإحلال السلام في المنطقة، وقد حذر المسؤول الهولندي من ان استمرار التدهور على نحو ما هو حاصل، يهدد بتمدد الحرب الى عموم المنطقة.
ولاحظت المصادر المتابعة ان الصوت الديبلوماسي مازال خافتا، مقارنة بدوي الانفجارات على الجبهتين اللبنانية الجنوبية او الغزاوية خصوصا.
أما في الداخل اللبناني فالتأزم السياسي ليس أقل خطورة خصوصا ما يتعلق منه بشغور موقع قائد الجيش، في ظل العرقلات المتنامية لاقتراح نواب «القوات اللبنانية» التمديد سنة واحدة لقائد الجيش العماد جوزاف عون، تفاديا لامتداد الفراغ الى رأس المؤسسة العسكرية التي باتت تشكل العمود الفقري للدولة والكيان.
وقد انضم البطريرك الماروني بشارة الراعي، العائد للتو من الفاتيكان، الى المطالبين بالتمديد لرتبة العماد، وقال في قداس الأحد من بكركي: «يجب مهما كلف الأمر انتخاب رئيس للجمهورية وحماية المؤسسات بدلا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك أو التلاعب في القيمين على هذه المؤسسة أو تلك»، معتبرا أنه «من المعيب أن نسمع كلاما عن إسقاط قائد الجيش في أدق مرحلة من تاريخ لبنان».
وأضاف: «ان مثل هذا الكلام يحط من عزيمة مؤسسة الجيش التي تحتاج الى مزيد من الدعم وهي منبع ثقة المواطنين واستقرارهم».
وأكد الراعي «أننا نعبر عن ألمنا عما يجري في غزة الجريحة من حرب هدامة إبادية ينصب فيها الحقد بقوة القنابل، وقد آن الأوان لإعطاء الفلسطينيين حقهم»، مشيرا الى ان «كل الذين التقيناهم في روما عبروا عن تخوفهم من انتقال الحرب إلى لبنان».
الراعي كان يرد على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي زاره، ليلا، بعد تصريحات لباسيل برفض التمديد لقائد الجيش.
وذكر موقع «بيروت 24» أن اللقاء كان متوترا بسبب طلب باسيل من الراعي في عظته في قداس الأحد، عدم دعم التمديد لقائد الجيش، فكان رد البطريرك بالرفض، بعدها تم الاتفاق على عدم التطرق الى موضوع التمديد، إنما الإشارة إلى التعاطي المعيب مع قضية التمديد لقائد الجيش.
أما باسيل فقد كتب على منصة «اكس» قائلا: «زرت ليلا غبطة البطريرك وهنأته بسلامة العودة واطلعته على الجولة التشاورية التي قمت بها وعلى نتائجها. شجعني على استكمال التشاور، واتفقنا على ان انتخاب رئيس للجمهورية هو أساس إعادة تكوين السلطة، ومفتاح معالجة الأزمات ووقف تفكك المؤسسات، وأن أي قرار يخالف الميثاق والدستور هو إمعان بضرب الدولة والشراكة الوطنية. وأكدت للبطريرك استعدادنا للالتزام بميثاق شرف لدعم أي رئيس جمهورية يتم انتخابه بجلسة انتخاب مفتوحة، في حال لم يتم التوافق قريبا على اسم جامع، اذا كان هذا الأمر يساعد على إنهاء الفراغ ووقف تحلل الدولة. توافقنا على انه من واجب مجلس النواب انهاء الفراغ الرئاسي بسرعة وبحسب الدستور».
ميدانيا، استمرت المعارك على الحدود اللبنانية الجنوبية مع استخدام «حزب الله» أسلحة جديدة ونوعية، وسط تحذير وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت، الذي تفقد حدوده الشمالية، لنصر الله «إذا أخطأ سيدمر مصير لبنان».
واستمر التراشق بالصواريخ من الارض والجو على وهج القنابل المضيئة، كما تبادل الجانبان الاعلان عن اسقاط طائرات مسيرات.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن إسقاط مسيرة اسرائيلية بصاروخ أرض – جو، حيث سقطت اجزاء كبيرة منها فوق احياء في بلدتي زبدين وحاروف، عندما كانت تحلق مع مسيرة اخرى منذ ساعات الصباح فوق اجواء النبطية، حاروف، زبدين، جبشيت، الدوير، الشرقية وتول. ولوحظ ان المسيرة الثانية، حلقت لبعض دقائق بعيد اسقاط الاولى قبل ان تنكفئ من سماء المنطقة.
كما أعلنت اسرائيل عن اسقاط مسيرة انطلقت من جنوب لبنان وعن اصابة احد المستوطنين الاسرائيليين.
وأصدرت غرفة عمليات الدفاع المدني في كشافة الرسالة الاسلامية، التابعة لحركة «أمل»، بيانا، كشفت فيه عن أن مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارتين تابعتين لكشافة الرسالة في جنوب لبنان، أثناء إجلاء عدد من المصابين من احد المنازل التي استهدفتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في اطراف طير حرفا قضاء صور، مما ادى الى اصابة اربعة مسعفين بجروح متوسطة نقلوا على اثرها الى أحد مستشفيات صور للمعالجة.