وبرر نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي لـ”اندبندنت عربية”، المعروف بقربه من بري، أن 15 يونيو هو نوع من تاريخ تمنٍّ حدده رئيس مجلس النواب على اعتبار أنه في هذا التاريخ يكون قد شارف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على إنهاء ولايته ما قد يفرض على الجميع الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة لتعيين حاكم جديد، تجنباً لوقوع البلد في فراغ برئاسة المصرف المركزي، لكن المعطيات الحالية وتمسك كل فريق بموقفه، تؤكد أن الأزمة طويلة وهذا ما خلص إليه مصدر دبلوماسي عربي بعد جولة على قيادات سياسية في لبنان.
فالرهان على تراجع “الثنائي الشيعي” (حزب الله وحركة أمل) عن دعم مرشحه سليمان فرنجية هو من رابع المستحيلات يقول الفرزلي، كما أن حركة الاتصالات والمبادرات على خط القوى المعارضة لفرنجية، سعياً للاتفاق على مرشح بديل، تراجعت لكنها لم تصل إلى حائط مسدود كما يكشف النائب ميشال الدويهي.
في المقابل، لا مبادرات خارجية ملموسة باستثناء حراك غير معلن للوفد القطري ولقاءات رفع العتب الباريسية مع القوى المسيحية، في وقت ذكرت مصادر دبلوماسية فرنسية أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لم يتمكن من إقناع مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل بالعدول عن فرنجية ولم يستطع دوريل بدوره إقناع رئيس “التيار الوطني الحر” بالتسوية الرئاسية الفرنسية، وووجه بملاحظات وانتقادات فرنسية مباشرة حول أداء تياره طوال عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، خصوصاً في ملف الطاقة، عندما حاول الحديث عن الفساد وضرورة عدم انتخاب رئيس من المنظومة السياسية الفاسدة.
لا تغيير عن فرنجية
وتعترف غالبية القوى السياسية في لبنان أن الاستحقاق الرئاسي أمام طريق مسدود، فطالما لم يحصل تبدل في موقف “حزب الله” باتجاه التخلي عن فرنجية، ما يفتح باب الاتفاق على رئيس، وطالما لم يحصل تبدل في موقف رئيس “التيار الوطني الحر” باتجاه الموافقة على تمرير انتخاب فرنجية بطريقة ما، وطالما المعارضة عاجزة عن الاتفاق على اسم يمكن أن يحصل على 65 صوتاً أي النصف زائداً واحداً، فإن الاستحقاق الرئاسي سيظل يدور في حلقة مفرغة، حتى سيناريو المواجهة بين مرشحَين في المجلس لا يزال مستبعداً طالما قرار الدعوة إلى الجلسات في يد الرئيس بري الذي لن يدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس إلا إذا كانت ستنتهي برئيس، والمقصود فرنجية، كما يقول نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، “فإما فرنجية أو لا رئيس” يجزم الفرزلي، ويراهن على الإيجابية الحاصلة في المنطقة والإقليم معتبراً أنها ستؤدي إلى قوة دفع إيجابية، ستحسم في النهاية المسألة في لبنان بمواقف واضحة.
هذه الأجواء عززها كلام الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله الذي أكد أن المعطيات الإقليمية والتطورات في المنطقة تدعو إلى التفاؤل وقد تنعكس إيجاباً على الاستحقاق الرئاسي خلال الأيام المقبلة، ومن هذا المنطلق، يقول صديق بري نائبه السابق Wait and see أي “انتظر وشاهد”، مضيفاً “أي تفكير أو مراهنة بإعادة النظر من قبل بري أو “حزب الله” بترشيح فرنجية هو تفكير خاطئ، والأمر غير وارد لدى “الثنائي”، ولم يكن كذلك منذ لحظة تسميته، “وسيبقى على هذا الموقف حتى تأتي ظروف تأمين 65 صوتاً، ولا ينفي الفرزلي الانعكاس السلبي لهذا التأخير على المؤسسات وعلى اللبنانيين بشكل عام لكنه يعتبر أن المكون المسيحي سيدفع الثمن الأكبر، إذ ثبت عبر التاريخ أن التنازلات كانت دائماً تأتي على حساب المسيحيين نتيجة خلافاتهم الدائمة.
التواصل بين المعارضة و”التيار” مستمر
في مقلب المعارضة، الاتفاق على مرشح واحد لا يزال المهمة المستحيلة، في وقت لم تنجح مساع قادها حزب “الكتائب” والنائب “التغييري” ميشال الدويهي مع رئيس “التيار الوطني الحر” للاتفاق على اسم واحد، بعد أن تراجع باسيل عن دعم مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور لاعتراض “حزب الله” عليه. وأوضح النائب الدويهي أن الرئاسة مجمدة حالياً ولا جديد على هذا الصعيد بعد أن توقفت كل المبادرات والاتصالات والمفاوضات، نتيجة رفض كل فريق لمرشح الآخر، لكن الدويهي يعتقد أن هذا الجمود لن يكون إلى ما لا نهاية، كاشفاً عن مساع تحصل بهدوء من دون ضجيج إعلامي، رافضاً القول إن المفاوضات مع “التيار الوطني الحر” قد وصلت إلى طريق مسدود، فبحسب الدويهي، التواصل لم ينقطع “والكلام مع التيار مستمر داخل مجلس النواب”.
أضاف الدويهي “السياسة فنّ الابتكار وإيجاد الحلول”، مشدداً في المقابل على ضرورة ألا يكون الحل على حساب المواصفات المحددة بأن يكون سيادياً وإصلاحياً وإنقاذياً، فالرئيس الرمادي بحسب الدويهي سيزيد المشكلة ويعقدها بدلاً من حلها، أما الرهان فيبقى على ساعة الاستحقاق والحسم، عندما سيعيّن بري جلسة الانتخاب، لتفتح معها اللعبة السياسية، فيضطر حينها المترددون والرفضيون إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الرأي العام.
فرنسا للنواب: اتفقوا وانتخبوا رئيساً
وتترقب الساحة الداخلية زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس علها تؤدي إلى خرق في الجدار الرئاسي القائم، بعد اعتراض مسيحي على تخطي “الأم الحنون” معظم القوى المسيحية في مقاربتها الرئاسية، وبعد أن استقبل المستشار الرئاسي الفرنسي رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، من المنتظر أن يلتقي، الأسبوع المقبل، موفداً من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، لكن فرنسا التي زارها وفد نيابي موسع من مختلف الانتماءات السياسية، تنقّل بين الخارجية والجهات الفرنسية المانحة ومجلسي النواب والشيوخ الفرنسيين، عاد بانطباع أن باريس لا تزال مهتمة بالملف اللبناني لكن رسالتها إلى النواب “قوموا بما عليكم لنساعدكم”.
وكشف النائب أديب عبد المسيح الذي كان في عداد الوفد أن الموقف الفرنسي تجاه الاستحقاق الرئاسي بات شبيهاً بموقف السعودية لجهة عدم وضع فيتو على أي اسم، وألا اسم مفضلاً لديها، ودعت المعارضة والنواب إلى الاتفاق على اسم وانتخابه، ولا يمانع الجانب الفرنسي، بحسب عبد المسيح، أن يكون الرئيس المقبل قريباً من “حزب الله”، ولمسوا في لقاءاتهم تكيفاً فرنسياً مع سلاح “حزب الله” كأمر واقع، على رغم أن الفرنسيين لم ينظروا بعين الرضى إلى المناورة التي نفذها “حزب الله” على الحدود مع إسرائيل، وكشفت مصادر نيابية أن اتصالاً حصل مع “حزب الله” في لبنان أبلغ خلاله استياء فرنسا من العرض العسكري الذي لا يخدم، بحسب رأيهم، أجواء الاستقرار المطلوبة للبدء بالتنقيب عن النفط جنوباً.