بكثير من الحزن والألم، ودّع لبنان الشعبي والحزبي منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان.
ورأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صلاة الجنازة لراحة نفس الشهيد باسكال سليمان في كنيسة مار جرجس في جبيل، بمشاركة استثنائية نوعية للإكليروس، فقد شارك بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي ممثلا بالمطران ادوار ضاهر، متروبوليت جبل لبنان للروم الاورثوذوكس المطران سلوان موسي، وعاونهم أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، المطران شارل مراد، المونسنيور حبيب مراد، وشارك المطارنة: ميشال عون، يوسف سويف، وأنطوان نبيل عنداري، منير خيرالله، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي هادي محفوظ، المدبر العام الأب ميشال ابو طقة، المدبر العام الأب طوني فخري، واكثر من 70 من الكهنة والآباء من الرعايا والاديرة في لبنان.
وحضر القداس الرئيس ميشال سليمان، العلّامة السيد علي الأمين، رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ممثلا بالنائب ستريدا جعجع، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلا بنائبه النائب سليم الصايغ، رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل دوري شمعون، “الحزب التقدمي الاشتراكي” وكتلة اللقاء الديمقراطي ممثلان بالنائبين مروان حمادة وراجي السعد، كتلة الاعتدال الوطني ممثلة بالنائب احمد الخير، “التيار الوطني الحر” ممثلا بـنائب الرئيس للشؤون الخارجية ناجي حايك، “الكتلة الوطنية” ممثلة بـكميل موراني، النواب: جورج عدوان، غسان حاصباني، أشرف ريفي، سيمون ابي رميا، بيار بو عاصي، نديم الجميل، نعمة افرام، زياد الحواط، جورج عقيص، فادي كرم، شوقي الدكاش، الياس حنكش، فراس حمدان، نجاة صليبا، ابراهيم منيمنة، ملحم خلف، ميشال الدويهي، مارك ضو، أديب عبدالمسيح، ملحم الرياشي، غيّاث يزبك، ايلي خوري، الياس اسطفان، رازي الحاج، نزيه متى، غادة ايوب، جهاد بقرادوني وسعيد الاسمر، الوزراء السابقون الآن حكيم، كميل ابو سليمان، ريشار قيومجيان، جو سركيس، النواب السابقون: هادي حبيش، فارس سعيد، اميل نوفل، نادر سكر، انطوان زهرا، عماد واكيم، وهبي قاطيشا، ادي ابي اللمع، جوزيف اسحاق، ايلي كيروز، فادي سعد، انطوان بو خاطر، جوزيف المعلوف.
كما حضر المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بالعميد جان عواد، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار شارل الحاج، قائمقام جبيل بالانابة نتالي مرعي الخوري، مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران ، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى، رئيس المجلس الرعوي في الكويت جوزف اسطفان، أمين الداخلية في حزب الوطنيين الأحرار كميل جوزيف شمعون على رأس وفد، الأمين العام لحزب “القوات” اميل مكرزل، رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس على رأس وفد من رؤساء بلديات القضاء، شخصيات سياسية وامنية واجتماعية واقتصادية واعلامية، فضلا عن حشد من الاهالي والمحبين والمحازبين والمناصرين من مختلف المناطق اللبنانية.
وكان قد وصل موكب جثمان سليمان الى الكنيسة محمولا على أكتاف نواب تكتل “الجمهورية القوية” وكشافة الحرية ورفاقه في “القوات”، وملفوفا بالعلمين اللبناني والقواتي، وسط نثر الأرز والورود كعريس تستقبله السماء وعلى وقع اصوات المفرقعات والتصفيق. وتوالى منسقو القوات اللبنانية على الوقوف قرب التابوت في الكنيسة.
الراعي: وبدا البطريرك الراعي حزينًا جدًا، وبكى متأثراً خلال إلقاء عظته في مراسم الدفن، التي أشاد فيها بمزايا الراحل باسكال سليمان.
وبكى البطريرك الراعي خلال إلقاء عظته في مراسم الدفن، لأكثر من مرة، بحيث أشاد بمزايا المغدور باسكال سليمان.
تطرق البطريرك الراعي خلال الصلاة الجنائزية، الى اهمية الرحمة والعدالة، وقال: “نحن ابناء الرجاء وابناء الحياة وابناء اللاخوف. ونحن لا ولن نخاف”.
عظة الراعي: بعد الانجيل المقدس تلا غبطة البطريرك عظة حملت عنوان “ها أنا معكم كلّ الأيّام إلى نهاية العالم” .(متى 28: 20) وقال “بهذه الكلمة الأخيرة التي ختم بها ربّنا يسوع الأربعين يومًا من ظهوراته لتلاميذه قبيل صعوده إلى السماء، أكّد لهم ولكلّ مؤمن ومؤمنة مواصلة رسالته ذات البعدين: أنا معكم كلّ الأيّام فاديًا لخطاياكم بموتي، ومانحًا إيّاكم الحياة الأبديّة بقيامتي. بموته تكفيرًا عن خطايا البشريّة جمعاء كشف وجه العدالة الإلهيّة التي “جعلته خطيئة من أجلنا، هو الذي لم يعرف خطيئة” (2 كور 5: 21). وبقيامته المنتصرة على الخطيئة والموت كشف وجه الرحمة الإلهيّة التي هي أقوى من كلّ خطيئة وشرّ. الرحمة الغافرة والعدالة لا تنفصلان. ولكن لا غفران من دون عدالة.
تابع” من هذا المعين اللاهوتي، استمدّت كلمتها الأولى زوجةُ الشهيد باسكال سليمان، المهندسة ميشلين يوسف وهبة، فيما الألم يعتصر قلبها وقلب كلٍّ من ابنتها وابنيها، إذ قالت: “مسيحنا قام من الموت، وتغلّب عليه. نحن أبناء الرجاء والحياة. نحن أبناء اللاخوف. منشان هيك ما منخاف، وما راح نخاف حتى من الموت”.
وأردف “لم تتلفّظ بما نسمع اليوم صباحًا ومساءً، في الحرب والنزاعات والإعتداءات، بكلمة “ثأر” أو “قتل” أو “إتّهام”. بل غفرت بصمت وفقًا لثقافتها الإيمانيّة، تاركة قرار العدالة إلى القضاء، يقينًا منها أنّ “العدالة أساس الملك”. عندما مسّت جمرة الوجع الكبير كيان هذه الزوجة والأمّ، فاح أريج إيمانها. فرفعت فكرها وعقلها وقلبها إلى السماء، حيث حبيب قلبها ورفيق دربها وأبو أولادها يشارك في مجد القيامة. ومن خلال ما أنزل به المجرمون الخاطفون القتلة من شرّ، رأت إستكمالًا لما تحمّل ربّنا يسوع فادي الإنسان ومخلّص العالم من تعذيب وآلام وصلب وهزؤٍ، ليفتدي خطايا كلّ إنسان بآلامه وموته مصلوبًا، وليخلّص بمحبّته العالم الرازح تحت الشرور بقوّة قيامته. لقد كثر الشرّ على أرض لبنان، فالحاجة ماسّة إلى فداء.” لقد بدّلت بكلمتها المنطق السائد، والمتأجّج وهو منطق الإنتقام والثأر والتحريض والإشاعات وبثّ المعلومات الكاذبة وخلق أجواء محمومة واتهامات، وبها دعت إلى تهدئة هذه الأجواء، وإلى الثقة بالأجهزة العسكريّة والأمنيّة وبخاصّة الجيش الذي تمكّن بمخابراته من كشف ملابسات الخطف والإغتيال، وإلى الثقة بالقضاء مع عدم تسييسه. فكلّهم يتولّون التحقيق من دون ضجيج وتصريحات استباقيّة، والمهمّ معرفة أهداف الجريمة ومن وراءها. فالحقيقة ستظهر لا محالة، كما يؤكّد الربّ يسوع: “لا خفيّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم ويُعلن” (لو 12: 2). ولكنّ المؤسف أن يكون مقترفو هذه الجريمة من النازحين السوريّين الذين استقبلهم لبنان بكلّ روحٍ إنسانيّة، ولكنّ بعضهم يتصرّفون بشكلٍ غير إنسانيّ، ويرتكبون الجرائم المتنوّعة بحقّ اللبنانيّين وعلى أرض لبنان. وباتوا يشكّلون خطرًا على اللبنانيّين في عقر دارهم. فأصبح من الـمُلحّ إيجاد حلّ نهائيّ لضبط وجودهم مع الجهات الدوليّة والمحلّيّة المعنيّة، بعيدًا من الصدامات والتعديات التّي لا تُحمد عقباها. ومن واجب السلطات اللبنانيّة المعنيّة معالجة هذه المسألة الجسيمة الخطورة بالطرق القانونيّة والإجرائيّة. فلبنان الرازح تحت أزماته الإقتصاديّة والماليّة، ونزيف أبنائه بهجرتهم، لا يتحمّل إضافة أعباء نصف سكّانه. وهذا ما تعجز عنه كبريات الدول.”
أضاف”ومن ناحية أخرى يُجمع المعلّقون على هذا الخطف والإغتيال، في منطقة الشهيد باسكال الآمنة أنّ السبب الأساسيّ الذي يستسهل الإجرام المغطّى سياسيًّا من النافذين، والهارب من وجه العدالة أو المتمرّد عليها وعلى القضاء، هو عدم انتخاب رئيس للدولة. وبالتالي حالة الفوضى في المؤسّسات الدستوريّة والوزارات والإدارات العامّة وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين والغرباء العائشين على أرض لبنان. فلمصلحة من هذه الفوضى في الحكم والإدارة والقضاء والسلاح وقرار الحرب والسلم من خارج قرار الدولة؟
وأكد البطريرك أن ” الثقافة الإيمانيّة التي أظهرتها زوجة الشهيد تربّت عليها في بيتها الوالدي الذي نعرفه معرفة شخصيّة، فمذ كنّا في خدمة أبرشيّة جبيل العزيزة، تعرّفنا عن قرب إلى والدها السيّد يوسف أديب وهبه الذي تولّى رئاسة بلديّة ميفوق العزيزة، وكان دائمًا في استقبالنا كلّما زرنا الرعيّة أو مررنا بها في طريقنا إلى سيّدة إيليج. كما تعرّفنا إلى المرحومة والدتها نسب الحاج بطرس، وقد ربيّاها مع شقيقاتها الأربع على القيم الروحيّة والأخلاقيّة والإجتماعيّة. هذه الخصال نمت في حياتها الزوجيّة مع عزيزها الشهيد باسكال، وهو إبن بيت كريم من ميفوق العزيزة. والده المرحوم رشوان سليمان، ووالدته الثكلى السيّدة هند أسد سليمان التي يعتصر قلبها وجع الأمّ. على يدهما تربّى باسكال مع شقيقيه على الإيمان المسيحيّ والأخلاق الإنسانيّة والروح الوطنيّة. أحبّ لبنان وشعبه، وقد عاش في منطقة تاريخيّة عريقة مدنيًّا وكنسيًّا ما بين عمشيت وجبيل وبلدته ميفوق وسيّدة إيليج. ما عزّز في قلبه محبّة الوطن والمحافظة عليه ورفع إسمه عاليًا. بهذه الإستعدادات تلقّى دروسه في مدرستي راهبات القلبين الأقدسين وراهبات الورديّة في مدينة جبيل. ثمّ حاز على شهادة المعلوماتيّة من الجامعة اللبنانيّة. ومن بعدها تابع دراساته العليا في جامعة السربون بباريس ونال شهادة الماستير في علم الإدارة.
تابع: “بعد عودته إلى لبنان ارتبط في سرّ الزواج المقدّس مع الدكتورة ميشلين عام 2004. عاش الزوجان حياة زوجيّة سعيدة، باركها الله بثمرة الإبنة والإبنين، فسهرا على تربيتهم أحسن تربية، وعلى تأمين جوّ من الفرح والسعادة لينموا فيه. فقام بواجبه بعرق الجبين من خلال وظيفته في بنك بيبلوس طوال ثلاثين سنة. لكنّ إغتيال الزوج والوالد كسر عامود البيت. ولا شكّ في أنّكِ يا زوجته المؤمنة ستتحمّلين المسؤوليّة كاملة بالإتكّال على العناية الإلهيّة، وباسكال من السماء يعضدك وأولادك في شركة القدّيسين.”
واعتبر أنه بغياب بسكال ” يخسر حزب القوّات اللبنانيّة عنصرًا أساسيًّا من عناصره، وهو حاليًّا منسّق منطقة جبيل. دخل صفوف القوّات والتزم بها وبمبادئها وبموجباتها تعزيزًا للدولة والوطن وخدمةً للبنانيّين. لم يغب عن ضميره صوت دماء ألوف الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم ليحيا لبنان، ويحيا اللبنانيّون مخلصين لهذا الوطن الذي لم يُفتدَ بالبخيس من المال، بل بالدماء الزكيّة وقد أراقوها على أرضه ومن أجله دون سواه، حفاظًا على كرامة الوطن وشرف المواطنين. وفي كلّ مرّة كان يمرّ بسيّدة إيليج كانت ذكراهم تتجدّد في قلبه. بهذه المسؤوليّة التزم وخدم وضحّى وأعطى. وها الجماهير المعزّية التي تقاطرت إلى عمشيت وجبيل وبيروت وميفوق دونما انقطاع لدليل قاطع على إستنكار الجريمة النكراء من جهة، وعلى سقوط باسكال عن كلّ واحد وواحدة منّا من جهة أخرى. إنّه بسقوطه يقويّنا لنصمد في الإيمان بأنّنا أبناء القيامة والرجاء واللاخوف، وبأنّ المسيح هو سيّد العالم والتاريخ وله الكلمة الأخيرة: كلمة الحياة لا القتل! كلمة المحبّة لا الحقد! كلمة السلام لا الحرب! كلمة الحقّ لا الباطل، كلمة الأخوّة لا العداوة.”
وختم” باسمكم جميعًا أيّها المشاركون أتقدّم بالتعازي الحارّة من زوجة الشهيد باسكال وابنته وابنيه ووالدته وشقيقيه، وعمّه وعمّاته، وخاليه وخالتيه وحميّه وبنات حميّه. ومن رئيس حزب القوّات اللبنانيّة ومنسقيّة منطقة جبيل وجميع المحازبين في القوّات اللبنانيّة. رحمه الله بغنى رحمته، وأشركه في مجد القيامة. المسيح قام! “
الى ميفوق: وبعد الإنتهاء من مراسم الجنازة، نقل جثمان الشهيد سليمان إلى مسقط رأسه “ميفوق” حيث ووري الثرى في مدافن العائلة في سيدة ايليج، ورافقه الاهالي والرفاق والمناصرون، بعد ان كان توقف الموكب في محطاتٍ عدّة، بدءاً من “ساحة عمشيت” مرورا بنقطة تجمع عند مفرق دكان الضهر، أما المحطة الثالثة فكانت بلدة “عبيدات” والرابعة عند “حاقل” مرورًا بالخاربة ومفرق لحفد – جاج وصولاً إلى “ميفوق”. وسلّم جهاز الشهداء في حزب “القوات” أهل الشهيد علم الحزب ووسام الشهيد”.
وكانت بلدة ميفوق الجبيلية أنهت استعداداتها لاستقبال جثمان ابنها باسكال سليمان العائد إليها اليوم ملفوفاً بالعلمَين اللبناني والحزبي القواتيّ.
ورُفِعت صور كبيرة للشهيد سليمان وكُتبت تحتها شعارات عدة، كما رُفِعت اليافطات الحزبية لا سيما عند مركز القوات في البلدة.
إلى ذلك، تلفّ مظاهر الحداد المنطقة بأكملها التي تداعى أبناؤها للمشاركة في صلاة الجناز والتعبير عن الرفض والاستنكار لما تعرض له سليمان.
كما تحضرت كنيسة مار جرجس في جبيل، لإقامة مراسم جنازنة الشهيد باسكال سليمان وسط مشاركة شعبية كبيرة.
إجراءات أمنية: وتوافدت حشود شعبية وحزبية منذ الصباح الى كنيسة مار جرجس، وسط إجراءات لوجستيّة وأمنيّة على طريق الكنيسة، وهي إجراءات استباقيّة احترازيّة من دون أيّ توتّر أو حوادث أمنيّة.
وظهرا، انطلق موكب جثمان سليمان من مستشفى المعونات الى كنيسة مار جرجس في جبيل، ووصل الى كنيسة مار جرجس، حيث أنزل النعش وحمل من محيط كنيسة مار جرجس الى داخلها، وسط اطلاق المفرقعات النارية.
بلدية عمشيت: من جهتها، قالت بلدية عمشيت، في بيان: “حيث أنّ موكب الشهيد باسكال سليمان سيتوقف في ساحة الجيش اللبناني عمشيت أثناء مروره الى مثواه الأخير في مسقط رأسه ميفوق. لذلك، يطلب من كافة المحالات التجارية والمؤسسات والمكاتب والمقاهي والأفران وخلافها الواقعة بين مدخل عمشيت الجنوبي لغاية الحدود الشمالية للبلدة، وجوب إغلاق أبوابها الجمعة 12 نيسان 2024 اعتباراً من الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر احتراماً لمرور جثمان الشهيد”.