واستعداداً لإحياء الذكرى الأليمة تُقفل الإدارات العامة والمؤسسات والبلديات بناء لمذكرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وتُنكّس الأعلام وتُعدّل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتناسب مع الفاجعة الأليمة وتضامناً مع عائلات الشهداء والجرحى. وكان لافتاً مطالبة 15 سفيراً وقائماً بالأعمال السلطات اللبنانية بمواصلة التحقيقات معربين عن قلقهم من إعاقة التحقيق والعدالة، في وقت يطالب أفرقاء في المعارضة وأهالي الضحايا بلجنة تقصّي حقائق دولية.
كما كشفت المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا أنها ستشارك السفارات المعتمدة في لبنان والوكالات الدولية العاملة في بيروت في وقفة تضامنية يوم 4 آب/أغسطس في المرفأ لتأكيد عدم نسيان الضحايا وعائلاتهم والإصرار على مجراها للوصول إلى الحقيقة.
ويتوزّع إحياء الذكرى على 4 محطات رئيسية: هي تكريم رسمي من قبل محافظ بيروت القاضي مروان عبود لضحايا فوج إطفاء بيروت، وترؤس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت عند الساعة السادسة و7 دقائق، ودعوة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان لتخصيص خطب الجمعة لانفجار بيروت وسؤاله “ألا يستحق أهالي الضحايا جلسة وزارية؟”، ثم تجمّع أمام فوج الإطفاء للانطلاق بمسيرة في اتجاه المرفأ حيث وجّه أهالي الضحايا دعوة إلى التضامن معهم ومشاركتهم في التجمع.
وفي انتظار ما ستحمله هذه المناسبة، تظهر إلى العلن خلافا بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري بسبب مشروع قانون الاقتراض من مصرف لبنان والجهة التي يفترض أن تتولى هذا الأمر، بعدما ارتأى ميقاتي أن يتم التقدم باقتراح قانون من قبل النواب بدلاً من مشروع قانون من قبل حكومة تصريف الأعمال، ما استدعى تعليقاً من المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل جاء فيه أن “على ميقاتي التزام تعهده وإرسال مشروع قانون الاقتراض إلى البرلمان، بحاجات الحكومة وآليات السداد”، لافتاً إلى “أن الموضوع طرح أمام نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري في جلسة الإثنين الماضي، وأبدى الجميع استعداداً للتجاوب، ولن نفتح خلافاً بين الحكومة والمجلس”.
وقبيل انطلاق جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي لاستكمال درس موازنة 2023، صرّح وزير المال يوسف خليل أن “لا مشروع اقتراض في الجلسة ونعمل على إيجاد حل للرواتب نهاية آب/أغسطس الحالي”، وذلك بعدما أعلن الرئيس ميقاتي قبل يومين أن “لا دواء ولا رواتب آخر الشهر إذا لم تقرّ الخطة التي تقدّم بها نواب حاكم مصرف لبنان”، وهي خطة تتعهد بتأمين دولارات للحكومة بالحد الأدنى شرط إقرار جملة إصلاحات في مقدمها إقرار “الكابيتال كونترول” والتصديق على موازنة 2023 قبل نهاية آب/أغسطس.
وترافق موقف ميقاتي مع توجيه انتقادات له على خلفية تنصلّه من الوعد الذي قطعه لنواب حاكم مصرف لبنان بتسريع إعداد مشروع قانون خاص لتغطية الصرف من الاحتياط الإلزامي، وذلك ضمن آليات السداد وتواريخها رامياً المسؤولية على مجلس النواب. وما زاد في الانتقادات لرئيس الحكومة هو اقتراحه عقد لقاء وزاري في مقر البطريركية المارونية في الديمان، ما استدعى اتهامه بابتداع عرف جديد من خلال عقد اجتماعات للحكومة في صروح دينية بخلاف ما ينصّ عليه اتفاق الطائف الذي حدّد المقر الخاص لانعقاد الجلسات. وذهب بعضهم للحديث عن استنفاد ميقاتي كل الوسائل لإحراج الوزراء المسيحيين التابعين للتيار الوطني الحر الذين يقاطعون جلسات مجلس الوزراء ودفعهم إلى المشاركة بمباركة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وسخر النائب جميل السيّد من دعوة ميقاتي، وغرّد على “تويتر”: “إذا صحّ ما نقلته بعض وسائل الإعلام فسيكون ذلك حدثاً تاريخياً لم يفكر فيه أحد في تاريخ لبنان القديم والحديث والقادم…”. وأضاف “المهم ما شغل بالي، أين سيكون غبطة البطريرك في أثناء انعقاد الجلسة؟! وهل سيترأس الجلسة نيابة عن الرئيس الماروني الغائب؟!”، وختم “لدى ميقاتي أفلام لم يسبقه عليها أحد حتى أعظم المخرجين في هوليوود”.
وكان المكتب الإعلامي لميقاتي أصدر توضيحاً جاء فيه: “نؤكد أن لا دعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في الديمان الثلاثاء المقبل، بل لقاء تشاوري في المواضيع الوطنية، ودولة رئيس الحكومة في تصريحه بعد اجتماعه بغبطة البطريرك الماروني قال: خلال البحث مع غبطته كان هناك اقتراح بأن يُعقد لقاء للوزراء في الديمان للبحث في المخاطر التي تتهدد جميع اللبنانيين وبلورة كيفية مواجهتها وحفظ مجتمعنا من مخاطرها، فاقتضى التوضيح”.