كشف تقرير أصدرته منظمة بحثية سويدية مستقلة أن 98 في المئة من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعيشون تحت حكم أنظمة مستبدة.
وقال التقرير إن الديمقراطية تراجعت في هذه المنطقة منذ انطلاق انتفاضات الربيع العربي، بينما خرجت إسرائيل من فئة “ديمقراطية ليبرالية” للمرة الأولى منذ 50 عاما.
وقاس تقرير معهد V-Dem، التابع لجامعة غوتنبرغ في السويد، حالة الديمقراطية في العالم وفق مباديء تشمل العملية الانتخابية والليبرالية وتداول السلطة والمساوة أمام القانون.
ويشير التقرير، الذي اطلع موقع الحرة على نسخة منه، إلى استمرار الاستبداد في العالم، مشيرا إلى أنه منذ عام 2009، أي لما يقرب من 15 سنة على التوالي، طغت نسبة سكان العالم الذين يعيشون في ظل الاستبداد على نسبة هؤلاء الذين يعيشون في دول ديمقراطية.
والعالم منقسم بالتساوي تقريبا بين 91 دولة ديمقراطية و88 دولة استبدادية، لكن 71 في المئة من سكان العالم، أي 5.7 مليار نسمة، يعيشون في أنظمة استبدادية، بزيادة من 48 في المئة قبل 10 سنوات.
ويعيش 29 في المئة من سكان العالم، أي 2.3 مليار نسمة، تحت حكم ديمقراطيات ليبرالية وانتخابية.
ويقول التقرير إن حرية التعبير هي العنصر الأكثر تضررا في العالم، وازداد وضعها سوءا في 35 دولة في عام 2023، وتليها الانتخابات النظيفة التي تدهورت في 23 دولة وتحسنت في 12، ثم حرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك المجتمع المدني.
وأشار التقرير إلى الأنظمة المختلفة التي تحكم العالم، وهي ديمقراطية ليبرالية، وهي أعلى درجات الديمقراطية، وتعني الاستيفاء بالديمقراطية الانتخابية ووجود قيود تشريعية وقضائية على السلطة التنفيذية وحماية للحريات المدنية والمساواة أمام القانون.
وتعني الديمقراطية الانتخابية وجود انتخابات حرة متعددة الأحزاب، ودرجات مرضية لحق التصويت، وحرية التعبير، وحرية التنظيم.
وتعني الأنظمة الاستبدادية الانتخابية وجود انتخابات متعددة الأحزاب، لكن حرية التعبير والتجمع والانتخابات النزيهة غير كافية.
وأخيرا، الأنظمة الاستبدادية المغلقة وتتصف بغياب انتخابات متعددة الأحزاب وحرية التعبير وحرية التجمع، والانتخابات نزيهة.
وهذه خريطة توضح حال الديمقراطية في العالم مع العلم أنه كلما اقترب اللون من درجة “1” كلما دل أكثر على تمتع هذه الدول بالديمقراطية:
ويشير التقرير إلى تراجع صارخ في الديمقراطية في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، خاصة في بيلاروس وروسيا وهنغاريا وصربيا كرواتيا ورومانيا، مع وجود تحسن في كوسوفو، والجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية.
ويشيد التقرير بأميركا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبي، ويقول إنها تتعارض مع الاتجاه العالمي، إذ ترتفع فيها مستويات الديمقراطية، خاصة في الدول الأكبر حجما. ويشير إلى تحسن مؤشرات الديمقراطية في البرازيل، الدولة الأكثر سكانا في المنطقة، وفي دول أصغر مثل بوليفيا وهندوراس.
أما الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد “تراجعت تدريجيا منذ الربيع العربي… ولاتزال هي المنطقة الأكثر استبدادية في العالم، حيث يقيم 98 في المئة من سكانها تحت حكم أنظمة الاستبدادية”.
وتعيش نسبة كبيرة (45 في المئة) في أنظمة استبدادية مغلقة، مثل إيران وليبيا والسعودية، لكن 53 في المئة منهم يعيشون في أنظمة استبدادية انتخابية، مثل تركيا والعراق. و2 في المئة في تونس، التي تقع ضمن فئة الاستبداد الانتخابي في “المنطقة الرمادية”، أي تتأرجح بين هذه الفئة وفئة الديمراطية الانتخابية.
والـ2 في المئة المتبقين يعيشون في إسرائيل، التي فقدت مكانتها التي احتفظت بها منذ فترة طويلة كدولة ديمقراطية ليبرالية لتكون في فئة الديمقراطية الانتخابية، لأول مرة منذ أكثر من 50 عاما، “ويعود ذلك في المقام الأول إلى الانخفاض الكبير في مؤشرات قياس الشفافية والقدرة على التنبؤ بالقانون، وهجمات الحكومة على السلطة القضائية”.
وجاء في ترتيب الدول الـ10 الأولى في قائمة الديمقراطية الليبرالية: أستراليا وبلجيكا وكوستاريكا والتشيك والدنمارك وإستونيا وفنلندا وألمانيا وآيسلند وايرلندا.
ولم تحل أي دول عربية في قائمتي الدول الديمقراطية الليبرالية أو الانتخابية، بينما جاءت تونس في أنظمة استبدادية انتخابية بالمنطقة الرمادية.
وجاءت في قائمة أنظمة استبدادية انتخابية: الجزائر وجيبوتي ومصر والعراق ولبنان وموريتانيا وفلسطين/ الضفة الغربية.
وفي قائمة أنظمة استبدادية مغلقة جاءت الكويت والبحرين والأردن وليبيا والمغرب وسلطة عمان وقطر والسعودية والسودان وسوريا والإمارات واليمن.