لم يُخْمِدْ مناخُ الحرب الذي «يقبض» على لبنان «حروباً صغيرةً» تشتعل في الداخل، نموذُجها الأكثر إثارة تلك الدائرة في «التيار الوطني الحر» وبين صفوفه.
ففي نحو 3 أسابيع، أقصي النائب آلان عون «طرداً» بـ «بيانٍ رسمي»، وأعلن النائب سيمون أبي رميا ببيانٍ مشابه استقالته من «التيار» لينضمّ إليه أمس، النائب إبرهيم كنعان.
ولم يكن عابراً أن يتولّى المؤسِّس التاريخي لـ«التيار الحر» رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، تغطيةَ فصْل ابن شقيقته، النائب الديناميكي آلان عون من صفوف التيار الذي يترأسه الوزير السابق النائب جبران باسيل، ثم رفيقيْ دربه أبي رميا وكنعان، وسط تنامي حركة اعتراض داخلية على أداء باسيل (صهر عون)، الأمر الذي يهدّد بانكماش كتلته البرلمانية مع انفلاش حركة المُبْعَدين و… المبتعدين.
فبعد طرد واستقالة عدد من جيل المؤسّسين والناشطين البارزين من «الوطني الحر» في مراحل عدة، وبينهم مَن تولوا مسؤوليات رسميةً كالنواب السابقين حكمت ديب، زياد أسود، ونبيل نقولا والوزير السابق ماريو عون والناشط نعيم عون واللواء عصام أبو جمرا، بدت الكتلةُ البرلمانية للتيار في حال ضمورٍ الأمر الذي من شأنه التأثير على المكانة السياسية لباسيل وحزبه.
ودشّن نائب رئيس البرلمان الياس بوصعب، طريقَ الخروج من «التيار» بسبب أزمة العلاقة مع باسيل الذي انتهى «الودّ المفقود» بينه وبين النائب عون الى طردِ الأخير الذي التزم الصمتَ حتى الآن رغم مقاربته النقدية لـ «التجربة العونية» في الحُكْم والسياسة.
ولم تكن مفاجئةً الاستقالةُ الحزبية لأبي رميا بعد أيام من إقصاء عون قبل أن يلتحق به النائب كنعان (أمين سر تكتل لبنان القوي ورئيس لجنة المال والموازنة البرلمانية) اعتراضاً على «الحقبة الباسيلية»، وهو ما بدا جلياً من البيان الذي كان أصدره أبي رميا و«التمهيد» الذي قام به كنعان حين أطلّ وبيده «مبادرة الفرصة الأخيرة».
وجاء في «حيثيات» استقالة كنعان كما كتبها: «أهلي في التيار، كنت قد عقدت في الرابع عشر من الجاري مؤتمراً صحافياً أطلقت فيه نداء لإعادة جمع الشمل في التيار الوطني، انسجاماً مع قناعاتي ومسيرتي ونزولاً عند رغبة القاعدة التيارية والعونية التي شاورتُها قبل الاقدام على هذه الخطوة، التي أعطيت مهلة أسبوع للتجاوب معها. وأتت قبلها بستة أشهر، مبادرة قمت بها بعيداً من الإعلام، من خلال اجتماعات سبقت وتلت رسالتي إلى رئيس التيار في 10 أبريل الماضي».
وأضاف: «انقضت مهلة الأسبوع وتوشك مهلة أسبوع آخَر على الانتهاء من دون أن ألمس أي رغبة بالتجاوب مع أي محاولة توحيدية أو انقاذية، لا بل أن التصويب على المبادرة وعليّ شخصياً بدأ حتى قبل عقد المؤتمر، وبشكل وصل إلى حد المس بالكرامة. وبناء على ما تقدّم، وبما أن محاولتي للمّ الشمل والحفاظ على قوة المجموعة بوحدتها، لم تلقَ آذاناً صاغية، وبعدما كان لي شرف المحاولة منذ أشهر داخل الأطر الحزبية، ومن خلال رئيس التيار، من دون أن أجد التجاوب المنشود، وبما أن فكري ونهجي وعملي كان دائماً مع الجمع وضد التفرقة، وطنياً وسياسياً وحزبياً، وانطلاقاً من مقولة الرئيس عون في كتابه«ما به أؤمن»: «عندما يُقال لي هذا مستحيل، أجيب يبقى لي شرف المحاولة»، لذلك، وانسجاماً مع مسيرتي وقناعاتي، لم يبقَ أمامي سوى خيار الاستقالة من الإطار التنظيمي للتيار الوطني الحر».
وسريعاً أعلن «التيار الحر» أنه «بعدما تمّ استدعاؤه البارحة الى مجلس الحكماء، وعلى الرغم من تحديد موعد له نهار الجمعة المقبل مع رئيس التيار، اختار كنعان ان يقدّم استقالته من التيار في الاعلام على أن يصدر التيار البيانات والمعلومات التفصيلية عن الموضوع لاحقاً».
ومعلوم أن تكتل «لبنان القوي» بدأ عقب انتخابات 2022 بـ 21 نائباً قبل أن يبدأ بالانكماش، إلى 20 مع قرار إبعاد النائب (وزير الصناعة جورج بوشكيان) من كتلة «نواب الأرمن» (وهي جزء من التكتل)، ليخرج بعدها انضمام النائب محمد يحيى وينضمّ إلى تكتل آخَر، وتنفجر «عاصفة» الإبعاد والابتعاد التي طالت كلاً من بوصعب، عون، ابي رميا وكنعان.