أعلنت إسرائيل أنها استهدفت في عملياتها الجديدة على لبنان، القضاء على مؤسسة “القرض الحسن”(AQAH) التي تعد الذراع المالي لـ”حزب الله”، والمدعومة من النظام الإيراني. وتحدث تقرير لقناة “واينت” الإخبارية بصورة مفصلة عن الأسباب التي دفعت بإسرائيل إلى مهاجمة فروع هذه المؤسسة المالية في أنحاء مختلفة من لبنان.
وبحسب هذا التقرير، فإن مؤسسة “القرض الحسن” المالية، التي لها نشاط مماثل للبنوك، كانت الحل الذي استخدمه “حزب الله” للتحايل على النظام المصرفي اللبناني، كما أنها لعبت دوراً مهماً في تمويل الحزب من خلال تبييض الأموال والالتفاف على العقوبات الدولية.
وورد في التقرير “صحيح أن صندوق القرض الحسن أنشئ كمؤسسة لمنح القروض للأسر المحتاجة في لبنان، إلا أنه أصبح في ما بعد بنكاً بالمعنى الحقيقي للكلمة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الهدف من استهداف فروع هذا البنك هو منع المساعدات المالية الإيرانية من الوصول إلى “حزب الله” اللبناني.
وصرح بعض المسؤولين الغربيين في وقت سابق عن بنك “القرض الحسن”، أنه وسع أنشطته وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدها لبنان في الأعوام الأخيرة، وأصبح أحد أكبر البنوك في البلاد، وباتت ودائعه تقدر بمليارات الدولارات.
وما يميز “القرض الحسن” عن بقية البنوك اللبنانية هو أن هذه المؤسسة المالية لا تخضع لرقابة مصرف لبنان المركزي ولا تملك حتى رخصة مصرفية، إضافة إلى ذلك، ونظراً إلى أنها مصنفة على أنها مؤسسة غير ربحية، فهي لا تدفع الضرائب للحكومة اللبنانية.
أنشئت عام 1982
تأسس صندوق “القرض الحسن” المالي عام 1982، كانت مهمة الصندوق في حينها تقديم القروض لجميع المواطنين اللبنانيين، بغض النظر عن الدين أو العرق، وذلك من أجل زيادة التضامن الاجتماعي. وانتشرت فروع صندوق “القرض الحسن” في أنحاء لبنان كافة، وقيل إنه “تفادياً لتضييع الوقت في السفر”.
ووفقاً لمركز “آلما” للأبحاث والتعليم فإن صندوق “القرض الحسن” يعد من أهم الأصول المالية لـ”حزب الله”، ووضع في قائمة العقوبات الأميركية منذ عام 2016، ولديه أكثر من 200 ألف عميل.
في عام 2021 وبعد اختراق صندوق “القرض الحسن”، نشرت معلومات حول حسابات العملاء، بما في ذلك حسابات أعضاء “حزب الله” الخاضعين للعقوبات الدولية، ومن بين المعلومات الأخرى التي كشف عنها تعاملات هذه المؤسسة المالية مع المؤسسات المالية الأخرى.
وفي مايو (أيار) 2021 نشرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تقريراً تحدث عن معلومات تخص الاختراق الذي طاول هذه المؤسسة.
ووفقاً لهذا التقرير، فإن مجموعة قرصنة مجهولة تدعى (Spider-Z)، قامت باختراق مؤسسة “القرض الحسن”، التي تعد الذراع المالي لـ”حزب الله” اللبناني، ونشرت وثائق أظهرت تفاصيل عملياتها.
وفي الملفات التي اخترقتها مجموعة Spider-Z، كانت هناك معلومات تتحدث عن بيانات وحسابات بنكية تابعة لنحو 400 ألف فرد وكيان. وإضافة إلى المواطنين اللبنانيين، كشفت هذه الوثائق المخترقة معلومات عن المهاجرين وأعضاء “حزب الله” ومؤسسات مختلفة وكبار المودعين وعن مؤسسات إيرانية ومصارف لبنانية كانت قدمت خدمات لمؤسسة “القرض الحسن”.
طريقة عمل مؤسسة “القرض الحسن”
ووفقاً لتقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات فإن مؤسسة “القرض الحسن” كانت تمنح قروضاً من دون فوائد في مقابل ضمانات مثل الذهب أو ضمانات طرف ثالث، وتفيد التقارير بأن إجمالي نشاط هذه المؤسسة المالية منذ عام 1983 حتى نهاية عام 2019 بلغ نحو 3.5 مليار دولار.
وفي يوليو (تموز) 2007، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على صندوق “القرض الحسن”، وأعلنت أن هذه المؤسسة ساعدت الأنشطة المالية لـ”حزب الله” ومنحته إمكانية الوصول إلى النظام المصرفي الدولي.
وفي عام 2011 إضافة إلى “مؤسسة القرض الحسن”، فرضت وزارة الخزانة الأميركية أيضاً عقوبات على ستة مكاتب للصيرفة في لبنان. وتعود هذه العقوبات إلى حقيقة أن “حزب الله” كان يستخدم هذه المكاتب كوسيلة لتحويل العائدات من أنشطته المختلفة، بما في ذلك تجارة المخدرات، إلى النظام المصرفي اللبناني لغسيل هذه الأموال من خلال النظام المالي الدولي. وبهذه الطريقة تمكن “حزب الله” من الحفاظ على علاقاته مع البنوك اللبنانية خلال هذه الأعوام على رغم العقوبات الدولية، وكشفت هذه الوثائق المخترقة عن أسماء هذه البنوك اللبنانية التي كانت على علاقة مع مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله”.
الحسابات الإيرانية
وجاء في تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن الوثائق المخترقة تظهر أن مؤسسات مالية عدة تابعة للنظام الإيراني كانت لها أيضاً معاملات مالية مع صندوق “القرض الحسن”.
ووفقاً لهذا التقرير فإن “مؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى” المحظورة من وزارة الخزانة الأميركية عام 2007 ومن خلال فرعها في لبنان، قامت بفتح حسابات عدة في مؤسسة “القرض الحسن”. وتقوم هذه المؤسسة ومن خلال فرعها في لبنان، بإرسال المساعدات المالية الإيرانية إلى المجموعات والأفراد المرتبطة بطهران في جميع أنحاء المنطقة.
ومن الحسابات الإيرانية الأخرى التي كشفت عنها هذه الوثائق هو حساب “لجنة الإمام الخميني للإغاثة”، إذ فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على هذه اللجنة ورئيسها التنفيذي علي حسن زريق عام 2010، وكذلك كان لشركة “ماهان” للطيران و”سكاي غيفت”(SkyGift) حسابات بنكية في هذه المؤسسة المالية.
وأظهر التقرير أيضاً أن هناك حساب بالعملة الأجنبية والليرة اللبنانية باسم لبنانيين (أيوب والسعيدي) في مؤسسة “القرض الحسن” لصالح شركة ماهان للطيران، كما أن شركة سكاي غيفت ممثلة المبيعات المحلية لشركة ماهان للطيران في لبنان، كان لها حساب باسم أيوب والسعيدي في مؤسسة “القرض الحسن”.
ومن الشركات الإيرانية الأخرى التي لديها حساب نشط في مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله”، هي شركة الخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير). وهذا الحساب كان باسم شخصين وهما روحاني وكسرائي، إذ فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الخطوط الجوية الإيرانية وللمرة الأولى عام 2011.
ومن المنظمات الإيرانية الأخرى التي لها حساب في مؤسسة “القرض الحسن” هي منظمة “الهلال الأحمر الإيراني”، إذ أظهرت الوثائق المخترقة أن الإذاعة والتلفزيون الإيراني وممثليها في لبنان كانت لديهم أيضاً حسابات نشطة في هذه المؤسسة. ووفقاً لهذه الوثائق فإن مسؤولي قناة “برس تي في”، ومنهم المدير السابق لقسم الأخبار في قناة “العالم” ناجي جاناني، والمدير العام للقنوات الإخبارية الإيرانية في لبنان محمود بجنوردي، كانا لديهما حسابات مالية في مؤسسة “القرض الحسن” في لبنان.
ووفقاً لهذا التقرير فإن المرشد الإيراني علي خامنئي كان لديه حساب في هذه المؤسسة المالية باسم حساب “ولي الفقيه”، وهناك حساب أيضاً باسم “السفارة” ومن المحتمل أنه حساب السفارة الإيرانية في لبنان.
وفي مؤسسة “القرض الحسن”، هناك حساب باسم “المساعدات المالية لأطفال اليمن”، ويقال إنه لمساعدة الحوثيين في اليمن، إذ أعلن أمين عام “حزب الله” عام 2019 أن الحزب أرسل مليوني دولار إلى “الإخوة في اليمن”.
كما أن لمستشفى “الهلال الأحمر الإيراني” (مستشفى الشيخ راغب حرب) ومديره ممثل “الهلال الأحمر الإيراني” في لبنان وجمعية “الكوثر” الخيرية، وهي إحدى المؤسسات الأخرى التي تخضع لإشراف المرشد الإيراني في لبنان، وبنك “صادرات”، حسابات بنكية في مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله” اللبناني.