كشفت مجلة عربية تفاصيل العملية الاستخباراتية المعقدة التي نفذتها أجهزة الأمن السورية، والتي أدت إلى اعتقال وسيم بديع الأسد، ابن عم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وأحد أبرز الشخصيات المتورطة في تمويل شبكات التهريب وتجارة المخدرات خلال فترة حكم النظام السابق.
ووفق ما نقلته المجلة، فإن وسيم الأسد، المصنف دولياً كأحد كبار تجار الكبتاغون في سوريا، تم استدراجه من مخبئه في مدينة طرابلس شمال لبنان إلى الداخل السوري، عبر خطة دقيقة أطلقت عليها السلطات الأمنية السورية اسم “كمين الذهب الأسود”.
وتعود بداية العملية إلى فبراير/شباط الماضي، حين حصلت أجهزة الاستخبارات السورية على معلومات مؤكدة عن وجود وسيم الأسد في شمال لبنان، حيث كان يتحصن داخل شبكة من الحلفاء المقربين من النظام السابق، بمن فيهم مهربون مرتبطون بـ “حزب الله”. ورغم لجوئه إلى الخارج، ظل الأسد يسعى للعودة إلى سوريا، مدفوعاً برغبته في استعادة مبالغ نقدية وسبائك ذهبية تركها مدفونة في مزرعة مهجورة بوادي العريضة، على الحدود السورية اللبنانية، خلال فراره في أواخر عام 2024.
وبحسب المجلة، وضعت وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات خطة محكمة لاستغلال رغبة وسيم في استرجاع “كنزه المدفون”. وتم تجنيد ضابط سوري لانتحال صفة عميل مزدوج فاسد، عرض عليه المساعدة في تزوير وثائق دخول وتأمين الحماية له مقابل الحصول على جزء من الأموال.
ولتضليل الهدف، جهزت الاستخبارات قوافل حكومية مزيفة لإيهامه بوجود تنسيق داخلي على مستوى عالٍ، كما زُرعت أجهزة تعقب في المركبات المستخدمة في العملية لتتبع تحركاته بدقة. وبعد دخوله الأراضي السورية متجهاً نحو المزرعة الواقعة في ريف تلكلخ بمحافظة حمص، تم إحكام الطوق الأمني على الموقع واعتقاله دون مقاومة تذكر، وفق المصادر.
وانتشرت لاحقاً صور لوسيم الأسد بعد الاعتقال، تظهره داخل زنزانة وقد بدا عليه الإرهاق، في صورة وصفها مراقبون بأنها ترمز إلى نهاية “حقبة الحصانة” التي تمتّع بها أفراد عائلة الأسد لعقود.
وكان وسيم بديع الأسد قد وُضع على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية منذ عام 2023، بسبب تورطه في إدارة معامل الكبتاغون وتسهيل عمليات تهريبها، إلى جانب دعمه لمجموعات مسلحة خلال الحرب. كما أدرج اسمه ضمن تحقيقات دولية عدة حول غسل الأموال وتهريب الآثار والأسلحة.
ويواجه الأسد حاليًا تحقيقًا أمام هيئة العدالة الانتقالية السورية، ضمن ملفات تتعلق بجرائم حرب، وتجارة المخدرات، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ووفق مصادر أمنية، فإن العملية تأتي في سياق حملة أوسع أطلقتها الحكومة السورية الجديدة عقب سقوط النظام السابق، استهدفت تفكيك شبكات التهريب والمحاسبة على جرائم المرحلة الماضية.