“أتهددوننا بإسرائيل؟ أصبحت إسرائيل بالنسبة إلينا أوهن من بيت العنكبوت، وننظر إليها بأنها إلى زوال. إن هجمت إسرائيل فسنكسر لها أرجلها هي ومن معها”. بعد هذا الكلام لنائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم ربما على الوسطاء الدوليين أن يعيدوا النظر بمساعيهم لتسلك مبادراتهم اتجاهاً معاكساً. يجب أن يحذروا إسرائيل من مغبة ضربة عسكرية قد لا تبقي حجراً على حجر في كل مستوطنات الشمال، ويجب أن تفهم الحكومة اليمينية المتطرفة أن “قوة الرضوان” ربما أعدت خطة اجتياح إلى “ما بعد بعد حيفا”. في مقابل تهديد الشيخ قاسم بقرب زوال إسرائيل، ما يحصل كل يوم في جنوب لبنان هو مصير “غزاوي”، لكن بالتقسيط. إذا نقلت القنوات الفضائية صوراً من دون أن يشير المراسلون إلى أنها من جنوب لبنان لاعتقد المشاهدون أن هذا الدمار في غزة.
وإذا كانت لغزة حملة دولية تستنكر حجم الكارثة الإنسانية التي سببتها إسرائيل فربما على المجتمع الدولي أن يبدأ منذ الآن ضغطاً استباقياً على “حزب الله” ليلتزم القوانين الدولية والإنسانية عندما يبدأ حرب تدمير إسرائيل. قد يقال إن الشيخ نعيم قاسم يمارس “الحرب النفسية” لردع العدو ورفع معنويات بيئته الصابرة، وعسى أن تنجح هذه الوسيلة لأن فشلها له أثمان مادية وبشرية وسياسية.
من الواضح أن الامتعاض الدولي من “الوحشية الإسرائيلية” في غزة لن يكون بالقوة ذاتها في جنوب لبنان. لا يوجد “وحدة امتعاض دولي” لنظرية “وحدة الساحات”. فالضغوط الدولية ومنذ ما قبل “طوفان غزة” عنوانها الوحيد “حزب الله”. فداخلياً “اللجنة الخماسية” تريد منه أن يفك أسر الانتخابات الرئاسية، ودولياً “الثنائية الغربية” الممثلة بالولايات المتحدة وفرنسا تريده أن يمتثل إلى القرار 1701 ويخلي جنوب نهر الليطاني من السلاح، تفادياً لـ”طوفان إسرائيلي” لا تحمد عقباه.
وفي حال وقع المحظور يكون “حزب الله” قد أكمل ثلاثية جهنمية تتمثل بتحويل لبنان إلى “دولة فاشلة” في مؤسساتها، ودولة مفلسة في اقتصادها، ودولة منكوبة في سيادتها. على رغم كل المحاولات من القوى المعارضة داخلياً، والقوى المؤثرة خارجياً عمل “حزب الله” بوتيرة تسارعية لا تترك مجالاً لمنطق التسوية، ولو الشكلية. لقد اصطدم بكل الطوائف اللبنانية وكل الدول العربية، لذا “اليوم التالي” لبنانياً لن يحمل أي اختراق إيجابي، إذا لم تمتلك قوى المعارضة شجاعة البحث عن “لبنان التالي”، وما بقي منه بعد أن يكسر الشيخ نعيم “أرجل إسرائيل هي ومن معها”.