«كباش» بين الإصرار على عقد الجلسة وانتخاب رئيس، وبين العمل الجدي لتأجيلها أشهرا عدة، بغية تبديل هوية الرئيس الذي سيحمل الرقم 14 في تاريخ الجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، برئيس يأتي من اختيار الفريق المعارض بالكامل، وتحديدا رئيس يختاره رئيس حزب «القوات اللبنانية» د ..سمير جعجع.
سجال بين بري ود.جعجع، يتخلله تواصل بينهما عبر موفدين من بري إلى جعجع للنقاش في تأمين انعقاد جلسة التاسع من يناير، وتمرير الملف الرئاسي بإصرار من الرئيس بري على عدم ترك لبنان من دون سلطة مركزية، في ضوء الشغور في السلطة في سورية، وعدم وجود سلطة مركزية قادرة على إمساك الوضع في فلسطين، في حين وضع جعجع رزنامة حددها بشهرين على الأكثر، لتسليم «حزب الله» سلاحه والعمل في السياسة كسائر الأفرقاء اللبنانيين. وتطرح اليوم أسئلة تؤرق الشارع اللبناني عن موقف «الثنائي» حركة «أمل» و«حزب الله» في لحظة إقليمية حساسة تمر بها المنطقة، وليس سرا انه يستشعر خطرا عليه.
وكشف مسؤول سياسي لبناني رفيع لـ «الأنباء» عن ان «العين على الرئيس نبيه بري وتقديره للمخاطر، وخصوصا ما يتردد عن خسارة مدوية للمكون الشيعي، والخطوات الواجب اتخاذها لمنع غرق البلاد أكثر في صراعات إقليمية مفتوحة، تنتظر جلاء المشهد السياسي النهائي في سورية، والذي سيستغرق وقتا، لجهة تبيان شكل السلطة وسورية تاليا..».
واعتبر المسؤول السياسي «ان الرئيس بري الممسك بالعصا من وسطها في هذه الفترة الحرجة التي تحيط بالبلاد، لا بد له من العمل بجهد أكبر لتمرير الملف الرئاسي، وتأمين وصول رئيس توافقي بعيدا من التحديات، رئيس يؤمن حماية الاستقرار الداخلي في البلاد».
توازيا، كشف مقربون من رئيس مجلس النواب لـ «الأنباء» عن «بذله كل جهد لتأمين انتخاب رئيس وعدم تطيير الجلسة». وتحدثوا عن «تضييق الهوامش للوصول إلى مرشح توافقي من بين 5 إلى 6 مرشحين يتم التداول بهم ضمن لائحة قصيرة أمكن الوصول إليها».
وكان جعجع قال في حديث تلفزيوني إلى محطة «ام تي في»: «في حال لم يتجاوب حزب الله بالعودة إلى كنف الدولة، تقع على الحكومة مسؤولية تنفيذ الاتفاق الذي وقعته. وإذا لم يتم ذلك نحتفظ لأنفسنا بإعادة النظر بكل الأمور، وأعني ما أعنيه باعتبار اننا لن نقبل الاستمرار في الوضع الذي كنا نعيشه من دون وطن ومجتمع».
في الخريطة الانتخابية النيابية، لاتزال المعارضة التي تتولى «القوات» تنسيق أمورها، تقف عند رقم الـ 31 نائبا. وتستمر «القوات» مع شركائها في العمل على رفع العدد إلى 44 نائبا في مرحلة أولى، لضمان تعطيل النصاب القانوني للجلسة النيابية الخاصة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتعمل في هذا السياق على خطين: داخلي في تظهير الصورة للنواب المترددين بإمكانية إحداث تبديل كامل وجذري في المشهد السياسي اللبناني. أما الخط الثاني، فهو خارجي، بالطلب إلى دول خارجية فاعلة لها «مونة» على عدد من النواب، التدخل لثنيهم عن حضور الجلسة.
وتحدثت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» عن «ان الجميع ينتظر انقشاع الرؤية بعد تلاشي الحالة الضبابية التي تلف الأجواء الإقليمية وخصوصا معرفة المنحى الذي ستتخذه الأوضاع في سورية، لتبيان تداعياتها على الحركة السياسية اللبنانية».
وتابعت: «حسب المعلومات الأولية ستكون المرحلة الانتقالية في سورية طويلة. غير ان الأيام القليلة المقبلة ستظهر الصورة التي يمكن ان يكون عليها الوضع مستقبلا بعد انتهاء المظاهر الاحتفالية وردات الفعل سواء في لبنان او في المنطقة. ومن هذا المنطلق فإن الترقب سيكون سيد الموقف، وعلى أساسه ستشهد حركة الاتصالات السياسية تزخيما في الداخل اللبناني».
وأكدت المصادر «انه تمت الموافقة من الإدارة الأميركية الجديدة على ما هو أهم وأخطر مما يمكن ان ينعكس سلبا على لبنان جراء الأحداث على الساحة السورية، وهو اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل من دون أي اعتراض أو عرقلة، ما يعني فصل الحل اللبناني الداخلي لجهة إنهاء الشغور الرئاسي، عن الوضع في الإقليم».
في ميدانيات الجنوب، استمر الوضع على حاله بغارات وخروقات إسرائيلية، وآخرها قبل باستهداف سيارة قرب حاجز للجيش اللبناني في صف الهوا ببنت جبيل، ما أسفر عن سقوط قتيل وإصابة 4 عسكريين بجروح متوسطة. كما حفر الجنود الإسرائيليون خندقا قرب الطريق التي تربط تل النحاس بمثلث الوزاني في سهل الخيام مقابل مستعمرة المطلة، وفجروا عددا من المنازل في بلدة كفركلا.
وعلى الرغم من هذه الخروقات اليومية، يعول كثيرا على ضبط الأمور مع عقد عمل لجنة المراقبة لوقف إطلاق النار اجتماعها الأول خلال الساعات المقبلة في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة. ويرى البعض ان هذا الاجتماع سيؤسس لوضع حد للخروقات اليومية الإسرائيلية.
وأكد مراقبون انه مع بدء عمل اللجنة ستسقط الحجج الإسرائيلية، ومنها القيام باعتداءات تحت عنوان الرد على تحرك لمقاتلين من «حزب الله». وبالتالي سيصبح لزاما على إسرائيل إبلاغ لجنة المراقبة بأي أمر ليتولى الجيش اللبناني والقوات الدولية معالجته دون أي تدخل إسرائيلي مباشر.
وفي الداخل اللبناني، مضت الأيام في الثلث الأول من شهر ديسمبر، في عد تنازلي لعيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة. وتزينت المدن الساحلية والبلدات بزينة الميلاد. وأضيئت شجرة الميلاد في مدينة جبيل الساحلية المتوسطية، التي لطالما أدرجت عالميا بين أفضل شجرات الميلاد وأكثرها جمالا. وأطلقت بلدات أخرى أنشطة خاصة بالميلاد، تتضمن سهرات وحفلات في الشوارع، وتؤدي عمليا إلى تحريك الأسواق التجارية وتنشيطها في هذه البلدات.